إنجاز جديد لمنتسبي مستشفى جامعة السلطان قابوس والمستشفى السلطاني

أطباء عُمانيون يحرزون قصب السبق باكتشاف المورث المسبِّب لمرضٍ وراثي نادرٍ

...
...
...
...
...

◄ تحليل التسلسل الإكسومي الشامل كشف الطفرة الوراثية المتنحية الحاملة للصفات المرضية

تعاون علمي مع جامعة هايدلبيرج الألمانية أسهم في إضافة دلائل على الاختلال الوظيفي للجين

 

مسقط- الرؤية

نجح أطباء الوراثة وفريق بحثي من عيادة الطب الوراثي والتطوري بمستشفى جامعة السلطان قابوس بقيادة الدكتور المنذر المعولي والدكتور خالد بن سعيد الذهلي وبالتعاون مع مُختصين من قسم الوراثة، والدكتورة نادية الهاشمية من المستشفى السلطاني، في اكتشاف مرضٍ وراثيٍ نادر يصيب الأطفال حديثي الولادة وينتج عنه فقدان شديد للوزن وضعف في النمو، يصحبه أعراض قيء وإسهال متفاوتةٍ في الشدة،وذلك في أعراض تشابه إلى حدٍ بعيدٍ الأعراض المصاحبة لمرض الحساسية المرتبطة بالبروتين المشتق من حليب الأبقار في صورته الشديدة.

الدراسة التي تضافر فيها التقييم الإكلينيكي المفصل مع التحليل الدقيق للتسلسل الجيني الشامل، أدت إلى الاكتشاف الجديد للمسبب الوراثي لهذا المرض. ونُشِرت الدراسة في  شهر نوفمبر الماضي في المجلة الطبية المرموقة (Clinical Genetics) أو الوراثة السريرية.

وقال الدكتور خالد بن سعيد الذهلي استشاري أول في الطب الوراثي بمستشفى جامعة السلطان قابوس إنَّ هذا المرض رغم ندرته فإنِّه من الخطورة بمكان بما قد يؤدي إلى وفاة الطفل المصاب في شهور عمره الأولى فيما لو تأخر اكتشافه، أو البدء بعلاجه. وأضاف أن معظم الأطفال المُصابين بهذا المرض بدأوا يعانون من أعراضه في الأيام الأولى من حياتهم في هيئة إسهال مُتكرر شديد، أو قيء مستمر أو كليهما، ويصحب هذه الأعراض هزال شديد وفقدان للوزن وضعف شديد في النمو. وتابع القول إنِّه على الرغم من تشابه أعراض هذا المرض مع النمط الشديد من أعراض مرض الحساسية المرتبط بالبروتين المشتق من حليب الأبقار، إلا أنَّ المصابين به لا يستجيبون لأنواع الحليب البديل عن حليب الأم المستخدمة في علاج مرضاه كالحليب المدعم بالأحماض الأمينية أو ما يسمى بمخفف الحساسية.

وعرّج الدكتور المنذر المعولي استشاري الطب الوراثي بمستشفى جامعة السلطان قابوس، على الخيوط الأولى التي أدت إلى الاعتقاد بوجود سببٍ وراثيٍ يورث بصورة متنحية لهذا المرض؛ إذ تكرر حدوثه في أطفالٍ من الجنسين في العائلة نفسها، يتصلون جميعاً بنسبٍ عائليٍ واحد، ورغم الفحوصات التشخيصية الدقيقة والمستفيضة التي استخدمت في تقييم هؤلاء المرضى بما فيها فحص التسلسل الإكسومي الشامل  (whole exome sequencing)، إلا أن السبب وراء هذا المرض ظل عصيا آنيًا على الاكتشاف في ضوء القدرة التحليلية المرتبطة بالجينات أو المورثات التي سبق اكتشافها سلفاً.

وأوضح المعولي أنَّه تمَّ إدراج هؤلاء المرضى ومن ارتضى من ذويهم طوعًا في دراسة بحثية مدرجة تحت مجلس البحث العلمي (سابقًا) وممولةٍ بمنحة بحثية من منح الدعم السامي، ليُعادَ تحليل التسلسل الإكسومي الشامل بقسم الوراثة بجامعة السلطان قابوس. وبذلك اتضح اشتراك الأطفال المصابين جميعًا ممن توفرت لنا القدرة على فحص مادتهم الوراثية في طفرة وراثية متنحية تحمل الصفات المرضية في أحد الجينات المرتبطة بالامتصاص المعوي للدهون ذات السلاسل الكربونية الطويلة والمتصلة أيضًا بأكسدة هذه الدهون، والمسمى "ACSL5"، وأسهم التعاون العلمي مع جامعة هايدلبيرج الألمانية وبقيادة الدكتور جواشيم فولكروج في إضافة دلائل أخرى تدل على الاختلال الوظيفي للجين بسبب هذه الطفرة.

ومن جانبها، قالت الدكتورة نادية الهاشمية استشارية أولى بالأمراض الاستقلابية وطب الأطفال بالمُستشفى السلطاني إنَّ هذا الاكتشاف ذي وقع علاجي مهم، حيث توافق مع ملاحظات سريرية علاجية مُهمة لم يكن ليتسنى فهمها أو تفسيرها قبل هذا الاكتشاف. وأضافت أنَّ هناك مرضى مصابون عولجوا عن طريق التغذية الوريدية المتكاملة لمدة من الزمن، مع نتائج مبهرة في توقف أعراض المرض وتحسن الوزن. وأوضحت أنه يظهر من الأعداد المحدودة من المرضى الذين تم علاجهم إلى الآن أنهم يحتاجون إلى العلاج لمدة محدودة من الزمن قد تصل إلى أسابيع.

وأكد الدكتور خالد الذهلي هذه الملاحظة السريرية، ونبّه إلى أنَّ هؤلاء المرضى قد لا يحتاجون بالضرورة إلى علاجٍ بالتغذية المتكاملة عن طريق الوريد، بل تشير النتائج السريرية الأولية إلى أن حالتهم قد تتحسن سريعاً بتغيير حليب الرضاعة إلى حليب بديل مُختلف التركيب في مكونه الدهني؛ إذ يتغذى الطفل على حليب معظم مكونه الدهني من الدهون ذات السلاسل الكربونية المتوسطة، ومحدود جدا في كمية الدهون ذات السلاسل الكربونية الطويلة.

ويأمل الأطباء والباحثون في هذه الدراسة أن تكون نتائجها موئلا تشخيصيا وعلاجيا مؤثرًا لهذه الشريحة من الأطفال المصابين بمثل هذا المرض، ويأملون أن يضع أطباءُ الأطفال هذا المرض في الحسبان- على ندرته- عند التدخل العلاجي والتشخيصي مع من تشابه أعراضه الأعراضَ المذكورة أعلاه ولا يستجيب للعلاجات المعتادة من الحليب البديل (مخفف الحساسية) وتوابعه.

تعليق عبر الفيس بوك