برتقال حامض وليمون حلو

 

وداد الاسطنبولي

كُنت في زاوية مظلمة، أسترخي.. ألقي بنظري على هذه الشاشة الفضية، وأذناي ترهفان إلى حديث جانبي، شدني إثارة الجدل فيه بأسلوب مضحك فكاهي تارة، وبشد أعصاب تارة أخرى، فأصابني من حديثهما حس الكتابة والإلهام في مُخيلتي من الحديث الدائر، أم أنَّ انعكاس نور مشكاة الشاشة على المكان وكأنه ليلة بدرية تسطع على البحر يقينا هو ما حمَّسني لمقال مخملي.. هههه هههه، أيضا لا علاقة له بالحمضيات التي تنكمش لها عيناي، ثم أدركت بعدها أنَّ كلَّ شيء له علاقة ببعض فالحياة تتقارب كل جوانبها وتتصل، إن كان الأمر تمويها أو واضحا.

القلمُ بدأ يسطِّر أول عتبة حروفه في تساقط أوراق الزمن التي تشبه إجهاض أوراق الخريف في سقوطها، وهناك أحداث تُلملم نفسها لتتلاشى وتكنُس عبقَ ما مضى لتستقبل إشراقات قابلة للتفاؤل والابتسام.

وفي حين هناك عِراك يحمله مخاض جديد لولادة قادمة ستبعث من الثقب ميلادا جديدا، لا تزال شفتاي تحمل الابتسام على ثغرها.

هناك عثرات مُؤلمة سجلت، ولكن تجاوزناها بالعزيمة، ودموع سقطت على رحيل محبيها  والتقطتهم الأرض بأحضانها وعشنا على أمل جميل أنَّ أرواحهم تتدثر في أرض أوطانهم، وهناك آمال تطلب الإغاثة ورجاء يدعو للاستجابة، وأمطار أغرقتنا سيولا وابلة، وخلفت حدائق مثمرة، وهتافات صامتة، وأجوبة قادمة للبوح.

فالحياة كالحوامض.. بقدر حموضتها واستشعارك بالتقشعر منها، إلا أنَّ لها فوائد كثيرة في بناء أجسامنا.

وعلل استهدفتنا، وبالمكافحة والاهتمام منا تلاشت حدتها، وهناك أفكار تتزاحم وتتسابق على النطق والتدفق، ولكن لا أريد أن أقع في فخ الطحن الذاتي كما أكد ذلك الأطباء، خاصة الكاتب الأمريكي "دوغلاس بلوخ" في تحذيره من الطحن الذاتي.

أرجع إلى موضوع العنوان ومعادلة متساوية، هل جاءت مصادفة في أرقامها:

حامض + حلو

20 + 20

كل شيء يُكمل الآخر، وكل شيء مضاد يُقابله عكس ذلك، وهذه سمفونية الحياة.

وهذة السنة 2020م حملت في أحشائها حوامض أثقلت كاهل نفوسنا، وفي جوفها آلام وأسرار لا تُباح، ولكن نصفها الآخر امتلأ بحلاوة غطت طعم المرارة، ليزهر عام جديد بعد رحيل عام انتهت صلاحية وجوده إلا من ملف الذكريات، ليعوضنا الله بخير، وأنَّ كل شيء مدبر ومكتوب منه، وأن الحامض يضمحلُّ والحلو يبعث لنا التفاؤل لشيء شارف على  الانتهاء.

فيا عالِم بالعلن والخفي، اجعل سنة 2021م سنة مُقبلة بالخير على أمة محمد عليه صلوات الله وسلامه.

تعليق عبر الفيس بوك