ناجي بن جمعة البلوشي
لا أكاد أفقه لماذا هي هناك كل تلك الصناديق المتموضعة على أبواب كل المراكز التجارية؟
بعضها يحمل أسماء لمساجد ستبنى وبعضها لمساجد تُرمم وأخرى لبناء وقف وريع لمساجد أخرى، وفي وسائل التواصل الإلكتروني هناك رسائل لفرق العمل الخيري ولجان الصدقات والزكاة في كل ولاية، كما أن هناك أفراداً يقومون بجمع الأموال لبناء وتنشيط مدارس تحفيظ القرآن الكريم والمجالس العامة وبعضهم عملهم منصب في سبيل إعانة المرضى وأهل المصائب وترميم البيوت القديمة.
هناك جمعيات أخرى عملها قائم على وضع الصناديق لتؤخذ فيها الملابس القديمة أو الزائدة وقليلة الاستخدام كما أنَّ هناك أفراداً يقومون بجمعها لفقراء دول أفريقيا، وهناك مقار لجمعيات أخرى يجمع فيها أثاث وكهربائيات مستعملة، كما أن جميعات أخرى تحمل أسماء معروفة أو منبثقة من شركات ومصارف تقوم بمشاريع تنموية في المجتمع، وعلى رأس كل هذا هناك الجمعية العمانية للأعمال الخيرية التي لنا عليها عتاب صارخ فلا نراها إلا في الأزمات والنكبات والكوارث الدولية أو في إعلانات إفطار صائم الشهر الفضيل .
ولأنها متفرقة فإنَّ مثل تلك المنثورات على كل جوانب وردهات وأروقة الأماكن في أرجاء الوطن العزيز والتي في تبعثرها لن تصل إلى سُّمو الهدف والمقصد الجليل من وجودها والاستفادة الحقيقية لكل محتاج وفي أي نوع من أنواع الحاجة.
فإذا كان هناك مثل هذا النشاط والحيوية في أبناء المجتمع المدني لشغل العمل التطوعي والسعي للخير وتوصيله لأبواب مستحقيه فإنِّه بالمقابل كان لابد من تواجد من يحتضنهم في نفس الوقت ليشكلوا فريقا واحدا ذا أجنحة وأقسام مختلفة يساعد بعضها بعضا في كل جوانب العمل الخيري، لكن من عساه يكون؟
الجمعية العُمانية للأعمال الخيرية هي الكيان الذي أراه أجدر أن يكون هو تلك المنظمة الحاوية والشاملة لجميع تلك الجمعيات والفرق والمقار والجماعات، ليس لإنهاء العمل الخيري وسحبه من أيديهم بل لمساعدتهم على التركيز والنظام في توصيله وتوسيعه، وكل ما يتطلبه الأمر هو تسجيل كل المنتسبين إلى هذا التطوع والعمل الخيري على قائمة تعنى بمنتسبي تلك المنظمة التي سيكون لها فروع ومقار في كل ولاية من ولايات السلطنة، كما هو الحال الآن مع تلك الفرق والجمعيات وبنفس النشاط والسعي، هذه المقار ستمنح لكل الشخصيات والطواقم التي بها الآن نفس المسميات والألقاب ونفس الدور الذي كانوا يقوموا به ولن يقصى منهم أحد، الفرق فقط هو أن كل الأموال والإيرادات المحصلة ستعود إلى مقر الجمعية الأم أو (الإدارة العامة) التي بدورها ستؤسس بهذه العوائد مع ما معها من أموال مكتسبة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص استثمارات طويلة الأجل تحصل منها على المردود المالي المناسب ليساعد تلك المقار في القيام بعملها على الدوام .هذه المقار سيكون بها لجان متخصصة في كل شأن من الشؤون المختلفة كبناء المساجد والمدارس والمجالس والمنازل، أو ترميم المنازل والمدارس، أو فك كربة أو دفع فواتير مقهور أو توزيع الصدقات والزكاة لمستحقيها أو صرف رواتب للمستحقين ربما تكون شهرية إذا ما كان لهذه الجمعية وقف ودخل واسع الإيرادات في المستقبل هذا طبعاً بعد حصولها على دعم سخي من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى ما سيسهم فيه الأعضاء من سعيهم الدؤوب كالذي هم عليه اليوم، فوجود اللجان المختلفة في الكيان الواحد حتماً سيوجد مجالات جديدة مختلفة أكثر مما اعتادت عليه الفرق والجمعيات اليوم ولربما سيصل في المستقبل بتكفل دراسة بعض أبناء الأسر (مدارس وجامعات خاصة) أو علاجهم أو تأمينهم التأمين الصحي أو غيرها من الأنشطة التي سيكون لها الأثر الإيجابي على المجتمع وأفراده، كما أنَّ وجود كيان واحد أفضل من وجود عدد كبير من تلك الجمعيات والفرق وهذا لأسباب سنسرد منها القليل للقناعة الإنسانية فعلى سبيل المثال سيكون لهذا الكيان أصول كبيرة وضخمة ترد عليها الكثير من الأموال إذا كان نظامها الأساسي مستنداً على الموافقة بحصولها على الهبات والصدقات والمنح من كل أفراد المجتمع فإذا كانت كل ولاية بإمكانها توفير مبلغ 10 آلاف ريال عماني في شهر واحد فإنَّ هذه الجمعية ستحصل على 610 آلاف ريال في نفس الشهر مما سيساعدها على تكوين رأسمال كبير في فترة زمنية قصيرة.
الصدقات والزكاة وأموال بناء المساجد ومدارس تعليم القرآن الكريم ستأخذ شأن خاصًا بالفقه الديني وهنا لابد لنا أن نضعها جانباً حتى ينظر فيها من قبل أهل العلم لتحدد لها الجمعية أموالها المكتسبة وأموالها المدفوعة، وقد وضعتها هنا توضيحا لكي لا تكون حجة عند بعض الناس في عدم قبولهم لهذا الموضوع الذي في أصله تكوين منظمة لها وقف خيري متضخم في كل عام من أعوام المستقبل ومستقلة في عملها بالتعاون مع أبناء المجتمع في سد حاجات الناس دون ضير من تلقب أحوال الزمن وظروفه.
وفقنا الله جميعاً في بناء وطننا العزيز لما هو خير.