تملك 81% من براءات اختراع الهاتف المحمول.. و56% من الاستثمارات العالمية في إنترنت الأشياء

آسيا تقود التقدم التكنولوجي العالمي.. و"الجائحة" تمهد الطريق نحو مستقبل رقمي

ترجمة - الرؤية

سلَّطتْ جائحة "كوفيد 19" الضوءَ على المدى الذي قطعته آسيا في تبني التقنيات الرقمية، فمن أنظمة التتبع والتعقب المستندة إلى تطبيقات الهاتف المحمول إلى الروبوتات في مدينة شنزن التي تتحقق من درجة حرارة المواطنين، كانت التقنيات الرقمية في المقدمة دائما، حسبما أوضح تقرير نشرته صحيفة "فاينناشل تايمز" البريطانية.

فعلى مدى العقد الماضي، شهدتْ القدرات التكنولوجية في القارة الصفراء توسُّعا سريعًا؛ إذ إن جانبا من الإحصاءات يعطي فكرة حول حجم التحول، فبين عامي 2006 و2008 و2016 و2018، شكلت آسيا 52% من النمو العالمي في عائدات شركات التكنولوجيا. وزادت حصة المنطقة العالمية من استثمارات الشركات الناشئة (بما في ذلك استثمار رأس المال الاستثماري والاكتتابات) من 16% بين عامي 2006 و2008، إلى 40% بين عامي 2017 و2019، وهو ما يمثل 43% من النمو العالمي. وكانت المنطقة مسؤولة عن 87% من النمو العالمي في إيداعات براءات الاختراع على مدى العقد الماضي.

وعلى الرغم من أنه لا يزال يتعين على آسيا معالجة الثغرات في القدرات الأساسية، إلا أن هذه منصة واعدة لتطوير المزيد من القوة التكنولوجية. ويركز بحث جديد أجراه معهد ماكينزي العالمي للاستشارات (MGI) على مكانة المنطقة وآفاقها بشأن الاستثمار في الشركات الناشئة وإنشاء الملكية الفكرية والحصول على براءات اختراع "قوية". ونظر المعهد في 33 تقنية، ووجد أن آسيا احتلت المراتب الأولى.

والمجالات الأربعة التي تمتلك فيها آسيا حصة كبيرة من الاستثمار في الشركات الناشئة وبراءات الاختراع القوية، تتمحور حول خدمات الهاتف المحمول والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT) ومعدات التصنيع. وفي حالة خدمات الهاتف المحمول، تمتلك المنطقة 81% من براءات الاختراع القوية في العالم، ونصف رأس المال الاستثماري وتمويل الاكتتاب العام. وتمتلك آسيا 42% من براءات الاختراع القوية للذكاء الاصطناعي، وتشكل 48% من استثمارات الشركات الناشئة العالمية في تقنيات الذكاء الاصطناعي. وفيما يتعلق بإنترنت الأشياء، تمتلك المنطقة 39% من براءات الاختراع العالمية القوية و56% من استثمارات الشركات الناشئة العالمية في تقنيات إنترنت الأشياء.

ويمكن لآسيا أن توظف ما تملكه من نقاط قوة لاغتنام 4 فرص واسعة، إذا تمكنت من التغلب على العديد من التحديات، وهذه الفرص كالتالي:

1. الأسواق الاستهلاكية الرقمية؛ حيث تتوسع الأسواق الاستهلاكية في آسيا وتتحول إلى رقمنة سريعًا، وتستفيد من بعض العملاء الأكثر حماسًا ودهاءً في مجال التكنولوجيا حول العالم. واستحوذت المنطقة على 41% من الطلب الاستهلاكي العالمي في العام 2018، ومن المتوقع أن تمثل 56% من النمو في هذا الطلب في الفترة حتى عام 2030. ولا تزال هناك أوجه قصور على نطاق واسع تحتاج إلى معالجة وتقترح مجالاً لمزيد من النمو. وتتطلب خدمة المستهلكين في آسيا نموذجًا رقميًّا متكاملًا يشتمل -أولاً- على واجهة رقمية مع المستهلكين، ثم إنشاء منصات متعددة القطاعات، وتمكين الموردين والعملاء رقميًا بحيث يصبحون جزءًا من نظام بيئي رقمي ديناميكي. ويعمل اللاعبون الرقميون عبر أنظمة تبادل الأعمال التجارية الإلكترونية بين الشركات "B2B" مثل علي بابا الصينية ويودان الهندية، على تقليل عدد الوسطاء غير الضروريين في عملية التوريد إلى الدفع بأكملها من خلال تنظيم جميع الجهات الفاعلة في سلسلة التوريد عبر عقدة مركزية على منصاتهم.

2. تكنولوجيا التصنيع: تتمتع آسيا بالقوة في تقنيات التصنيع، وشركات التصنيع ذات القدرة التنافسية العالمية. وبينما أسهمت الشركات الآسيوية في المتوسط​​ بنسبة 41% من عائدات أكبر 5000 شركة في العالم -المعروفة باسم "G5000"- بين عامي 2016 و2018، في قطاعات تشمل السلع الرأسمالية وتقنيات المعلومات؛ فقد كانت حصة إيرادات "G5000" العالمية القادمة من الشركات الآسيوية أعلى من 48 و49%. واتَّسم التحول التكنولوجي في آسيا بالسرعة والقوة في القطاعات التي تمكنت فيها من استخدام براعتها التصنيعية كنقطة دخول. وقد تجد المنطقة صعوبة في سد الفجوات في التقنيات "القديمة" المتعلقة بتصميم أشباه الموصلات، على سبيل المثال، لكن لديها القدرة على تشكيل مكانة قوية في التقنيات الحديثة، بما في ذلك بطاريات العرض المتقدمة والمركبات الكهربائية؛ حيث إن 87% من براءات الاختراع التي يملكها أكبر عشرة حاملي براءات اختراع بطاريات صلبة تنتمي إلى الشركات الآسيوية.

3. خدمات تكنولوجيا الأعمال: على مدى العقد الماضي، زادت آسيا حصتها في سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات العالمية من 25% بين عامي 2006 و2008 إلى 29% بين عامي 2016 و2018. ومن المتوقع أن ينمو السوق بحوالي 5-6% سنويًّا على مدار السنوات الخمس المقبلة، بينما من المرجح أن تنمو خدمات تكنولوجيا المعلومات الرقمية مثل تحليلات البيانات الضخمة وتصميم نظام إنترنت الأشياء بشكل أسرع بنسبة تزيد عن 20% سنويًا خلال نفس الفترة. وتسهم المواهب التقنية بآسيا في وضع المنطقة في مكانة جيدة للاستفادة من هذا الطلب المتزايد، على الرغم من أن جودة هذه المواهب بحاجة إلى التحسين. وأسهمت آسيا بـ76% من إجمالي خريجي تخصص العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في العالم بين عامي 2016 و2018. وتحفُل الهند بأكبر عدد من خريجي علوم الكمبيوتر في العالم؛ حيث يتخرج سنويا حوالي 215000 خريج.

4. انتقال الطاقة: آسيا لاعب مهم في انتقال العالم إلى طاقة أكثر استدامة؛ حيث تستفيد من الدعم المنسق للسياسات. ومن المتوقع أن تمثل الطاقة المتجددة ما يقدر بنحو 40% من متوسط ​​استثمارات الطاقة العالمية السنوية في الفترة حتى عام 2025. وتمتلك آسيا بالفعل أكبر حصة من الطاقة المتجددة المركبة (45% مقارنة بـ25% في أوروبا و16% في أمريكا الشمالية) وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ترتفع هذه الحصة إلى 56% في عام 2040.

ومن المتوقع أن تشهد المنطقة فترة صعبة مع خروج الاقتصاد العالمي من براثن الوباء، وستتحلى الحكومات والشركات بتعاون قوي وأداء سريعا لدعم تطوير التكنولوجيا ونشرها.

وتقدمت آسيا في مجال الإنترنت بسرعة؛ حيث اعتمد مواطنوها على الحلول الرقمية، وخلال أزمة كوفيد-19، وصل التعاون بين القطاعين العام والخاص إلى مستويات متقدمة. لكن الأمور لن تسير بالسلالة المأمولة، فرغم ان الوباء مثل حافزا لتبني التكنولوجيا، لكنه أثبت أيضًا أن سلاسل التوريد العالمية معرضة بشدة للخطر. وثمة احتمال من أن تؤدي الاضطرابات في التدفقات التكنولوجية العالمية إلى إعاقة معدل الابتكار في آسيا وأماكن أخرى حول العالم، غير أنه يمكن القول إن آسيا تتمتع بأسس قوية لدفع المزيد من النمو المدعوم بالتكنولوجيا.

تعليق عبر الفيس بوك