عُمان بحاجة لقرارات نوعية

 

خلفان الطوقي

أقل من أسبوع يفصلنا عن العام 2021، وهو العام الذي اتَّفق عليه العُمانيون ليكون بداية انطلاق تطبيق رؤية "عُمان 2040"، الرؤية التي وعد فيها المسؤول الحكومي -كلُّ في مجاله- بنقلة نوعية في الجوانب الإجتماعية والاقتصادية وعلى المستوى المجتمعي والفردي؛ فماذا يا ترى يريده المواطن من الحكومة في قادم الأيام؟

في هذا المقال سأحاول الإشارة إلى بعض الأمثلة فقط، لكن الحكومة -وكل مسؤول حكومي- يمكن له التوسع في الإجابة عن ماذا نحتاج وإسقاط هذه الأمثلة على تفاصيل الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم والزائر وحتى المراقب والباحث.

عُمان بحاجة إلى قفزات نوعية؛ فالاحتياجات في العام سبعين إلى بداية الثمانينيات تختلف عن احتياجات الثمانينيات إلى التسعينيات، وبكلِّ تأكيد فإنَّ احتياجات هذه المرحلة تختلف تماما عن ما قبلها، والسبب أن المعطيات والظروف اختلفت بشكل جذري، وعليه فعلى المشرِّعين ومُتخذي القرارات ومقرِّري السياسات أن يستوعبوا هذه النقطة، ويحسنوا قراءة المشهد بتجرد ودقة وواقعية، وعلى ضوء ذلك عليهم أن يتعاملوا مع الأحداث بما تتطلبه المرحلة؛ فقرارات فترة الانكماش الاقتصادي تختلف كليًّا عن قرارات فترة التعافي أو فترة الرخاء والانتعاش.

ولأننا مُقبلون على تطبيق رؤية "عُمان 2040" وعلى مرحلة جديدة  من عُمر النهضة التي أصبحت تسمَّى "النهضة المتجددة"، فلنجعلها متجددة بحق، مرحلة عصرية متقدمة بعيدا عن نمطية التفكير والتنفيذ ومراقبة الأداء، مرحلة استبدال أنماط من الممارسات البالية بممارسات ابتكارية خلاقة مبهرة وفعالة، تبدأ بتطبيق تغير المفاهيم إلى تسمية المواضيع بمسمياتها الحقيقية دون رتوش وعمليات تجميل قد تكلفنا المزيد من ضياع الوقت والمال والجهد.

ولكي ننجح في تحقيق القفرات النوعية لعُمان، فالوزير أو رئيس الوحدة مطالب بإقرار سياسات وإجراءات وقرارات ومبادرات نوعية تخفف من تكالب الظروف المحلية والعالمية على الفرد والمؤسسات، ومن وطأة بعض قرارات برنامج التوازن المالي، وعلى أي موظف حكومي -أيًّا كان- أن يتفنن في إرضاء المراجع -أيًّا من كان أيضا- وتسهيل معاملته وإيجاد الحلول له من داخل الجهة التي يعمل بها أو من خلال باقي الجهات الحكومية ذات العلاقة ودعمه وتوجيهه، بدلا من إذلاله وبهدلته أو ابتزازه أو إضاعة وقته أو تعكير مزاجه.

نحتاج لقفزات نوعية تُزيل الارتجالية والمزاجية والمحسوبية وممارسة السلوكيات المريضة لدى البعض من الموظفين، وتحويلها إلى "تقنية" متطورة ليس في جهة حكومية واحدة، بل إلى تطبيق إلكتروني واحد يمكنك من خلاله إنهاء جميع معاملاتك الحكومية دون تدخل أو مماطلة بشرية محبطة؛ فالانجاز الحقيقي في المجال التقني هو ارتفاع مستوى الخدمة لجميع الجهات وفي كل المحافظات، ليس في جهاز شرطة عمان السلطانية على سبيل المثال أو في محافظة مسقط فقط.

نحتاج قفزات نوعية في تطبيق الحوكمة بأسرع وقت مُمكن، ومحاكمة كل معرقلي التنمية والإعلان عنهم؛ فالجهات الرقابية والتشريعية أوجدت للإنصاف بين المتخاصمين، ونشر العدالة وتسمية الفاسد بالفاسد، وتعديل السلوكيات الخارجة عن القانون، على هذه الجهات أنْ تسعى بكل صدق وشفافية إلى أنْ تضمن مبدأ أنَّ "عمان أولا"، و"لا أحد فوق القانون"، ولا مجال أو رحمة لمن يسعى لعرقلة -بأي شكل كان- تطور البلاد وتقدمها.

بالمختصر.. عُمان تقدمت وما زالت تحتاج إلى إصلاحات جريئة وقفزات نوعية على مستوى الأنظمة والتشريعات والقوانين والهياكل الإدارية وحوكمة الأداء وسلوكيات المسؤول والموظف، ولا مجال لمزيد من التأخير وإضاعة الوقت؛ فمصلحة عُمان العُليا لا تهاون فيها، وتستحق أفضل ما لدينا على الدوام؛ لذلك فالحل يكمُن في القفزات النوعية التي تستطيع التأقلم ومواكبة ظروف ومعطيات المرحلة الحالية والمستقبلية، وتطلعات وطموحات رؤية "عمان 2040".