روح التجديد

علي بن بدر البوسعيدي

تابعتُ وتابع معي جموع العمانيين المتغيرات الكبرى التي حملها المرسومان السلطانيان الساميان رقم 6/ 2021 و7/ 2021، والمتعلقين بإصدار نظام أساسي جديد للدولة وقانون مجلس عُمان، واللذان يبشران بعهد جديد يحمل الخير الوفير لعُمان وشعبها.

والمرسومان يتواكبان مع المتطلبات التي تفرضها المرحلة المقبلة، كما يتماشيان مع الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، تلك الرؤية الطموحة التي ستنقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة بإذن الله تعالى. ولا شك أن توقيت صدور هذين المرسومين يحمل الكثير من الدلالات، في مقدمتها أن مسيرة النهضة المتجددة تدخل عامها الثاني وهي تمضي بخطى واثقة نحو المستقبل، واضعة نصب أعينها مصلحة الوطن والمواطن.

أما مضامين المرسومين الجديدين، فتشير إلى أنه لأول مرة في عمان يكون هناك ولي للعهد وبيان مهامه واختصاصاته، مع وضع آلية مُحددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في بلادنا. كما إن صدور النظام الأساسي الجديد يُؤكد على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة، وكذلك التأكيد على دور الدولة في كفالة المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين، الأمر الذي يُواكب متغيرات العصر ويعزز الانفتاح المدروس. ومن الرائع أن نجد مثل هذا المبدأ الدستوري في نظامنا الأساسي للدولة، لأنه سيعزز من المساواة بين المرأة والرجل، ويضمن توفير الرعاية للأطفال والمعاقين والنشء، والشباب.

نقطة أخرى لفتت انتباهي وهي مسألة إلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وتشجيع إنشاء الجامعات والنهوض بالبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين، وهو ما يعكس توجه النهضة المتجددة نحو رفع شأن العلم والاهتمام بالعلوم والمعرفة، بما يساعدنا على بناء اقتصاد المعرفة وتنشئة أجيال واعدة تملك زمام المعرفة والعلم على أعلى مستوى.

كما إن تأكيد النظام الأساسي الجديد للدولة على الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والحياة الآمنة، وحُرمة الحياة الخاصة، كلها قيم عظيمة تحفظ كرامة الفرد وتصون المجتمع، وتؤكد الحقوق الأساسية لكل إنسان يعيش على تراب هذا الوطن.

ولعل النقطة البارزة التي سيتناولها النظام الأساسي الجديد للدولة، مسألة الرقابة ومُتابعة الأداء الحكومي، حيث سينص النظام على إنشاء لجنة تتبع جلالة السلطان تتولى متابعة وتقييم أداء الوزراء ووكلاء الوزارات ومن في حكمهم، فضلاً عن إفراد نص خاص لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لدعم دوره في تحقيق تلك الحوكمة.

إننا أمام نقلة دستورية كبرى تدعم تقدم عُمان واستقرارها ورخائها، كل ذلك بفضل الرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.