ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
سؤال يتردد كثيرا على ألسنة فئة تكاد تكون هي الشريحة الأكبر في المجتمع، لا سيما في ظل عوز حاجتهم وافتقادهم لأبسط أساسيات الحياة، خاصة وأن العالم يعيش عصر غلاء حتى في الضروريات بأنواعها نتيجة الأزمات المتتالية. وفي السلطنة، افترض البعض افتراضا مبنيا على الوجود النفطي والرخاء السلمي أن لا وجود للفقر بحكم وضع الرفاهية التي يعيشها نخبة من المجتمع، ولعل هذه النخبة تعتبر ضربا من الخيال لدى كثير من أبناء المجتمع نظرا للفارق المعيشي، ولأن هذه النخبة بعيدة عن العون والتعاون وهيهات أن يتعاونوا وأن يشعروا بعوز وحاجة غيرهم؛ فنحن في زمن لا يفكر فيه المرء إلا بنفسه، إلا من رحم ربي.
نعم... هناك جهات حكومية معنية بهذه الفئة، وهناك جمعيات خيرية منتشرة في كافة ربوع السلطنة، ولكن أعتقد أنَّ الوضع بحاجة لتنسيق العمل بينهم، وتعاون شامل وعام لتغطية الفئات المستهدفة من المجتمع فئات حوائجهم تختلف حسب ظروفهم المعيشية والصحية أحيانا. مُنَاشَدة وصلتني من مواطن أحببتُ أن أطرحها كما جاءت من باب الأمانة الصحفية في نقل المحتوى.. أترككم مع المناشدة:
"إلى المسؤولين بوزارة التنمية الاجتماعية: مئات الأسر العمانية تتضور جوعا وتتكبد ديونا وترقد في خرابات مع أسرهم، بل في خرابة واحدة، يلبسون ما انتهى من لبسه الآخرون، يفتقدون أبسط معايير الحياة من الاحتياجات الأساسية، والتي تفرضها الحياة اليومية، فأين هي وزارة التنمية من هذه المآسي الحارقة؟!! لماذا لا تتلمسوا أحوال مواطنيكم الذين ضاقت عليهم الحياة بما رحبت؟ لماذا لا نرى لكم دورا فاعلا في انتشال هذه الأسر من هذا الكدر؟
لقد استبشرنا خيرا بالثقة المباركة لجلالة السلطان هيثم بن طارق -أعزه الله- في معالي الوزيرة ليلى النجار في التغيير الجذري لهذه المآسي؛ لما عهدنا من معاليها من أدوار فاعلة في المجتمع قبل نيلها مرتبة وزيرة، ونتمنى أن يستمر هذا العطاء والجهد والاهتمام الفعال لهذه الفئة.
نرجو منكم يا معالي الوزيرة شد الهمم، وعقد العزم، نحو درء الألم عن هذه الأسر، حرِّكوا فِرَقًا ميدانية من وزارتكم الموقرة بالتعاون مع مكاتب أصحاب السعادة المحافظين لانتشال أولئك الفقراء من البؤس والضرر والسعي لعمل قاعدة بيانات واقعية لكافة الأسر المحتاجة، وبناء عليها تقوم برسم الخطط وتفعيل دور الجمعيات الخيرية والشركات في إطار الخدمة المجتمعية وأصحاب الأيادي البيضاء وتشجيع الفرق التطوعية والاستفادة من العروض المخفضة للأجهزة والشراء بكميات الجملة أو الاستيراد المباشر أو إعادة إصلاح كثير من الأجهزة القابلة للإصلاح ذات الضرر الخفيف.
لا أعتقد أن هناك بلدا بلا فقراء، ولكنى أتمنى أنْ لا أرى في عُمان فقيرا واحدا، فنحن بلد دعا لها رسول الأمة -صلوات ربي وسلامه عليه- بالخير والبركات.. والله يوفق الجميع لعمل الخير ورفعة عُمان".
مناشدة في اعتقادي أصابت بيت القصيد، وأوضحت واقع الحال بكل تجلياته، لم تأتِ هذه المناشدة من فراغ إلا من شخص عايش هذه الفئات وعلم ما تعانيه وتحتاج إليه، لا نقلل ممَّا تبذله وزارة التنمية الاجتماعية والجهات ذات العلاقة من جمعيات خيرية وغيرها، ولكن الوضع استفحل وزاد في ظل الارتفاع الهائل للأسعار، وبطء عجلة التوظيف، وتسريح عدد كبير من الشباب في القطاع الخاص وظهور الضرائب والوضع على حاله ينطبق على رواتب الضمان الممنوحة للأسر المحتاجة لم تزدد ولو بضع ريالات معدودة، لا يجب أنْ نتغنى بالدعم المقدم لقطاعات الكهرباء والمياه؛ لأن الأمر سيُصبح سيَّان بعد الارتفاع وسيرجع مبلغ الفاتورة هو نفسه كما كان، وربما تكون التعرفة الإجمالية أعلى من سابقتها!!
ومن باب الاستفادة من تجارب الآخرين الناجحة، فلمَ لا تقوم الجهات ذات العلاقة بدراسة التجربة السنغافورية الرائدة في مجال الزكاة على أمل تطبيقها لدينا، فقد حققت تلكم التجربة نجاحًا منقطع النظير، وأسهمت في تحويل العديد من الفقراء بسنغافورة إلى متوسطي الدخل عبر خطط مدروسة ومعايير نموذجية.
إذا سألتموني ما المطلوب؟
أقول لكم بالحرف الواحد: التضامن والتعاضد مع هذه الفئة من كافة شرائح المجتمع، والعمل يدًا واحدة وإعطاء هذا الموضوع الاهتمام الأكبر والعناية القصوى؛ فدعوة المظلوم والمحتاج لها باب لا يرد، وخير ما نختم به مقالنا هو حديث سيد هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ".