صراع التعليم في زمن "كورونا"!

أصيلة بنت حمد الحبسية

معلمة لغة انجليزية

aseelalhabse@gmail.com

 


جاء ليُعلمنا أن روتين الحياة لا يمكن أن يستمر على وتيرةٍ واحدة، و دوام الحال من المحال، والتغيير والتزامن مع تقلبات الحياة في نظام الحياة هو أمر لا مفر منه.

جاء ليختبر كفاءة الدول والمجتمعات على المستوى الصحي والتعليمي التي لم تعد له أي حُسبان!! بل جاء ليفرض عرشه وهيمنته اللامحدودة في شتى بقاع العالم، وفي مختلف الأنظمة السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية.

نعم.. إنَّه كورونا، ذاك الضيف الثقيل الذي أتى على العالم على حِين غرةٍ من أهلها، ليفرض قوانين وأنظمةً لم تكن في الحسبان. نعم، ظهرت أنظمة جديدة على مستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتعليمي. وفي هذا المقال، سوف أتناول بعض التحديات والصعوبات التي واجهتها الدول النامية على القطاع التعليمي، وكيف استطاع كورونا أن يقلب النظام التعليمي بها، وجعلها تنتقل من طفرةٍ تعليمية تقليدية إلى طفرةٍ تعليمية رقمية لم يعهد إليها النظام العربي أجمع؛ حيث اعتبرت التعليم الإلكتروني كان مُجرد نظريات ودراسات أكثر من كونه نظاماً تطبيقياً وعملياً.. ومن هنا، جاءت التحديات والصعوبات في نظام التعليم عن بُعد. وكوني مُعلمة في إحدى مدارس السلطنة، والتي تواجه هذه التحديات في النظام التعليمي الحديث، أحببت أنْ أشارك هذا المقال وأوصل رسالتي إلى ذوي الاختصاص، عمَّا نكابده يومياً ونحن نمارس المهنة الشريفة والشاقة في نفس الوقت، لعل وعسى أن تصل رسالتي إلى الهدف المنشود.

أوَّل هذه التحديات هو لازمية توفير الأجهزة الإلكترونية الذكية التي يجب على الطالب أن يستخدمها لكي يتلقى دروسه، ولكن ما إذا كان ربُّ الأسرة يُعيل أكثر من ابن وابنة، فهل لديه الإمكانيات المتاحة لتوفير الأجهزة لأبناءه؟! يقول (ح. ر): "دخلي لا يتعدى 600 ريال وبالكاد تغطي مصاريف الحياة من مأكل ومسكن وملبس وفواتير المياة والكهرباء والغاز والهاتف ناهيك عن مصاريف الأبناء ومتطلباتهم اليومية".

اما التحدي الثاني والأدهى و الأمر والذي يعاني منه المعلمون أولاً والطلاب ثانياً على حدٍ سواء فهو يتمثل في الشبكة الضعيفة التي تكاد تكون منعدمة في كثير من القرى ناهيك عن ارتفاع أسعارها وذلك لاحتكار الشركات التي اعتبرت جائحة كورونا فرصة ذهبية لاكتساب الأرباح و اعتبرت أن الأمر مسؤولية فردية وألقت باب الإنسانية بعرض الحائط!! وليست هذه المشكلة تنحصر لدى الطلاب فحسب بل حتى المعلمين عانوا الكثير منها أثناء تأدية الحصة المتزامنة فكم من الحصص ضاعت بسبب ضعف الشبكة بل الانقطاع الفجائي أثناء الحصة. تقول الأستاذة (ا.ح) :"بصراحة ماقادرة أنهي حتى وحدة من المنهج بسبب ضعف الشبكة وانقطاعها المتكرر أثناء الشرح." أما ر.ي فتقول بنبرة حادة عن معاناتها وصراعها مع الشبكات: "لقد أصبحت أموالنا تذهب لتغطية مصاريف الشبكة بدلاً عن مصاريف الحياة اليومية ففي اليوم الواحد نضطر لشراء رصيد لا يقل عن 5- 10 ريالات لانضمام أبنائي في المنظرة أو المنصة فإلى متى هذا الحال؟؟!!".

هذا لسان حال اغلب أولياء الأمور فليس الجميع لديه القدرة للاشتراك الشهري وما يسمى بالواي فاي!!

أما التحدي الأكبر والأخير فهو عدم جاهزيةالطلاب لمثل هذا النظام التعليم وعدم توفير الدورات للطلاب لكيفية استخدام المنصة أو المنظرة وكيفية إرفاق الواجبات وحل الاختبارات. بل وحتى و المعلمين لم يكن هناك التدريب الكافي والوافي لمثل هذا النظام من التعليم واختصار الدورة في ٥ايام فقط والاغلب كانت تقتصر على الجانب النظري أما الجانب العملي لم يكن هناك التدريب الكافي لكيفيةإعداد الدروس والاختبارات على الوجه الأمثل واعتبار اكتساب هذه الخبرات تقتصر على التصفح من مواقع الإنترنت من يوتيوب او تبادل الخبرات من وسائل التواصل الاجتماعي!!

وختاماً لا شك أن التعليم هو الركن الأول والاساس لنهضة الأمم و تقدم الشعوب وإيقاف التعليم هو الشي الذي لا يتقبله العقل والمنطق ولكن أليس من المنطق تطبيق مثل هذا التعليم (عن بُعد) قبل فرض نفسه علينا؟! واعتباره من أساسيات النظام التعليمي دون انتظار الكوارث والأوبئة لتفرضه علينا؟!! وماذا عن الشركات المحتكرة التي لا تراعي مستوى دخل الفرد و ألقت بالإنسانية عرض الحائط ألم يأن أن تتخذ إجراءات قانونية ضد عدم تعاونها و إيقافها وإحضار شركات أخرى بديلة وأكثر تنافسية ومراعاة للإنسانية؟!

تعليق عبر الفيس بوك