سهِّلوا على الناس

◄ ظهر عدد من الوزراء في الفترة الماضية إعلاميا ليعلنوا عن مبادرات وسوف يظهر الآخرون قريبا

 

خلفان الطوقي

بدأتْ مُعاناة الاقتصاد العُماني -أفرادًا ومؤسسات- منذ نهاية العام 2014م مع انخفاض أسعار النفط، وزادت حدة معاناة الكثير منهم في العام 2020 بعد سلسلة القرارات والسياسات التي أقرَّتها الحكومة ضمن برنامج التوازن المالي، والذي كان من أهم أهدافه إيقاف الهدر المالي في المؤسسات الحكومية، وتعظيم العوائد المالية، والسيطرة على الأرقام القياسية للدَّين العام الذي وصل لمستويات خطيرة، وتقليل العجز المالي السنوي، وتحفيز الاقتصاد.

واستطاعتْ الحكومة تحقيق عدد من هذه الأهداف؛ من خلال قرارات عديدة اتخذتها، ومعظمها قرارات مالية حقَّقت وفورات مالية رحب بها البيان الذي صدر الأسبوع الماضي من صندوق النقد الدولي (IMF)، والذي ضمَّ في طياته 14 نقطة، معظم هذه النقاط إيجابي، بالرغم من بعض الإشارات التي أشار إليها البيان، والتي يجب الانتباه إليها؛ وأهمها: وصول الدين العام للسلطنة بنهاية 2020 إلى حوالي 81% من إجمالي الناتج المحلي، وارتفاعه بشكل دراماتيكي.

ما قامت به الحكومة يعدُّ خطوة جريئة وضرورية وعملية، لكن تزامنها مع أعظم وأعقد أزمة عالمية صحية واقتصادية (كورونا) يجعل وضع كثير من الناس والمؤسسات التجارية في وضع صعب جدا، ويحتاج إلى معالجات استثنائية، فما هو مقبول في أوقات الرفاه والرخاء الاقتصادي، لا يكون مقبولا في الأزمات ولا أثناء السنوات العجاف اليابسات.

كثير من القرارات -مهما كانت صعبة- سوف تكون مقبولا إن قابلتها تعويضات من ناحية أخرى، على سبيل المثال: إلزام شركة عمانية بدفع رسوم إضافية معينة، ولكن يقابلها من الناحية الأخرى منحها وزنا إضافيا وأفضلية في المناقصات في المشاريع الحكومية، وإعفاء ضريبي مُعين إذا أسهمت في بناء مجمع صحي في منطقة بعيدة.. هذه أمثلة بسيطة لتوضيح مفهوم القبول والرفض، والأخذ والعطاء؛ فلا بأس أن تقرر الحكومة اتخاذ قرارات جريئة، لكنها ضرورية وتحقق أهدافا وطنية مستدامة، لكنه من المستحب أن تأتي وتُرفق معها حزم تحفيزية.

ظهر عدد من الوزراء في الفترة الماضية إعلاميا ليعلنوا عن عدد من المبادرات، وبكل تأكيد سوف يظهر آخرون قريبا للإعلان عن مبادراتهم، وهذا المقال ليس لتقييم المبادرات السابقة أو اللاحقة، لكن هدف المقال أن يقول لكل أعضاء مجلس الوزراء إنَّ الوضع الاقتصادي يمر بأصعب أوقاته، والموقف يتطلب قرارات اقتصادية شمولية وليس قرارات مالية فقط تزيد الوضع الاقتصادي سوءًا، وليكن هدف كلٌّ منكم -بلا استثناء- أن تحفزوا الاقتصاد، وأن تبتكروا بكل من أوتيتم من فكر ومال وبشر وتشريعات وأنظمة تكنولوجية ومبادارات وثغرات، ليكون هدفها أن تسهِّلوا على الناس ليستفيد من ذلك العباد والبلاد.