اضطراب "ديسمور"

 

رحمة بنت منصورالحارثية *

"ديسمور" أو ما يسمى "اضطراب التشوه الجسمي"، يُعد اضطرابا وسواسيا نفسيا؛ حيث يشعر الفرد بفرط القلق وأنَّ به عيبًا أو تشوهًا في شكله أو بمعالم جسمه، شعوره هذا يؤثر عليه نفسياً وجسدياً، ويدخله في عزلة اجتماعية، مما يسبب له اضطرابات نفسية؛ كالاكتئاب والقلق وغيرهما.

وتشير الدراسات إلى أن 2% يصابون بهذا الاضطراب في العالم من الجنسين، وبطبيعة الحال فإنَّ الأسباب متباينة بين عوامل بيولوجية ونفسية وبيئية، وسوء المعاملة للفرد والإهمال الجسدي والعاطفي.

الأعراض تبدأ بفترة المراهقة أو البلوغ، والأعراض الشائعة تتمثل في التفكير بشكل مفرط عن وجود تشوه ما، وأفكار وهلوسات، والعزلة، ورهاب الاجتماعي، وانسحاب أسري واجتماعي، والتفكير بإيذاء النفس، والذعر والقلق، والتقليل من الذات، والاعتقاد بأنَّ الآخرين يسخرون منه ويحدقون بشيء ما فيه، والاعتماد على الآخرين، وتدني المستوى الدراسي، والانشغال بالمظهر، والهوس بالتجميل، والنظر للمرآة بشكل مفرط، ومشاكل اجتماعية، والتعاطي والإدمان، ورؤية النفس بصور مختلفة أمام المرآة.

أمَّا السلوكيات التي تنعكسُ على الفرد جراء هذا الاضطراب؛ فتشمل مُراقبة شكله بالمرآة العاكسة لصورته، وإزالة المرايا من المنزل أو المكان، وأنه لا يحب رؤية صوره الفوتوغرافية، ويحاول جاهداً تغطيه المكان الذي يعتقد بوجود تشوه فيه سواء عن طريق اللبس أو المكياج أو أي شيء يحجبه، ويحاول صرف انتباه الآخرين بالإفراط في اقتناء أو ارتداء شيء باهظ الثمن لإخفاء شعور لديه بالتشوه، وإن كان لا يُرى من قِبل الآخرين، والعدائية، والبحث عن العطف والحنان، والمقارنة بالآخرين، وهوس البحث عن معلومات متصلة بالشعور الذي لديه تجاه نفسه، والإفراط في عمليات التجميل دون تحقيق رضا ذاتي عنها.

... إنَّ ظاهرة هوس التصوير بالفلاتر لدى فئة المراهقين، وعدم رضاهم الذاتي عن أنفسهم ومظهرهم، والمكوث لساعات طويلة بتعديل صورهم ونشرها في وسائل التواصل، قد تؤدي بهم لهذا الاضطراب، إنْ تعدت الشكل الاعتيادي.

كما أنَّ عدم رضا وتصالح الفرد مع نفسه، وجد بيئة خصبة بتنوع تطور التقنيات ليبدو بصورة مغايرة عما يراها هو، كما أنَّها قد تؤدي لعواقب نفسية تدخله في الاكتئاب ومحاولة إيذاء النفس بسبب عدم الشعور بالرضا عن المظهر.

وإدمان هذا النوع من الصور قد ينطوي على هوس الشخص بمظهره الخارجي بشكل مَرَضي؛ مما يضطره للدخول في عالم العمليات التجميلية، متنقلًا من عملية إلى أخرى دون الشعور بالرضا عن النتائج.

والاهتمام المفرط بالذات يدفع لعدم الشعور بالأمان وتقلب المزاج.. أما الاعتدال، فهو الفيصل في التعاطي مع كل شيء، وأن تقبل الشخص لذاته يُشكل توازنا نفسيا لديه ليقاوم كل ما حوله من معطيات.

 

* إخصائية نفسية

تعليق عبر الفيس بوك