هل بعض الوزارات حاجة أم تقليد؟

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

ماذا لو تحّول التفكير إلى رؤية اقتصادية وتمَّ تنمية هذا الفكر وترسيخه من خلال برامج إعلامية وتعليمية وجعلنا في جوانب كثيرة منه دراسةً لسلوكنا العام في كل شيء وجعلنا منه ثقافة في التطوير وللجميع..

لكن السؤال الأزلي الذي يعتقد الكثير منِّا أنَّ الإجابة عليه أمراً سهلاً هو: هل التغيير يتم من قاعدة الهرم أو من قمته؟! وعلى أي حال فإنَّ ذلك تستطيع أن تجيب عليه التجارب وليس المنظور الأكاديمي أو الأفكار العامة وفي هذه العجالة سوف أتطرق إلى مثالٍ يغطي بعض التساؤلات أو على الأقل يفتح الباب للمفكرين الذين ينتمون إلى الفكر خارج الصندوق.

تماشياً ليس فقط مع الوضع الاقتصادي للدول والذي أكون فيه صريحاً أنه لم يكن في الحالة التي نتمنى على الأقل في معظمه على مر الزمن فعندما كانت الحلول الاقتصادية مُوجهة إلى صندوق محدد متناسيةً التاريخ والواقع فقد لا تكون تلك الحلول بالدورة الزمانية مستدامة ليكون الحل مسايراً للسلوك والطبيعة بين الإنسان وبيئته بعيداً عن تقليد الدول فإذا انطلقنا من الفكر التجاري الخالص وجعلنا من واحدة من وزارات أي دولة في العالم مثل وزارة الزراعة مثلاً، فلماذا أنشأت دولة أوروبية هذه الوزارة هل ليكون التشكيل الوزاري لتلك الدولة كماله يتضمن هذه الوزارة ولو سألت رسمياً هذا السؤال فستكون الإجابة حتماً لا، وستعلم أنَّ هذه الوزارة توجه وتدير وتسيطر وتدعم وتنظّم جوانب زراعية بناتج محلي يضخ في خزينة دولتها مبلغاً معيناً ومعروفاً ومُعلناً يفوق ما يصرف عليها من مال وكذلك توفر تأمينا غذائيا وطنيا للتقليل من الاستيراد والحاجة إلى الدول ورفع معدل التصدير وإذا سألت دولة أخرى فقد لا يملك أحد الإجابة لماذا هو لديه وزارة زراعة؟

ولتبسيط أكثر للأمر، فإذا قبِل ووافق على السؤال والإجابة عليه فهل هو بحاجة فعلية لزراعة وإنتاج أو إلى وزارة قد تكن بعض الأحيان مُعيقة للإنتاج وذلك بصوت معظم المزارعين والسؤال الأكبر فمن لديه المقدرة على المراجعة قبل الإجابة، وبتوضيح من جانب آخر قد يكون أكثر سهولة لو أنَّ وزارةٍ تكلّف إدامتها السنوية مثلاً مئة مليون ناهيك عن مشاريعها الجانبية التي هي ليست من المبلغ المذكور، فلو أنَّ نصف هذا المبلغ تمَّ توجهيه لبناء سدود وبطريقة ابتكارية ونفذت من قبل المتعطشين للماء وليس من قبل المتعطشين للمال والنصف الآخر من ذلك المبلغ تمَّ ضخه مباشرةً لدعم المزارعين الوطنيين القائمين على الزراعة والإنتاج الفعلي المنظم، ومن جانب آخر وإذا اتفقنا على البعد عن التقليد لدول العالم وعممنا ذلك على الكثير من الوزارات وقمنا بعمل وزارة خدمية واحدة وسميت وزارة الخدمات، فهل سنصل إلى رشاقة العمل وسرعته وسهولته وتحقيق سيطرة اقتصادية من جانب آخر.

الأمر الآخر والذي أتمنى من كل دول المنطقة دراسته بعناية وسرعة هو أنَّ الأجيال الناشئة قد لا تكون في عمقها البعيد آمنت بأسلوب وتنظيم وإدارة الأعمال الحكومية بالطريقة الحالية والدليل أنَّ التوجه نحو طريقة وأسلوب العمل القديم كتربية الإبل مثلاً والعناية بها، وجدت أنها أكثر أماناً في مستقبل الحياة بل إن الكثير وجد أن متعة الحياة أقرب إلى تلك السجية أكثر مما تم عرضه بالطريقةِ الحديثة، وبذلك حتى أن قيمة العلم الذي أصبح التنافس فيه بالشهادة وليس بالمعرفة والتجارب والنجاح أصبح ليس كما تعّول عليه الأمم وأن العمل الوزاري الحكومي لم تعد به تلك الجاذبية الكافية لتغطية النشاط المتنامي والمتجدد والمساير للحياة، فمن ناحية لم ينجح الموجهون الاستراتيجيون في توجيه البوصلة نحو التجديد ومن ناحيةٍ أخرى لم يجد التيار الفكري للشباب ما يجعل منه مساراً إلى الطريق التي يمكن من خلالها مسايرة التطور السريع على مستوى العالم.