العالم بانتظار "أسرع انتعاش اقتصادي" منذ عقود

ترجمة - الرؤية

مع انقضاء كابوس 2020، وبدء توزيع لقاحات "كوفيد 19"، يعتقد العديد من الاقتصاديين أن التعافي الاقتصادي العالمي في العام 2021 قد يكون الأسرع منذ عقود. وإن استمرت مخاوف الوباء، وعمليات الإغلاق المرتبطة به، والتي ستترك إرثًا قاتمًا قد يستغرق أيضًا عقودًا للتغلب عليه.

وفي أحدث تقاريرها، قالت "فورين بوليسي" الأمريكية تحت عنوان "توقعات 2021: انتعاش سريع لكن مجموعة كبيرة من المشاكل الاقتصادية الجديدة"، إنه وحتى مع انتخاب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة، وهو دولي معلن، لن يكون كافيًا لتفادي التهديدات الهيكلية التي لا تزال تعصف باقتصاديات الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى. ولن يتلاشى 74 مليون أمريكي ممن صوتوا لصالح دونالد ترامب والسياسات الحمائية والقومية الجديدة التي تبناها كلاهما، ولا المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي تكمن وراءهما.

فبعد عام كئيب، شهد فيه كل اقتصاد رئيسي تقريبًا انكماشًا -مع استثناء وحيد واضح للصين- يتوقع معظم الاقتصاديين أن يعود عام 2021 بالنمو مرة أخرى. فوفقًا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 5.2% هذا العام، كما يتوقع اقتصاديون آخرون أن تكون أقوى الدول أداءً هذا العام هي تلك البلدان التي قامت بإغلاق شديد في العام 2020، بقيادة المملكة المتحدة وإسبانيا. وعادت الصين، من جانبها، بالفعل إلى النمو الاقتصادي العام الماضي ومن المتوقع أن تتمتع بعودة نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي باعتدال هذا العام.

وفي الولايات المتحدة، وبعد صيف مدمر، تشير التوقعات إلى انتعاش كبير. وقال أندريه شليفر الاقتصادي البارز في جامعة هارفارد: "أفترض أنه إذا لم يفسد التطعيم أو يتباطأ، فسوف نحقق انتعاشًا اقتصاديًا كبيرًا".

وكتب أكسفورد إيكونوميكس في تقرير حديث: "نتوقع أنْ تمثل السياسة التجارية لبايدن انفصالاً عن السنوات الأربع الماضية، ولكن ليس عودة إلى أجندة التجارة الحرة لما قبل عام 2016”. وأضاف التقرير: "الصفقات الكبرى مثل نافتا في عهد بيل كلينتون، أو الشراكة عبر المحيط الهادئ في عهد باراك أوباما، أصبحت لا تحظى بشعبية عبر الطيف السياسي، وهو ما من المرجح أن يجعل الرئيس المنتخب بايدن أقل تأييدًا للتجارة مما كان عليه كنائب للرئيس".

وإذا كان صعود ترامب مدفوعًا جزئيًا بعدم المساواة في الدخل الذي تفاقم بعد الركود الأخير في 2008-2009، فإنَّ استمرار عدم القدرة على إصلاح هذه المشاكل سيؤدي إلى مشاكل سياسية، خاصة في أعقاب اضطرابات اقتصادية غير مسبوقة خلال الوباء.

وقال مارك جيرتلر الخبير الاقتصادي بجامعة نيويورك: لقد أدى الوباء والركود الأخير إلى تفاقم المشكلة، "فأولئك الذين يعملون في وظائف ذوي الياقات البيضاء، كما هي الحال في قطاع التكنولوجيا الذي يتقاضى رواتب عالية بالفعل، حققوا نتائج جيدة إلى حد ما، في حين أن العمال ذوي الدخل المنخفض، خاصة في الصناعات الخدمية، تعرضوا لأسوأ الضربات؛ مما أثر على جزء أكبر بكثير من الطبقة المتوسطة التي تعاني بالفعل، وكثير منهم يعانون أيضًا من أعلى تكاليف التأمين الصحي.

وأوضح فريق بايدن الانتقالي أنَّ برامج إعادة التدريب على الوظائف الطموحة، بالإضافة إلى فاتورة البنية التحتية الضخمة التي يمكن أن تعيد بناء دولة متداعية وتكون بمثابة حافز مالي، هي أولويات كبيرة. لكن الرئيس الجديد سيجد صعوبة في دفع تشريعات ضريبية تصاعدية، مثل الضريبة الجديدة المقترحة على الأثرياء، وائتمانات ضريبة الدخل المكتسبة الموسعة، والإعفاءات الضريبية الجديدة للتأمين الصحي، ورعاية الأطفال، ورعاية المسنين، وملكية المنازل.

ومع استمرار عدم اليقين في السيطرة النهائية على مجلس الشيوخ، يظل التساؤل: هل سيكون لبايدن الثقل السياسي في الكابيتول هيل لتحقيق كل ذلك؟ أم أنَّ الجمود السياسي سيؤدي لعقد آخر ضائع من تزايد عدم المساواة والاستقطاب السياسي، وفي نهاية المطاف تجديد الترامبية؟

تعليق عبر الفيس بوك