مشاريع حكومية لم ترَ النور

خلفان الطوقي

مئات بل الآلاف من المشاريع والمبادرات الحكومية أُعلِن عنها ورأت النور، لكن يبقَى جزء منها لم يرَ النور، وجزء آخر رأى النور مُتأخرا بسنين طويلة، وجزء آخر رأى النور، لكنَّه لم يكن كما صورته الرسومات والأخبار الإعلامية للمجتمع، وبعض هذه المشاريع تمَّت على أرض الواقع بعد أوامر تغييرية متعددة رفعت كلفة المشاريع والمبادرات بمبالغ ضخمة، أصبح عدد منها مثارَ جَدَل وتهكُّم مجتمعي.

إدارة المشاريع والمبادرات الحكومية ليست عملية سهلة، بل تضمُّ منظومة طويلة، وتمرُّ بمراحل عديدة، بدءًا من الفكرة إلى تسليم أمر التنفيذ، وبعدها تبدأ مراحل أخرى إلى تسليم المشروع أو تنفيذ المبادرة، وفي هذه الأثناء تتداخل الفرق الإشرافية والتنفيذية والاستشارية بعضها ببعض، وهذا كله يزيد التعقيد تعقيدا.

وفي حال أنَّ أيَّ مشروع  أو مبادرة حكومية لم ترَ النور كما صُوِّر للمجتمع، فإنَّ ذلك يعني أنَّ هناك خللًا معينًا، سواءً في دراسة الجدوى المُعدَّة، أو ضعف الشركة الاستشارية، أو سوء اختيار مدير المشروع، أو ضعف جهة الإشراف على المشروع. وبالتأكيد هناك خلل في إحدى مراحل المنظومة أدى إلى تعطل أو تأخر المشروع أو مضاعفة فاتورته بسبب الأوامر التغييرية المتكررة أو خفت نور المبادرة بعد تطبيقها.. تعدَّدت الأسباب، والنتيجة واحدة.

الحقُّ يُقال.. إنَّ هناك مشاريع ومبادرات حكومية كثيرة أُنجِزت، ولكي يُستفاد منها، يمكن أن يتم الوقوف عليها، والاستفادة من تجربتها، واستعراضها في المجالس المختصة، كما يُمكن حصر المشاريع والمبادرات التي تعطلت أو تأخرت أو خَفُت نورها مع الأيام  لسبب أو لآخر، وتكون هناك مكاشفة ومحاسبة إن استدعى الأمر ذلك، وتقييم ودروس مستفادة لباقي المشاريع والمبادرات الحكومية مستقبلا.

إدارة المشاريع والمبادرات الحكومية لم تَعُد كالسابق، بل أصبحت جزءًا من الحديث اليومي للمجتمع، وجزءًا أصيلًا من عمل مجلس الشورى الرقابي، ومن صَمِيم عمل جهاز الدولة للرقابة المالية والإدارية، ومن أهم المبادئ التي تُنادي بها رؤية "عمان 2040" في إطار الحوكمة والنزاهة والشفافية، وجميع من يَقَع في محيط المنظومة الإشرافية والتنفيذية والاستشارية لأي مشروع أو مبادرة حكومية، فهم محل تقييم ومساءلة ومحاسبة، ولابد من استيعاب هذه النقطة.

ويُمكنهم لتفادي أيَّ إخفاق مستقبلي القيام بخطوات عملية كالاستفادة من النماذج الناجحة في إدارة المشاريع والمبادرات الحكومية سواءً المحلية أو الدولية، وتطوير منظومة العمل ورفع معاييرها الإشرافية والتنفيذية والاستشارية والإدارية والتسويقية والمحاسبية والفنية، وهذا التوقيت هو المناسب لذلك، خاصة وأن الحكومة بحاجة إلى كل ريال ينفق، كما أن السلطنة تتجه تدريجيا وبشكل حذر لإعطاء صلاحيات أوسع للمحافظات وتقليل المركزية قدر الإمكان في قادم الأيام.