"أدوات وأسلحة".. عندما يشبه خطر التكنولوجيا "النفايات النووية"

ترجمة- الرؤية

مع تزايد التطوُّر التقني أصبح التغيير سِمة أساسية في العالم كله، وعلى جميع الصُّعد والمستويات، لا سيما في المجال السياسي؛ حيث لا يخفَى على الكثير العلاقة الوثيقة بين السياسة والتكنولوجيا؛ فهما وجهان لعملة واحدة، فالتكنولوجيا أداة أساسية ومحرك رئيسي لفعل السياسة، كما تحدد مصائر أنظمة بالبقاء والحضور القوي أو بالزوال.

وفي واحدٍ من أكثر الإصدارات الحديثة جذباً حول العالم، يأتي كتاب "أدوات وأسلحة.. آفاق ومخاطر العصر الرقمي"، والذي ألَّفه براد سميث وكارول آن براون. ويقول سميث وهو في الوقت نفسه رئيس شركة مايكروسوفت وكبير مسؤوليها القانونيين: "عندما تتسبب التقينات التي تنتجها في تغيير العالم، فإنَّك تتحمل مسؤولية المساعدة في التعامل مع الواقع الذي ساعدت في إنشائه".. مشيرًا إلى أنَّ المعلومات والبيانات باتت تشبه الهواء فهي "موجودة في كل مكان"، لكنها بالمقابل مثل النفايات النووية، قابلة للانشطار في أي لحظة.

وبالنسبة لمايكروسوفت، لا يقتصر الأمر على الشعور بالمسؤولية تجاه تأثير التكنولوجيا التي تستخدمها على العالم؛ موضحا بأنه لا يمكن للحكومات وحدها ولا صانعي التكنولوجيا ومطوريها، مُعالجة تأثير التكنولوجيا، وإنما أيضا معالجة مستقبل تنظيم هذا القطاع بمشاركة كلا الطرفين؛ الحكومات وصناع التكنولوجيا؛ مستدلاً على ذلك بعدم قدرة "مايكروسوفت" على إقناع مهندسيها بتأسيس بنية معلوماتية موحدة، بسبب قانون حماية البيانات (GDPR)، وهو قانون أمريكي.

ويُسهب الكتاب في سرد الدلائل على كيفية تعامل شركات ومنتجي التقنية مع الواقع؛ حيث وفَّرت "مايكروسوفت" دعمًا لاقتراح سُن بموجبه قانون الخصوصية في ولاية كاليفورنيا، مع تحذيرها من عدم اختلافه عن اللائحة العامة لحماية البيانات، وأنها أرسلت خبراء الخصوصية للمساعدة في صياغة القانون النهائي كمشروع قانون. واعتبر المؤلفان أنَّ تصرف مايكروسوفت يعبر عن رؤية عميقة لقيمة البقاء على اتصال والمشاركة مع الحكومات بدلاً من الانسحاب.

وبالمقابل، تبعث فصول الكتاب المتعلقة بتقنيات النطاق العريض في المناطق الريفية، على الأمل والقلق في آنٍ؛ ففي الوقت الذي لا يمتلك فيه ثلث الولايات المتحدة الأمريكية إنترنت النطاق العريض- مما يؤثر على دقة الإحصاءات التي تجرى إلكترونيا- فإنَّ مبادرات شركة "مايكروسوفت" مع شركات الاتصالات المحلية لاستخدام الترددات الشاغرة في البث التناظري بدأت تؤتي ثمارها.

والكتاب في مجمله مليء بالتفاصيل والحجج، وهو بمثابة نظرة مُفصَّلة على نقيضين؛ المزايا والتهديد التكنولوجي.. مؤكدا أنَّه لا يوجد تفاؤل تكنولوجي بنسبة 100%، كما أنه كذلك لا يوجد أي تهديد بنفس القدر من السلبيات سواء خلال الفترة الحالية أو في المستقبل. ويغطي الكتاب أيضًا التأثير المحتمل للتكنولوجيا على الوظائف والاقتصاد، فضلاً عن الإمكانات الهائلة للبيانات المفتوحة في خدمة التقدم الطبي، واضعا جُملة مبادئ يُمكن أن تتبعها الشركات صانعة التكنولوجيا اليوم.

تعليق عبر الفيس بوك