آلية قطع الكهرباء للحالات المعسرة

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

Humaid.fadhil@yahoo.com

 

نتناول اليوم موضوعاً وكلنا أمل وثقة أنَّه سيحظى باهتمام المُختصين في شركات قطاع الكهرباء، ونشرك معهم في المسؤولية كذلك أصحاب الاختصاص في وزارة التنمية الاجتماعية ومكاتب أصحاب السعادة الولاة، وحديثنا هنا ينصب حول آلية قطع الكهرباء عن المستهلك الذي لم يقم بتسديد فاتورة كهرباء مسكنه، ونخص بالذكر المساكن التي تأوي عائلات ولدى أصحابها ظروف خاصة وقاهرة، وسأذكر آخرموقف حدث فيه قطع الكهرباء عن عائلة تتكون من خمسة أطفال ومعهم والدتهم، في حين رب الأسرة يقضي عقوبة السجن نتيجة حكم صدر ضده من إحدى المحاكم، وبالتالي تراكمت على هذه العائلة فواتير الكهرباء منذ غياب الأب عن المنزل، لكون أنَّ الزوجة غير متعلمة لا تجيد القراءة ولذلك ليس لها دراية بموضوع الفواتير وما يكتب بها من رسائل تحذير وإنذار، كما أنَّ المستوى المعيشي لديهم صعب في ظل غياب رب الأسرة.

ومع تراكم فواتير الكهرباء قامت الشركة بقطع الخدمة نتيجة عدم استجابة صاحب المنزل للإنذارات الموجودة في فواتير الكهرباء وكذلك عبر الرسائل النصية التي ترسل لصاحب المسكن، ولذلك بعد قطع الكهرباء لاحظ أحد الجيران أنَّ إضاءة بيت الجار لم تضيء منذ ليلتين، مما جعله يوجه زوجته لزيارة عائلة جارهم للتأكد من سبب هذا الهدوء، وسر عدم إضاءة المصابيح خلال الليلتين المنصرمتين كما كانت العادة، وعند زيارتها لهذه العائلة تفاجآت بأنَّ الكهرباء مقطوعة عن مسكنهم منذ يومين، والسبب يرجع لعدم دفع الفواتير لعدة شهور حيث بلغت الفاتورة قرابة خمسمائة ريال، ومن باب المساعدة الإنسانية تكفل الجار وزوجته بتسديد الفواتير ومن ثمَّ عودة الكهرباء فورًا رحمة منهما بتلك السيدة وأطفالها، وفي ميزان حسناتهما وكثر الله من أمثالهما في المجتمع.

وتعليقاً على مثل هذه الحالات التي تُظلم فيها بعض الأرواح البريئة، فمثل الحالة السابق ذكرها ما ذنب الزوجة والأطفال أن يعيشوا تلك الليلتين بلا كهرباء، وما ذنب الأطفال كذلك حرمانهم من الدراسة حيث لم يتمكنوا من التَّواصل مع المنصة التعليمية بسبب هذا القطع، وما ذنبهم أيضاً في التواجد بالمنزل بنفسية مؤلمة وإرهاق بدني وذهني نتيجة أخطاء وتقصير والدهم، كما أنهم لم يستطيعوا الطلب من أي شخص ليقوم بتسديد الفاتورة خوفاً من الإحراج.

وتفاعلا مع هذا الموضوع في وضع الحلول والمقترحات للتقليل من حدوث مثل هذه المواقف الإنسانية الصعبة لأصحاب الحالات المعسرة، التي تعاملت فيها شركة الكهرباء وفق الخطوات القانونية حسب النظام المُتبع، إلا أننا نود أن نقترح بعض الإضافات لتلاشي وجود مثل هذه الحالات المحزنة.

ونرى أنه بعد نفاذ الإنذارات الموجهة لصاحب المسكن الذي لم يقم بدفع فواتير الكهرباء، نتمنى من شركات الكهرباء أن تشرك بعض المؤسسات الأخرى للتدخل في حل المشكلة قبل قطع الكهرباء، لذلك نقترح على شركة الكهرباء مُخاطبة مكتب سعادة والي الولاية، وذلك بتكليف شيخ المنطقة بزيارة المسكن الذي عليه مثل هذه المخالفات، للتواصل مع صاحب العقار السكني لمعرفة أسباب عدم الاستجابة لرسائل الإنذارات المُوجهة من شركة الكهرباء، فلربما يجد حالات مثل الحالة التي استشهدنا بها مع بداية هذا المقال، وبالتالي إشعار الشركة بوجود ظروف صعبة تعاني منها أسرة أصحاب هذا المسكن، ومن ثمَّ مطالبتهم بتأجيل عملية قطع الكهرباء، حتى تتمكن الأسرة من التوصل لطريقة تستطيع فيها سداد الفواتير التي عليها، أو ربما يقوم شيخ المنطقة بمحاولات مع أصحاب الخير والعطاء أو عرض الموضوع على الفرق الخيرية في الولاية لمساعدة هذه الأسرة إن كانت تُعاني فقط من ظروف طارئة واستثنائية.

والطريقة الأخرى أن تقوم شركة الكهرباء بعد نفاذ عملية الإنذارات الورقية، بمخاطبة وزارة التنمية الاجتماعية لتوجيه المختصين من الأخصائيين لزيارة المسكن لمعرفة سبب عدم رد صاحب المسكن للرسائل الموجهة إليه، وهل هناك ظروف إنسانية أو ظروف طارئة غير متعمدة منعت صاحب السكن من عملية التواصل والدفع، من أجل تلاشي عملية قطع الكهرباء في حالة وجود ظروف قاهرة يمر بها أصحاب ذلك المسكن، ومن ثم تحاول وزارة التنمية الاجتماعية إيجاد حلول مناسبة لإنهاء المشكلة.

وختاماً.. نؤكد أنَّ هناك أرواحاً بشرية بريئة ليس لها علاقة في أخطاء غيرها، تتعرض لظروف مادية ونفسية وحياتية صعبة، ولذلك علينا أن نستشعرها ومن ثم تخفيف الآلام والأضرار التي قد تتعرض لها، وموضوع قطع الكهرباء عن المساكن التي تأوي عائلات، كلنا عشم في شركات الكهرباء أن تجد طرقاً تهدف لمعرفة الوضع الحقيقي لتلك الأسرة التي امتنعت عن دفع فواتير الكهرباء، قبل الشروع في عملية قطع التيار، أحياناً خلف الجدران قصص وظروف مؤلمة لا يعلم بحالها إلا الله تعالى.