سالم بن نجيم البادي
يروي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية (سابقا)، عن السلطان الراحل قابوس بن سعيد -رحمه الله- أنه في بعض الأحيان تُرفع للسلطان تقارير، وبعضها يتسم بتطبيق النظام والقانون، وكان يؤشر عليها الرحمة فوق القانون، وحديثي اليوم عن بعض أفراد الشرطة وهم قلة كما أرجو وأعتقد قد يتعاملون مع الناس بحِدَّة في بعض الحالات والمواقف؛ وهي تصرفات فردية لا شك في ذلك، وسوف أذكر موقفا حدث معي دليلا على ذلك، ولا أنطلق من دوافع شخصية، لكنني أخشى تكرار هذه المواقف مع آخرين لا يستطيعون البوح بها إلا في مجالسهم الخاصة، مع التذمر والشكوى والمبالغات التي قد تلحق الإساءة بجميع أفراد الشرطة، والتعميم لا يجوز.
وأعود إلى حكايتي، كنت خارجا لتوِّي من أحد مكاتب "سند"، بعد دوَّامة تجديد رخص المحل التجاري الصغير الذي أملكه (استمرت الدوامة لمدة 3 أسابيع أو يزيد)، كنت أتردد على "سند" أريد تجديد عقد الإيجار، وترخيص الأمن والسلامة وترخيص اللوحة، وكل هذه التراخيص دفعت من أجلها مبالغ مالية مجزية لجهات مختلفة. وروتين قد زاد من حيث اعتقدت أنه قل، بطاقتي الشخصية بقيت محجوزة عند مركز سند والموعد الذي ضُرِب لي في الجهة الحكومية عندما حان، ذهبت لكنهم قالوا لي "المعاملة ما خلصت والموظف المختص خرج، وتعال في وقت آخر". انتهيت أخيرا من معركة التراخيص تلك، ورغبت في التخلص من أعباء مالية تُثقل كاهلي مثل فواتير الإنترنت المتراكمة والهاتف النقال وفواتير الكهرباء للبيت والمزرعة، فأوقفتُ سيارتي على طرف الشارع عند آلة الدفع، وقد تصادف مرور سيارة الشرطة وحين اوقفوا سيارتهم وراء سيارتي أدركت أن المخالفة آتية لا محالة، ورحت أبحث عن موقف غير ممنوع وقد بدا لي أن أستعطفهم راجيًا إعفائي من المخالفة، ودفع المال مُؤلم، خاصة إذا جاء بعد سلسلة طويلة من الدفع في ذات الوقت.
حاولتْ أنْ أتكلم مع أحدهم، لكنه أحالني إلى زميله الذي يجلس في الكرسي المقابل، ألقيتُ عليه السلام ولم يرد وعذرته لانشغاله بتحرير المخالفة، والنظر في رخصة القيادة وملكية السيارة، طرقت عليه النافذة المغلقة طرقات خفيفة وهو صامت ولا ينظر إليَّ وحين أصابني اليأس، قلت بتسليم ورضا -طيب خالفوني ما ناقصات علي المخالفات كملوها- ووالله وبالله وتالله ما قلت غير هذا وبهدوء واحترام، لكن الرجل تلقفها بغضب، وأمرني بكلمات متتالية الذهاب إلى الضابط في المركز، والوقت ليل ومحل إقامتي بعيد.
وجدتُ الضابط لطيفا ومهذبا، استقبلني بحفاوة واحتواني، وصبر علي، رغم انفعالي الشديد، نعتز ونفتخر بمثل هذا الضابط الشاب الذي يتعامل مع الناس برُقي واحترام. وبقيت أنتظر الشرطة الذين جلبوني إلى المركز ولي رغبة صادقة في معرفة جريمتي.
وهب أنني أخطأت، كان الأجدر بهم نُصحي وتحذيري ومعاملتي معاملة أخرى غير زجري وأخذي إلى مركز الشرطة دون نقاش وأمام روَّاد السُّوق، وكنت كل ما أريده هو أن أحصل على المخالفة وأذهب في حال سبيلي، ولا يفهم أنني ضد تطبيق القانون، لكنني أعيذ أفراد الشرطة من الشطط والتعسف عند التعامل مع الناس، وأن يلتمسوا لهم الأعذار، وأن يقدروا ظروفهم وأحوالهم ويتعاملوا معهم بلطف ولين، والعفو والصفح عن الهفوات الصغيرة.