طالب المقبالي
كل منِّا يهتم بتربية أبنائه التربية الحسنة، وكل منِّا يسعى لأن يصل ابنه إلى أعلى مراتب التعليم، من الابتدائي إلى أن ينال شهادة البكالوريوس.
فمنِّا من يلحق ابنه بمدارس التعليم الخاصة، ومنِّا من يقتطع من دخله الشهري ليوفره لابنه للدروس الخصوصية للحصول على دروس تقوية، أو إلحاقه بدورات خاصة، ومنِّا من يلحق أبناءه بدورات لتعلم اللغات الأخرى، والبعض يبتعث ابنه للخارج لتعلم لغة أخرى كاللغة الإنجليزية أو الفرنسية من أجل ضمان مستقبل ابنه الوظيفي.
وغالباً ما يقف مجهود الأب عند حصول ابنه على الشهادة الجامعية "البكالوريوس" من إحدى الجامعات المعترف بها، وكثير منِّا من يقترض ويستدين من أجل إلحاق ابنه بإحدى الجامعات أو الكليات في حال لم يحالفه الحظ في الحصول على بعثة حكومية لمواصلة الدراسة الجامعية، فالجهد منصب في نيل الشهادة الجامعية لا أكثر.
ومن الأبناء من يكون لديه طموح أكبر لمواصلة التعليم العالي لنيل درجة الماجستير والدكتوراه، وغالباً ما تكون هذه بجهود الطالب نفسه وقد يُساعده والداه في المصاريف إن كانت أحوالهم المادية تساعدهم على ذلك.
الكل يتحدث عن المستقبل الذي يراه من منظوره الخاص وهو المستقبل الدنيوي، ولكن إذا نظرنا إلى الحقيقة فالمُستقبل هو لليوم الآخر الذي يجب أن نتهيأ له ونستعد إليه، فالمستقبل الدنيوي مطلوب من أجل العيش والاستمرار في الحياة وهذا أمر حتمي.
لقد كنَّا في الماضي ونحن أطفال نذهب إلى مدارسنا مع معلمينا في مدارسنا، وفي المساء ينتقل الدور إلى المعلمين الآخرين وهما والدينا، حيث يعلماننا التعاليم الدينية، ويحفظاننا القرآن الكريم ويحثاننا عليه، نسأل اللهم لهم الرحمة والمغفرة، فالمعلم الأول هم الوالدان، ومن ثم يأتي دور المدرسة المكمل لمسيرة التعليم في المنزل.
واليوم بحمد الله وتوفيقه سلمني أحد أولادي شهادة الفخر والعزة، شهادة من أغلى الشهادات التي دخلت بيتي طوال العقود الماضية، إنِّها شهادة حفظ القرآن الكريم، وهي الشهادة الثانية من هذا النوع التي تدخل بيتي.
هذه الشهادة لها أثر كبير ووقع خاص في النفس لا يشعر به إلا من عايش هذا الحدث الكبير.
فقد دخل بيتي من قبل عشرات الشهادات العلمية من بكالوريوس وماجستير وغيرها، وهي أيضاً شهادات فرحنا بها وافتخرنا بها ولا يُمكن أن نهضمها حقها فهي تعد شهادة إجادة لمسيرة تعليمية تعب فيها أولادنا إلى أن حصلوا عليها، وكانت فرحتنا بها كبيرة، وقد احتفلنا بها، وهاهم أولادنا بفضل الله ثمَّ بفضل هذه الشهادات قد نالوا مُبتغاهم وحققوا أحلامهم، ومنهم من التحق بالعمل، وبعضهم من تزوج وأنجب وأهدانا أحفاداً نسأل الله تعالى أن يجعلهم من الصالحين.
أما الشهادتان في حفظ القرآن الكريم فسبحان الله لهما وقع كبير وخاص في النفس، ولهذا كتبت هذا المقال، ونشرت تغريدة عبر منصة النشر المصغرة "تويتر" لأعبر عن فرحتي بهذه الشهادة، كما نشرت قبلها تغريدة سابقة في عام 2020 لنيل ابني الأول مثل هذه الشهادة، في حين لم أنشر أية تغريدة عن أيِّ شهادة أخرى حصل عليها أولادي غير هذه الشهادة التي أعتبرها مميزة وتوفيق من الله، ولا يُمكن أن ينالها إلا صابر مثابر ومجتهد وقلبه مليء بالإيمان.
ومن هنا أحث الآباء والأمهات على تشجيع أولادهم على حفظ القرآن الكريم فإنِّه ربيع القلوب والشفيع يوم القيامة.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا ويوفق أبناء المسلمين لحفظ القرآن الكريم، وعلى العمل به وأن يجعله لنا إماماً ونوراً وهدى ورحمة.