أكد أن الأحداث الفئة الأخطر للتعرض للابتزاز.. وحث على ضرورة رفع مستوى الوعي

مدير عام "التحريات": "مشاهير التواصل الاجتماعي" وراء ضحايا "التداول الوهمي"

◄ رصد شركات تداول وهمية تروج لاستثمارات ذات عائد مالي كبير في وقت قصير

مسقط- الرؤية

كشف العميد جمال بن حبيب القريشي مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية بشرطة عمان السلطانية أن حسابات عدد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي كانت سببا في وقوع ضحايا للتداول الوهمي، من خلال الترويج عبر إعلانات عن استثمارات وهمية تدر عائدا كبيرا في وقت قصير.

وقال القريشي إن الشرطة رصدت حالات لضحايا جرى إقناعهم عن طريق المعارف والأصدقاء وقاموا بتشجيع بعضهم البعض لاستثمار أموالهم في تلك الشركات الوهمية التي وعدتهم بدفع أرباح وشيكات مقدماً، لافتا إلى أنه في عدة حالات كان المجني عليهم ضحايا لمشاهدتهم إعلانات عن هذا النوع من التداول الوهمي عبر حسابات مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد العميد مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية أن قضايا الاحتيال والابتزاز الإلكتروني أصبحت من أبرز جرائم العصر الحديث نتيجة للتطور في منصات التواصل الإجتماعي وتنوعها، مشددا على أنه لا يمكن الحد من تلك الجرائم إلا من خلال الوعي المجتمعي؛ فلا أحد يستطيع منع شخص موجود في دولة أخرى من إرسال رسالة أو بريد إلكتروني لشخص يعيش في السلطنة، لكن عندما يكون المواطن أو المقيم قادرا على تفنيد محتوى تلك الرسالة أو البريد الإلكتروني فإنه يسهم في منع هذه الأنواع من الجرائم.

وأشار إلى أن الجرائم الإلكترونية تختلف من حيث طريقة ارتكابها كسرقة بيانات عملاء البنوك والاختراق والابتزاز والاحتيال الإلكتروني؛ حيث إن الأسلوب الجرمي يختلف حسب طريقة استدراج المجني عليهم، والمحفزات التي يستخدمها الجناة مثل الربح المادي السريع والمضمون، أو الحصول على خدمات أخرى أو عن طريق التهديد والإكراه، أو قناة التواصل مع المجني عليهم.

وأوضح العميد مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية أن جرائم الاحتيال الالكتروني ارتفعت بنسبة 25% بين عامي 2019 و2020، ولوحظ أن فئة من يقع عليهم الاحتيال لا يتقدمون ببلاغات، خاصة عندما يتعلق الموضوع بالابتزاز الإلكتروني، نظراً لحساسية البيانات التي تمكن الجناة من الحصول عليها. وحث القريشي المجني عليهم بأهمية إدراك أن العاملين في مكافحة هذه الأنواع من الجرائم قادرين على مساعدتهم وتوجيههم بالمسارات التي يجب أن يتبعوها بكل سرية، والتأكيد على من يقع ضحية لهذا النوع من الاستجابة لطلبات الجناة أن يكون يقظًا؛ فالاستجابة الأولى لهم لا تعد الأخيرة، إنما ذلك هو الطلب الأول فقط ويتبعه طلبات كثيرة.

الاستثمار الوهمي

وأوضح أن كافة منصات التواصل الاجتماعي يمكن استغلالها من قبل الجناة لارتكاب جرائم الاحتيال أو الابتزاز، حيث إن المنصات وسيلة تواصل فقط للوصول للضحايا، لافتا الى ان إدارة الجرائم الاقتصادية تعاملت مع عدة جرائم ارتكبت بواسطة برامج التواصل الاجتماعي مثل واتساب وانستجرام وسناب شات وبعض منصات الاستثمار في تداول الأسهم الوهمية في العالم الافتراضي. وقال إنه جرى رصد العديد من شركات التداول الوهمية التي تروج لاستثمارات ذات عائد مالي كبير في وقت قصير، والتي نجحت في إقناع العديد من الضحايا بالسلطنة، وقد اكتشفوا بعد ذلك أن تلك الاستثمارات ما هي إلا سراب لأهداف غير واقعية.

وقال القريشي إن هذا النوع من الاحتيال يعتمد على التركيز على الإعلانات لجذب الضحايا، فقد يظهر لدى متصفح أحد منصات التواصل الاجتماعي إعلان عن شخص يتحدث عن تجربته في الاستثمار في أحد مجالات النفط أو العملات أو الأسهم والنجاحات التي تحققت له في وقت قصير، كما يتم أيضا استغلال الأخبار ذات الرأي العام في الدول ويتم تضمينها قصة نجاح شخص في هذا النوع من الاستثمارات، مستغلين شعارات الصفحات الرسمية لبعض المواقع الحكومية من أجل إقناع الضحايا.

وأضاف أن شرطة عمان السلطانية تمكنت من مواجهة العديد من تلك الجرائم وقدمت العديد من الجناة إلى المحاكم، لكنه اوضح أن أغلب الجناة يتواجدون في دول أخرى، وكثيرا ما يلجأ المجني عليهم إلى الإبلاغ في وقت متأخر ولا يكون لديهم تفاصيل عن الشركة الوهمية إلا رقم حساب بنكي في دولة أخرى، وفي هذا الجانب تتعاون شرطة عمان السلطانية مع الدول الأخرى عن طريق المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول".

استهداف الأحداث

أما عن الفئة الأكثر عرضة للجرائم الإلكترونية، أوضح العميد القريشي أن جميع الفئات العمرية معرضة للوقوع كضحية لهذه الجرائم، لكن بمقياس أيهما أخطر فإنه بكل تأكيد تكون فئة الأحداث (ما دون سن الثامنة عشر) هي الفئة الأخطر للتعرض للابتزاز، كون هذه الفئة يمكن أن لا يكون لديها الوعي الكافي أو القدرة والمعرفة للتصرف الصحيح، وبالتالي فإن استجابتها لطلبات الجناة تكون أسهل وأسرع.

وشدد على ضرورة قيام أولياء الأمور بمتابعة استخدام أبنائهم للإنترنت، ويجب عليهم أن يدركوا بأن توفير أي جهاز إلكتروني للأبناء تقابله حاجة لذلك أو أن يكون ولي الأمر على علم بما يتصفحه ابنه من مواقع، كما توجد في بعض الأجهزة خاصية التصفح الآمن للأطفال؛ حيث يتم حجب بعض البرامج التي لا تتناسب مع أعمارهم. وأكد أن من الجوانب المهمة في هذا الشأن ضرورة متابعة تصرفات الأبناء اليومية وخاصة المصروفات التي يطلبونها، فإن زيادة طلب النقود من الأبناء دون معرفة الهدف من ذلك ربما يكون مؤشرا غير إيجابي يجب البحث فيه، كما إن العزلة وقضاء وقت طويل مع الجهاز الإلكتروني أيضا يعد سلوكا يجب الانتباه له.

التعاون الدولي

وعن التنسيق الدائم بين الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية بشرطة عمان السلطانية والمنظمات الشرطية الدولية حيال المستجدات المتعلقة بالجريمة الإلكترونية؛ قال العميد جمال القريشي إن هناك تواصل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول"؛ حيث توجد بالإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية إدارة متخصصة بالتنسيق لهذه الجوانب وهي إدارة الاتصال للشرطة العربية والدولية، تقوم باستقبال كافة المعلومات والبيانات عن الجرائم والأساليب الجرمية التي ترسلها الدول الأعضاء في المنظمة سواء بهدف التوعية أو طلب المساعدة أو غيرها من الجوانب، واستجابة شرطة عمان السلطانية تكون سريعة طالما يكون الطلب متوافق مع القوانين. وفيما يخص الجرائم الإلكترونية، قال إنه عندما يتم استلام معلومات عن أساليب إجرامية مبتكرة تم رصدها في دول أعضاء بالمنظمة يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لها والوقاية منها بشكل مباشر في السلطنة، بالتنسيق مع الجهات المختصة الأخرى، كما يتم تعميم الأساليب الإجرامية المستحدثة التي تندرج تحت تصنيف الجرائم الإلكترونية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسلطنة.

وحول المحاذير التي يجب أن يتبعها الشخص لتفادي الوقوع كضحية لهذا الأسلوب الاحتيالي قال العميد جمال: "قبل كل شي يجب التأكيد على أن لا تكون المعلومات الشخصية والمالية لمستخدم الإنترنت مكشوفة ومعروضة للمستخدمين الآخرين (للمتصفحين)؛ فهذه البيانات يجب أن تكون سرية ولا يتم الإفصاح عنها إلا بناء على سبب مقنع وآمن، كما إن طريقة التواصل يجب أن تكون آمنة وخاصة عند الشراء عن طريق الانترنت، ومن المحاذير الأخرى تقييم أي فكرة للاستثمار يتم عرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مبلغ الاستثمار والربح ومدة الاستثمار، فغالبا ما يحفز الجناة ضحاياهم من خلال طلب مبلغ معين يكون ربحه مضاعفا خلال مدة قصيرة جداً، وبالتالي يجب الانتباه لمثل هذه العروض (الحصول على الكثير من الربح مقابل القليل من الاستثمار) فإنها تؤدي بلا شك إلى ضياع الأموال واختفاء الجناة". وشدد على أهمية الانتباه إلى أنه غالبا ما يرافق تواصل الجناة مع الضحايا إلحاح وضغط نفسي، بحيث تكون اتصالاتهم متكررة ولا تعطي الضحية وقتًا للتفكير، ومحاولة التركيز على أهمية السرعة في اتخاذ قرار البدء بالاستثمار مع تذكير الضحية بالمردود الاستثماري الكبير في الوقت نفسه، لافتا الى أن العديد من المواطنين والمقيمين وقعوا ضحية لهذا الأسلوب الجرمي.

واختتم العميد جمال القريشي مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية حديثه قائلا: إنه يجب على الشخص أن يكون قادراً على تحليل المعلومات المضللة من خلال رفع مستوى وعيه فيما يخص الجريمة الإلكترونية، لأنه بشكل عام يسعى الجناة في مثل هذه الجرائم لعزل المجني عليهم عن مجتمعهم بهدف السيطرة عليهم بسهولة، كما يجب على الآباء تشجيع أبنائهم على التحدث عن المشاكل التي تواجههم وخاصة عند تعرضهم للابتزاز، لذا فإنه لا يجب بناء حواجز بين الأبوين والأبناء حتى لا يكون الابن عرضة للابتزاز بسبب الخوف من والديه.

تعليق عبر الفيس بوك