عام استثنائي

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

رحل عام 2020 بحلوه ومره، وبكل الأحداث التي شهدها العالم من محن ومآسٍ على الأمة، والتي لم يسلم منها بلد على الكرة الأرضية.

وقد بدأت المحن والمآسي على السلطنة وأبنائها والأمة العربية والإسلامية برحيل سلطان القلوب، جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في العاشر من شهر يناير 2020 .

أما جائحة كورونا كوفيد19 فقد عمَّت الكرة الأرضية بمآسيها العظيمة، والتي صاحبها انهيار أسعار النفط إلى أدنى مستوى له منذ عشرات السنين، أعقب ذلك غلق المطارات والحدود بجميع أنواعها الجوية والبرية والبحرية، وعطلت المنشآت التعليمية بشتى أنواعها في المدارس والكليات والجامعات، وأغلقت الجوامع والمساجد، والمنشآت الرياضية والمسارح ودور السينما وقاعات الأفراح، كما أغلقت العديد من الأنشطة التجارية عدا المحلات التي تبيع المواد التموينية.

كما منعت مراسم الزواج ومجالس العزاء واقتصر التواصل عبر الهواتف، كما شهدت جميع دول العالم الغلق الجزئي والتام ومنع الحركة إلا للضرورات القصوى.

وقد شهدت البلاد وفيات عديدة ولم تسلم بلد أو حارة من وجود حالات وفاة نتيجة الإصابة بهذا الوباء، وأصبحت أخبار الوفيات روتينا يوميا تعودنا على سماعه، وكأنَّ خبر وفاة شخص كخبر سفره إلى بلد ثم يعود.

وجراء تأثير وتداعيات الأزمة المالية والركود الاقتصادي فقد اضطرت العديد من الحكومات في العالم إلى وضع ضوابط من أجل ترشيد الإنفاق، كما قامت العديد من المؤسسات الخاصة بتقليص أعداد موظفيها.

كما فرضت العديد من الدول ضرائب على العديد من الخدمات، إضافة إلى رفع الدعم عن بعض الخدمات التي يشملها الدعم، ولم تكن السلطنة في منأى عن هذه الإجراءات، فقد لحق بعُمان ما لحق بغيرها جراء هذه الجائحة وجراء تهاوي أسعار النفط التي تعتمد عليه السلطنة بشكل أساسي.

ولعل قرارات التقاعد من المؤسسات الحكومية لمن أكملوا 30 سنة في العمل هي جزء من هذه الإجراءات، تبعها رفع تعرفة الكهرباء والمياه، يتبعها رفع الدعم التدريجي للكهرباء والماء.

ربما تكون هذه الإجراءات هي جزء من الحل، ولكن هناك تدابير أخرى اتخذتها السلطنة من أجل تنويع مصادر الدخل من خلال إنشاء مؤسسات استثمارية، وخلق فرص ومشاريع استثمارية في البلاد، ودعم وتشجيع الاستثمار في العديد من المجالات الصناعية والتجارية.

العام 2020 لن تنسى مآسيه العديدة، فعلى الصعيد الشخصي كان لي نصيب من هذه المآسي، وهي فقد أبي الروحي جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- والذي لا زلت غير مصدقٍ في قرارة نفسي أنه رحل.

فقد عايشت هذا الرجل منذ طفولتي وحتى شيخوختي، منذ بداية تعليمي ونشأتي والتحاقي بالعمل، وانتهاء بتقاعدي، كل هذه المراحل من حياتي مرت في ظل عهده الزاهر.

أما المأساة الثانية فهي فقدان أخي العزيز الذي غادر دنيانا الفانية بعد إصابته رحمه الله بكوفيد19 .

وهناك مآسٍ أخرى ذكرتها في مقالي المنشور بجريدة الرؤية بتاريخ 22/4/2020 بعنوان " ثلاث نكبات قوضت المخططات" ثم توالت النكبات برحيل الأحبة.

فقد رحلت 2020 بمرها وحلوها بلا عودة، وحتى لا ننكر حلو هذه السنة فهناك نوافذ مُضيئة صاحبت هذه السنة الكبيسة، ففي حياتي الشخصية هناك عدد من المناسبات الجميلة التي تحققت هذا العام، وأولها التقاعد الذي اخترته مع مطلع هذا العام طواعية، وهذا بحد ذاته عامل نفسي جيد أن أخرج للتقاعد برغبة لا بإرغام على التَّقاعد، والثاني زواج اثنين من أولادي، والثالث شراء منزل ملك في العاصمة مسقط، وهذا بحد ذاته حلم من أحلامي قبل الخروج إلى التقاعد، ومن بين خُطط التقاعد التي رسمتها قبل طلبي له بفترة كافية.

ومن هنا يجب علينا ألا ننظر إلى الحياة من جانبها المُظلم، فهناك جوانب مُضيئة يمكننا استغلالها والسعي لتحقيقها، وفي الأخير واجب الشكر لله تعالى على السراء والضراء.