عيسى بن علي الغساني *
* محامٍ وباحث في علم الاجتماع القانوني
يعدُّ اتخاذ القرار من أهم وأدق التصرفات التي يقاس من خلالها مدى صحة الأثر الذي يحدثه القرار على الجهة المستهدفة أو الشريحة المستهدفة.. والقرار الذي تتخدة الإدارة ليس له سوى غاية وهي تحقيق المصلحة العامة. وبالتالي؛ يكون مفهوم المصلحة العامة واضحًا ومحددًا وقابلًا للقياس. وعلى سبيل المثال: الأثر الشخصي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي من أهم عناصر القرار الرشيد؛ فعندما يُتخد قرار على سبيل المثال: قرار إغلاق المنشآت التجارية من الثامنة مساءً إلى الخامسة صباحا، وهو قرار مُتخذ بناءً على مُعطيات الحفاظ على الصحة العامة وتحجيم انتشار العدوى، وهذه هي المصلحة العامة بمفهومها العام.
قياس نتائج القرار
الآثار التي يُنتجها القرار تكون من حيث المبدأ مُتصوَّرة ومُتوقَّعة، وهي تحقيق المصلحة العامة للفرد والمجتمع. لكن عند ظهور القرار إلى العلن وإلى حيز التطبيق، تظهر آثار لم تكن متوقعة وخارج مفهوم المصلحة المتوخاة، وربما تكون هناك آثار سلبية. وهنا، تظهر أهمية أن تكون لدى الإدارة مرحلة متابعة وتقييم لآثار القرار.
مرحلة متابعة وتقييم الآثار
من أهم مراحل العملية الإدارية التي تعتمدها كلُّ المؤسسات: مرحلة المتابعة والتقييم لأعمالها وقراراتها؛ فعندما تظهر أعراض وآثار لقرار إداري لا تتفق مع الغاية والمصلحة العامة، هنا يأتي مفهوم وقف الآثار السلبية حتى لا تتفاقم وتصل الآثار إلى منطقة الكتلة الحرجة التي يصبح بعدها وقف أو تجميد أو سحب القرار مُتأخرا، وأحدث من الأضرار على الفرد والمجتمع والمنظومة ما لا يُمكن جبره أو إصلاحه. لذلك؛ توقيت المعالجة يظهر مدى الوعي والإدراك لكل الإيجابيات والسلبيات لآثار القرار.
قيمة سحب أو تعديل القرار أو تجميدة للإدارة والمجتمع
ثمَّة رابط معنوي بين جهة الإدارة ومحيط عملها، ألا وهو التعاون والتقدير المتبادل؛ إذ الإدارة هدفها وغايتها الفرد والمجتمع، والحفاظ على تقدير الفرد لدور الإدارة، وصيانة التماسك الاجتماعي والتآزر، فإذا ما اتضح وظهرت آثار سلبية لم تكن متوقعة ولم تكن في الحسبان، يغدو سحب القرار أو تعديلة ليس تصرفا رشيدا فحسب، بل حكيما ومطلبا تقتضية المصلحة العامة؛ ذلك أنَّ سحب قرار ما أصبح غير مُجدٍ، يُعيد للإدارة حقَّ ضبط إيقاع السلوك الاجتماعي، ويعيد للفرد قيمة تقديره للإدارة، وللمجتمع نواة تماسكه، ألا وهي ثقته المطلقة في رشد الإدارة، وأنَّ المصلحة العامة هي دستور تصرفاتها.
منهج قياس النتائج
وخلاصة القول.. إنَّه وعند صدور أي قرار من الأهمية بيان المصلحة العامة، ومنهج قياس النتائج المتوقعه وآثارها: الفردية، والاجتماعية، والاقتصادية، وأي آثار أخرى. فإذا ظهر غير ذلك سحب القرار أو عُدِّل، وسفينة الأوطان تُدار بالحكمة، والحكمة هي البوصلة والشراع، ويتوجهان مع الصالح العام وجودا.