أين مكمن الخلل في الأندية الرياضية؟

علي بن بدر البوسعيدي

منذ بدء مسيرة النَّهضة الحديثة في وطننا الحبيب، وجميع قطاعات الحياة تشهد تطورات عديدة، ومتغيرات كثيرة، بينما تسعى المُؤسسات لمواكبتها والعمل وفق التطلعات المنشودة، لكن هناك عراقيل تواجه واحدًا من القطاعات المهمة والمؤثرة في مسيرة التطور والنماء، ألا وهو القطاع الرياضي، وخاصة الأندية، التي تُعاني من مشكلات مالية وإدارية.

ولقد تفاقمت أزمات 3 أندية خلال الأسابيع الماضية، بعدما أعلنت لجنة الاستئناف بالاتحاد العماني لكرة القدم تأييد القرار الذي أصدرته لجنة الانضباط بالاتحاد، وقضى بفرض غرامة على أندية ظفار والنهضة وصحم بقيمة 14 ألف ريال عُماني علاوة على تأييد قرار خصم 6 نقاط من رصيد الأندية الثلاثة لموسم 2020-2021. ونستغرب صراحة من فرض هذه الغرامة الباهظة على أندية عانت كثيرًا خلال عام 2020، بسبب جائحة كورونا وما أسفرت عن تداعيات مالية على الجميع، فضلاً عن أنَّها تأتي في وقت كان من الأولى أن تتجه الأنظار فيه والاهتمامات نحو إعادة هيكلة هذه الأندية، والعمل على إيجاد موارد مالية لها تساعدها على الاستمرار والاستدامة، ومن ثمَّ تعظيم الاستفادة من الأنشطة الرياضية التي تنفذها.

جميعنا يعلم أن الرياضة وخاصة كرة القدم، تحظى بشعبية كبيرة بين الشباب، فما من منطقة أو حي أو حتى حارة إلا وشبابها يمارس كرة القدم وغيرها من الرياضات والألعاب، ولو بأقل الإمكانيات، فالرياضة تسري في دماء كل شاب على هذه الأرض الطيبة، إيماناً منهم بدورها في صقل الشخصية وتعزيز بنيتهم الجسمانية فضلاً عن كونها ملجأً لقضاء أوقات الفراغ ومن أجل التسلية كذلك. وهذا يدفعنا إلى توجيه الكثير من الأسئلة إلى الجهات المعنية، ومن بينها الاتحادات الرياضية، أين جهودكم لاحتواء الشباب تحت مظلة الأندية؟ إلى أين وصل تنافسكم على المناصب داخل الاتحادات ما تسبب في إغفال الدور الرئيسي لكم؟ ما الحلول التي قدمتموها للنهوض بالأندية عوضًا عن فرض الغرامات والعقوبات؟ والأسئلة أيضًا موجهة إلى الأندية ذاتها: فمتى نرى دورا مجتمعياً حقيقياً لكل نادٍ في ولايته؟ فالوضع الحالي يشير إلى أنَّ بعض الأندية ذات الشهرة هي فقط التي تنفذ الأدوار المجتمعية المنوطة بها، لكننا لا نلومهم كثيرًا، نظرا لمحدودية الإمكانيات والموارد، لكن ألا يتعين على هذه الأندية أن تعيد النظر في الاستثمارات التابعة لها لكي تضمن مزيدًا من العوائد المالية التي من خلالها تستطيع أن تنفق على جهود تطوير الأنشطة وتحفيز الشباب على المشاركة فيها؟

منذ سنوات حصلت الأندية على مكرمة سامية من السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وربما لو سألنا أي نادٍ عن مصير هذه المكرمة، سيتردد في الإجابة، إما لأنَّ أموال المكرمة ذهبت في استثمارات لا طائل منها، أو أنها توجهت لسداد مديونيات أو التزامات على الأندية.

الواقع يؤكد أننا بحاجة ماسة إلى استراتيجية متكاملة لإعادة تأهيل جميع أندية السلطنة، وذلك من خلال تبني وتطبيق الأفكار غير التقليدية، ومنها تحويل الأندية إلى شركات تجارية، تعمل وفق مبدأ الربح والخسارة، كما هو الحال في جميع دول العالم، ومن ثم تطبيق معايير الحوكمة والإدارة الرشيدة. أيضاً ينبغي أن تعكف مؤسسات الدولة الأخرى- وليس فقط وزارة الثقافة والرياضة والشباب أو الاتحادات الرياضية- على دعم هذه الأندية في جهودها لتعزيز الاستثمارات، فما الذي يمنع مشاركة صناديق التقاعد وجهاز الاستثمار العماني في تنفيذ مشاريع ربحية كبيرة بالشراكة مع هذه الأندية، ومن ثمَّ تحقيق عوائد جيدة.

إنَّ الآمال معقودة على القطاع الرياضي في دعم النهضة الاجتماعية، لكن ذلك لن يتحقق دون مراكز مالية قوية لمؤسسات القطاع، وهذا يستلزم أولاً التوقف عن "سياسة المجاملات" والبدء فوراً في تبني نهج إصلاحي قويم يضعها على المسار الصحيح والمنشود.