هل أنت عضو في "حزب الكنبة"؟

سالم بن نجيم البادي

"حزب الكنبة".. أسئلة كثيرة طرحت منذ ظهور هذا المصطلح، فهل كان سعادة وكيل وزارة العمل جادًا أم قاله على سبيل الدعابة وحسن النية، وبالتالي لا يستحق كل تلك التأويلات وردود الفعل؟! لا أعلم، لكن المعلوم أن مقولته تلك عزفت على وتر حساس وقضية في غاية الأهمية؛ وهي المحاسبة المسكوت عنها عن قصد أو غير قصد، والمهملة والتي لا تؤخذ على محمل الجد، أو هي "تمشية حال"، كما يُقال، بعد أن طغت عليها المُجاملة عبر السنوات الماضية.

من هو عضو حزب الكنبة المستحق للمحاسبة؟ وما صفاته أو العلامات المميزة التي يعرف بها؟ هل هو المقصر في أداء واجبه الوظيفي؟ وهو الذي لا ينتج وكل ما يشغل باله متى يحين موعد الانصراف؟! أو هو مدمن الهروب من الدوام بحجج واهية وكثيرة لا تنتهي. ومثله ذلك الذي يبصم في الصباح، ثم يتسلل خلسة، ولا يعود إلا بعد نهاية الدوام لبصمة الانصراف، ولا تسأل عن تلك الفترة التي بين البصمة الأولى والبصمة الثانية، ولا عن المراجع الذي قد يقطع مسافة طويلة يريد إنجاز معاملة ويقال له بكل برود الموظف طالع ما موجود.

هل عضو حزب الكنبة هو عدو للتجديد والتطوير والإبداع والابتكار وهو الملازم لكنبة الروتين القاتل الذي لا يستطيع التخلص منه أو لا يرغب مهما طالت سنوات عمله؟ هل هو الذي يرفض الإنماء المهني وتطوير الذات والقراءة والبحث والاطلاع وملاحقة الجديد في مجال عمله وحتى الورش التدريبية والدورات؟ قد يحاول الهروب منها مع أول استراحة بعد أن يوقع في سجل الحضور. وهل يُعد من أعضاء حزب الكنبة الموظف الذي يستقبل المراجع بعصبية ونرفزة ورفع الصوت؟ أو هو الموظف الذي يفترض في المواطن المراجع الغباء والجهل وعدم معرفة حقوقه وواجباته؟ أو هو ذلك الموظف الذي يفرح بتقدير واحترام بعض المراجعين له وأنهم يتقدمون إليه يسبقهم التذلل والخضوع ظناً منهم أن ذلك يسرع في إنهاء معاملاتهم؟ خاصة إذا كان الموظف من أصحاب المناصب العليا الذي قد يفهم أن بعضهم يقدسه ويطلب رضاه!!

أم هو ذلك الموظف الذي يقبل الرشوة وإن كانت مستترة؟ مثل عزيمة أو ذبيحة أو درام سح، وسطل رطب، وغراش عسل، وصناديق الفواكه، ولا أتكلم عن الرشاوى الدسمة ودهن السير!! أم هو ذلك الموظف الذي يتكاسل عن القيام بمهام وظيفته لأنه غير راضٍ عن الراتب ولأن ترقيته تأخرت وأن أحدا لا يهتم به ولا يقدره ولم يكرم ولا يحصل على التدريب الكافي والمتواصل؟

أم إنه الموظف الذي أمضى سنوات طويلة في وظيفته وقد أصابه الملل وهو عادة يرفض التعليمات والتوجيه والنقد بذريعة أنه قديم وربما أقدم من المسؤول ومن بقية الزملاء ومن الذي يفترض أن يقيم أداءه؟ أم إنه ذلك الموظف السلبي المتشائم الذي ينقل السلبية إلى الزملاء ويسخر من الجادين والمخلصين والمبدعين ويقضي جلَّ وقته يحاول تثبيطهم؟

والموظف المتسلق على أكتاف غيره المتحذلق الذي يركز على المظاهر وحب الظهور والإسراف في مجاملة المسؤول عنه، وهذا لا يفوت الفرصة في التقرب ممن هم أعلى منه مرتبة، ومن يعتقد أن بيدهم الخفض والرفع، والتواصل معهم برسائل صباح الخير ومساء النور وجمعة مباركة والأعياد والمناسبات والأتراح والأفراح وإن سنحت له الفرص للسهر معهم أو مرافقتهم في النزهات والأسفار وهو يتبع القول المعروف حسن علاقتك مع فلان وأمورك طيبة؟!

لا يقع كل اللوم على أعضاء حزب الكنبة وحدهم؛ إنها ثقافة المجاملة وغياب المحاسبة الجادة.

ويبقى السؤال: من المسؤول المؤهل عن الكشف عن المنتسبين لحزب الكنبة؟ ومن المسؤول عن محاسبتهم؟ وما العقوبة التي يستحقونها؟ هل خصم الراتب أم وقف ترقياتهم أم إلحاقهم بأصحاب "الثلاثين سنة"؟ ومن يُحاسبهم ينبغي عليه أن يتصف بالعدالة والموضوعية والشفافية والحياد والبعد عن العواطف وأن يصف أداء الموظف كما هو.

ندرك أن حزب الكنبة أقلية، وأن الخير والصلاح والإخلاص في العمل والتفاني في خدمة الوطن هو الغالب لدى أبناء عمان، وإن جرت محاسبة حزب "الكنبة العادية"، فيجب محاسبة حزب "الكنبة الفاخرة والوثيرة والمخميلة"!

 نأمل ذلك...