"عجوز" الخزانة في مواجهة "طوفان" من الأزمات

هل تتمكن جانيت يلين من "تحبير" خطط بايدن لإنعاش الاقتصاد الأمريكي؟

ترجمة - الرؤية

اعتبرتْ صحيفة "ذا جارديان" البريطانية اختيار جانيت يلين وزيرة للخزانة الأمريكية، لخلافة ستيف منوشين بمثابة بيان نوايا من قبل الرئيس المنتخب جو بايدن لرسم ملامح جديدة للمستقبل الاقتصادي الأمريكي، حيث إن خلفيَّة يلين في الاقتصاد والسياسة العامة تنبئ بأن أولوياتها مع الأمريكيين الذين يكافحون من أجل البقاء بدلاً من المصرفيين الاستثماريين.. واستدلت الصحيفة على ذلك بقول يلين في سبتمبر الماضي: "هناك قدر هائل من المعاناة هناك"، إضافة لحثها الكونجرس على الموافقة على حزمة تحفيز جديدة.

ولم تغقل "ذا جارديان" تسليط الضوء كذلك على أنه ورغم هذه الخلفية الاقتصادية، فإنَّ رغبة يلين المعلنة في تشديد التنظيم المالي لم تمنع وول ستريت من الانضمام إلى التصفيق لترشيحها، معتبرة -الصحيفة- أن ذلك يعود جزئيًا إلى حقيقة كونها أول امرأة تتولى مسؤولية البنك المركزي الأمريكي، كما يُنظر إليها على أنها محترفة محنكة.

وكان دونالد ترامب قد رفض منحها فترة ولاية ثانية كرئيسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في العام 2018؛ لأنها كانت تتبع الحزب الديمقراطي وحظيت بتعيين الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وحذَّرت يلين من الإسراع في إزالة الحوافز خلال الأزمة المالية قبل عقد من الزمان، كما أصرت على أن يُولي الاحتياطي الفيدرالي للبطالة نفس القدر من الاهتمام بالتضخم عندما كانت رئيسة له؛ معتقدة بأن على الدولة واجب معالجة الفقر وعدم المساواة.

وقال الخبير الاقتصادي البارز محمد العريان رئيس كلية كوينز في كامبريدج: "ربما كان التعيين من أكثر التعيينات استقبالًا جيدًا في تاريخ وزارة الخزانة الأمريكية؛ حيث يرى الاقتصاديون والمشرعون والمشاركون في السوق أنها مؤهلة تأهيلا عاليا ولديها الكثير من الخبرة ذات الصلة، وتأتي إلى الوظيفة بفهم عميق للقضايا المحلية والدولية. وستتطلب حافظة السياسات التي ترثها مزيجًا مرنًا من التفكير التقليدي وغير التقليدي".

ومن المقرر أن يكون على رأس قائمة المهام حزمة جديدة من الدعم للاقتصاد الأمريكي الذي يكافح مع ثلاث مشكلات مترابطة: جائحة، ومستويات عالية من البطالة، والانتهاء الوشيك للدعم المالي للعمال المسرحين.

وانخفض إجمالي عدد العاطلين عن العمل منذ أن ارتفع إلى مستويات لم نشهدها منذ الكساد الكبير في الموجة الأولى من الإصابات في الربيع، لكنه لا يزال مرتفعًا بشكل مقلق بالنسبة لدولة ذات شبكة أمان اجتماعية محدودة وفقًا للمعايير الغربية، فضلا عما أظهرته بيانات صادرة قبل أيام تفيد بتباطؤ معدل خلق الوظائف في الولايات المتحدة.

ولفتت "الجارديان" إلى أنَّ بايدن يريد من الكونجرس تمرير حزمة تحفيز "قوية"، وستتحسَّن فرص حدوث ذلك بشكل كبير إذا استولى الديمقراطيون على مجلس الشيوخ؛ من خلال الفوز بالمقعدين الشاغرين في جورجيا الشهر المقبل.

ويُمكن القول إنَّ الحصول على حزمة تحفيز طارئة من خلال الكونجرس لن يكون إلا بداية المعركة التشريعية، حيث يريد بايدن كذلك إنفاق المزيد على تحديث البنية الأساسية المتداعية في أمريكا ومعالجة الاحتباس الحراري. وقد يكون نطاق يلين للإجراءات المالية (إجراءات الضرائب والإنفاق) محدودًا بسبب الجمود في الكونجرس، وفي هذه الحالة سيطلب البيت الأبيض من الاحتياطي الفيدرالي توفير المزيد من الحوافز وعلاقة عمل جيدة بين يلين والرجل الذي خلفها في رئاسة مجلس النواب.

وفي حين أن سوق العمل ورفع مستويات المعيشة سيكون التحدي الأكبر، لكنه يُنتظر أنْ تُخصِّص يلين وقتًا لقضايا السياسة الأخرى؛ خصوصا وأنَّ لديها السلطة التنفيذية لتشديد ما تعتبره تنظيمًا ماليًا ضعيفًا للغاية، دون أن يقول الكونجرس ذلك؛ كما يُتوقع أنها ستتبنى مقاربة أقل عدائية -وإن كانت لا تزال قوية- تجاه الصين؛ وستسعى لإعادة تأكيد قيادة الولايات المتحدة على المسرح العالمي.

وبشكل عام، يمكن توقع أن تتصرف يلين كما لو أن سنوات ترامب الأربع في المنصب لم تحدث أبدًا.. ستكون الرسالة أن الكبار عادوا إلى السلطة، بحسب "ذا جارديان".

تعليق عبر الفيس بوك