ماذا لو؟! ميدان البشائر (1)

ناجي بن جمعة بن سالم البلوشي

حظي مجال تربية الإبل والخيول والمُسابقات المرتبطة بها بالاهتمام السامي من لدن المغفور له بإذن الله تعالى السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه-، كما لقي نفس الاهتمام والرعاية من لدن المقام السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم -أبقاه الله- حيث يتلقى كل من مربي ومحبي والمهتمين بهذا المجال جانباً خاصاً من الرعاية السامية في تشيجعهم ودعمهم على التمسك بالإرث الحضاري والتراث العربي الأصيل ويتجلى ذلك في وضع المسابقات والتسهيلات اللازمة التي تهتم بها.

ومن بين المهتمين بهذا الجانب أيضاً صاحب السُّمو السيد أسعد بن طارق نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان، والمشهود له بتقديم الرعاية والجهود الحثيثة في دعم مربي ومحبي رياضة مسابقات الهجن العربية الأصيلة وذلك من خلال دعمه المستمر في تنشيط هذه الرياضة على مستوى السلطنة حيث يعتبر نفسه من الشغوفين بهذا النوع من الرياضة وبها يكون المساند لكل أبناء الوطن في إبراز شغفهم لها في السلطنة أو في المحافل الدولية، وقد ترجم هذا الاهتمام بتبنيه ميدانا خاصا لإقامة مثل هذه السباقات في ولاية أدم بمحافظة الداخلية، هذا الميدان مجهز بكل ممكنات الميدان المختص لهذا النوع من الرياضات، وهو يحمل اسم ميدان البشائر لسباقات الهجن (مركاض البشاير للهجن بالعامية المحلية).

وقد أقيم على هذا الميدان مؤخراً سباق جائزة العيد الوطني، حيث كان سُّموه حاضراً ومشجعاً لكل أولئك الشغوفين بهذه الرياضة العربية الأصيلة، هو أيضًا منافس عنيد في مثل هذه السباقات خاصة بامتلاكه لكوكبة النخبة من الهجن المنافسة للفوز بالألقاب والتميز وقد أطلق عليها اسم هجن البشائر التي كان لها حضور مشرف لنيل (الناموس) أو الجائزة.

لقد لفت انتباهي هذا السباق أكثر من أي سباق مضى فكنت على موعد لمشاهدة فريق التحليل والنقاش الغني بالتعريف عن كل ما يدور في عقول أولئك المربين والمضمرين والملاك، وما شدني حقيقة ذاك المشهد المنظم في استديو التحليل،والتنسيق الذي ظهر به، كما أن دور ذلك الإعلامي المتمرس والشباب الحضور الذين يمتلكون الحس الفني لوضع المشاهد متلهفاً لتلك السباقات حتى وإن كان بعيداً عنها وعن هواياتها، وفي ظني لو أنهم وضعوا في كل حلقة كلمة ومصطلحاً من المصطلحات مع تعريفها للمشاهد ومكانها في تلك السباقات والمسميات كمسميات الهجن وتصنيفاتها لكان لنا فيها ثقافة ومعرفة واطلاعاً  كـ(الهجن الحجايج، الهجن الثنايا، البكرة، وغيرها)، لكني لست هنا لمثل هذه الملاحظات على المشرفين والقائمين على هذه الرياضة والبث التلفزيوني أكثر من أني هنا لأضع بعضاً من الأفكار الجديدة على هذا الميدان والذي أتمنى له سيطاً واسع النطاق في المستقبل على المستوى المحلي والعالمي، ولتكون له عوائد مجتمعية شاملة على الوطن والمواطن اجتماعية كانت أو اقتصادية وسياحية، أو هي أفكار لإبراز ظهوره بلمسات أخرى يظهر بها على أنه مشارك فعَّال في نهضة السلطنة المتجددة ومعلم يثبت وجود السلطنة على خارطة العالم. أو يكون به على أقل تقدير لولاية أدم توقيع حضور محلي ولمحافظة الداخلية على وجه الخصوص انتعاش استثنائي يسجل في تاريخ الحركة الاقتصادية الشاملة التي تعم أرجاء البلاد الغالية. فماذا لو... انتقل ميدان البشائر من كونه ميدانا مجهزا لسباقات الهجن (سباق الريس) إلى سباقات الهجن بكل مسمياتها وتصنيفاتها المحلية والخليجية كمثال سباقات العرضة، مسابقات المزاينة. ربما لكان حاله أفضل مما هو عليه اليوم، وهذا قياسا بنواحٍ عدة يمكن أن يفكر فيها كل مهتم بمثل هكذا تجمعات ومسابقات.

أما النقلة النوعية التي سنلمسها في تحقيق عوائد وزخم غير مسبوق إذا ما انتقل ميدان البشائر من ميدان سباقات الهجن إلى قرية مكتملة لسباقات الإبل والخيول بكل مسميات المسابقات وتصنيفاتها كسباقات الريس وسباقات القدرة وسباقات قفز الحواجز والمزاينة وأدب الخيل وغيرها، ولأوجد هذا الميدان بهذه النقلة لنفسه شيئاً من التواجد غير المسبوق على خريطة السلطنة أو على خريطة العالم ولمكنه هذا التواجد من دفع ولاية أدم أو المنطقة الداخلية إلى حركة اقتصادية سياحية عمرانية تعنى بإنشاء المرافق السياحية الإيوائية ومواقع للترفيه والاستراحة متزامنة مع الأحداث وبها يخلق بعضاً من الأسواق ومراكز تقديم الخدمات للزائرين السائحين أو المهتمين بتلك الرياضات، دون أدنى شك سيحظى ملاك تلك الحيوانات بالخدمات المستحدثة المحتاجة إليها حيواناتهم، هذا سيبدو مزدهرا إن أقيمت بعض تلك المسابقات في أيام خريف صلالة كون موقع ولاية أدم يجعلها أكثر نشاطاً بالحركة المرورية ذهابا وأيابا للزائرين والسياح لتكون لهم محطة من محطات رحلتهم إلى صلالة أو رحلة عودتهم إلى مسقط أو ديارهم، وهذا لا يعني عدم تنسيق مواعيد تلك المسابقات مع أيام تواجد المناسبات الدولية كموسم قدوم الوفود الأوروبية السياحية للسلطنة فتنشط المحافظة بداية من سوق فنجاء إلى الجبل الأخضر حتى ولاية أدم لقربها من مطارين دوليين (مطار مسقط – مطار الدقم) ومسارين حدوديين لدول شقيقة  (دولة الإمارات العربية المتحدة – المملكة العربية السعودية).

لكن طموحنا يأخذنا إلى أبعد من هكذا طموح فيوصلنا إلى انتقالنا في تحويل ميدان البشائر إلى مدينة البشائر للمسابقات المشتملة، وهذا يعني اشتمالها على مسابقات وسباقات متعددة ومتنوعة تهتم بكل الأطياف المهتمة بالسباقات وتراعي مختلف الفئات العمرية فبالإضافة إلى ما سبق من مسابقات تنفذ تحدياتها بالحيوانات، فإنَّ اهتمامنا بمسابقات يكون تنفيذها بمصنوعات إنسانية كمسابقات رالي السيارات وسباقات حلبات الفورملا 1وسباقات الدراجات النارية والهوائية في الحلبات المغلقة أو المسابقات الأخرى التي يكون الإنسان العامل الأساسي فيها، وهنا لنتصور ذلك ونتساءل هل سيكون له أثر إيجابي في تحويل ولاية أدم إلى مدينة مكتظة بالسياح والمهتمين بتلك المسابقات المتنوعة بين سباقات الهجن والخيول والسيارات والدراجات وغيرها ؟ إنها ستكون في جدول مزدحم من النشاطات طوال العام وبتلك النقلة نكون قد أسسنا موقعاً جديداً على خارطة السياحة العالمية ومكاناً مميزاً في دول الخليج العربية تنساق إليه الوفود السياحية كل في نوع اهتمامه من المسابقات، وبهذا الموقع أبرزنا اهتمامنا بالشباب والتراث والموروث والتقاليد الأصيلة، كما ورفدنا خزانة السلطنة بالإيرادات المالية السياحية بعد أن فتحنا أبوابا وفرصاً للعمل لأبنائنا، وأسواقا حيوية ونشطة لتلك المنطقة من السلطنة الحبيبة.

ولأننا نفكر في أفكار متجددة وخارج نطاق العادة والتعود فإنَّ الأفكار دائماً ما تكون أفكارا وليست لوزام يعمل بها، ولربما يراها غيري من جوانب أخرى بأنها لا تناسبنا وتتعارض مع مصالح وأهداف وغايات وطنية أخرى، لكننا في كل الأحوال نفكر ونبدي ما نفكر به لأرضنا.