د. آسية البوعلي
حين أصدرت هيئة البيئة القرار رقم 23/ 2020 مفاده بناءً يتعلق بحظر استخدام الأكياس البلاستيكية أحادية الاستهلاك حفاظًا على البيئة العُمانية ومكافحةً للتلوث، الأمر الذي أسعدنا جميعًا إيمانًا منِّا بأنَّ تطبيق القرار منذ الأول من يناير 2021، واستمراره لن يتوقف تأثيره الإيجابي على المدى البعيد في المُحافظة على البيئة بل سيتعدى ليشمل الصحة العامة للمجتمع عبر التحكم النسبي للتلوث.
الأمر الذي يتسق شكلاً ومضموناً مع ما تصبو إليه حكومتنا الرشيدة من أهداف نبيلة وسبقها في مشاريع الحفاظ على البيئة على المستويين: العربي والدولي. وعليه كان تصوري الساذج بأنَّ القرار يعني ضمنيَا أنَّ المحلات التجارية بكافة أنواعها مجبرة على استبدال ما لديها من أكياس بلاستيكية أحادية الاستعمال بأخرى صديقة للبيئة. إلا أنني فوجئت حين دفع الحساب في إحدى المحلات الاستهلاكية بأنَّ المحل يحاسبني على الكيس البديل؛ الصديق للبيئة، لوضع مشترياتي. لم يكن الكيس مصنوعًا من القماش أو القطن أو الكتان أو الخيش أو حتى الورق كما لم يكن مطبوعًا باسم المحل أو أي شعار من شاكلة (كن صديقًا للبيئة... إلخ) بما يشير إلى خصوصيته واختلافه ومن ثَمْ يُحتم عليَّ شراءه!! كل ما هنالك أنه كان كيسًا بلاستيكيًا أبيض اللون سميكًا نسبيًا عن الأكياس المعهودة للاستعمال الواحد.
وتمشيًا مع هذا القول؛ حكى لي صديق: أنه في إحدى المرات ذهب إلى إحدى المحلات وكان معه كيس من محل آخر لوضع أغراضه، وحين الحساب على (الكونتر) أرغم على شراء كيس من المحل لمجرد أن الكيس الأول ليس من المحل وبه شعار لمحل آخر!!
والسؤال الذي يطرح ذاته ألا يكفينا ما تقوم به المحلات التجارية بصفة عامة، والاستهلاكية بصفة خاصة من استنزاف لجيب المواطن عبر رفع قيمة المبيعات بمختلف أنواعها وأصنافها وبصورة مستمرة وبدون إشعار مسبق؟
من الواضح أن قرار الحفاظ على البيئة تم استغلاله أبشع استغلال من قِبَل التجار؛ أصحاب المحلات، لصالح الجشع ولتحقيق مكاسب مالية إضافية ومن ثَمْ كان فرض الشراء لأكياس محلاتهم على المتسوقين، أين كل هذا من رِفعة فكرة مكافحة التلوث؟ ربما القارئ سيُعلق بينه وبين ذاته متعجبًا (الدكتورة تتكلم عن خمسين ومئة بيسة! الأمر بسيط لا يستحق التهويل). مقصدي لا الخمسين ولا المئة بيسة فحسب، بل كم من خمسين ومئة بيسة تدخل في جيوب التجار في الساعة الواحدة؟ فما بال اليوم الواحد والشهر والسنة؟ وما خفي كان أعظم، ألا وهو فعل واقع بلا سند قانوني.
لأنَّ المرسوم السلطاني رقم 29/ 2013 الصادر في 6 مايو 2013 والمتعلق بقانون المعاملات المدنية، ورد في الفصل الرابع/ الفرع الأول، وتحديدًا تحت (الكسب بلا سبب) أُدرجت المادة (201) التي تنص صراحة بأنه "لا يجوز لأحد أن يأخذ مال غيره بدون سبب مشروع فإن أخذه وجب عليه رده"، وتحت بند (دفع غير المستحق) الوارد في المرسوم ذاته، وردت المادة (203) لتنص صراحة "كل مَنْ قبض ما ليس مستحقًا له وجب عليه رده إلى صاحبه مع ما جناه من مكاسب أو منافع" (راجع:الجريدة الرسمية العدد 1012، صفحة 41).
وعليه.. فإنني أخاطب الجهات المعنية والمسؤولين وعلى رأسهم معالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وسعادة رئيس هيئة حماية المستهلك، وأناشدهما ضرورة إصدار قرار وعلى وجه السرعة بوقف الكسب غير المشروع، قبل أن يصبح هذا الكسب حقًا مكتسبًا للتجار، وذلك حماية لمصلحة المواطن والمُقيم. وتعزيزًا لمطلبي أوضح أنَّ القصد من مقالي لا حالة ولا شكوى فردية يلزم تقديمها لدى الجهات المعنية، خطوات وإجراءات بعينها أنا على أتم دراية بها، بل تسليط الضوء على فساد بل جرم يضر بالمصلحة العامة، حفظ الله عُمان قائدًا وشعبًا من كل مكروه.