عيد القلوب

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

اليوم تهل علينا ذكرى عزيزة على قلوب كل العُمانيين وهي ذكرى العيد الوطني الخمسين المجيد.

قبل أسبوع كتبت مقالاً بهذه المُناسبة بعنوان "عيد بلا قابوس" تطرقت فيه إلى المكانة التي تحظى بها هذه المناسبة الغالية لدى كل عُماني ومقيم يعيش على هذه الأرض الطيبة.

فمهما كتبنا ومهما سطرت أقلامنا فإننا لا نكل ولا نمل، فالحدث عظيم والمناسبة جليلة، ولا تحتويها كلمات تُكتب، ولا مقالات تسطرها أقلام المُحبين لهذا الوطن الغالي، ولا دواوين ولا كتب تؤلف، إنها ذكرى ميلاد نهضة عظيمة أرسى قواعدها المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، وسار على نهجها واقتدى بخطواتها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- الذي خطَّ بيده الكريمة ملامح المرحلة القادمة لنهضة عُمان مقتفياً خطى السلطان الراحل، كما جاء في خطاب جلالته الأول الذي ألقاه جلالته في العاشر من شهر يناير الماضي.

لقد عايشنا هذه النهضة وأعني بها نفسي ومن هم في جيلي منذ انطلاقتها الأولى في الثالث والعشرين من يوليو من عام 1970 فعشنا تطورها يوماً بعد يوم، حيث لا كهرباء ولا طرق مسفلتة سوى بضع كيلومترات في مسقط ولا مدارس سوى المدرسة السعيدية في كل من مسقط وصلالة، ولا هاتف ولا تلفاز ولا فضائيات ولا إنترنت ولا عمارات ولا مراكز تجارية ولا مولات.

نقلة نوعية قد حدثت وقد تطرقت في مقالات سابقة عن هذه الإنجازات موضحاً الفارق الكبير بين الأمس واليوم.

بعضٌ من جيل الشباب الذين لم يعايشوا المُعاناة التي عاناها آباؤهم وأجدادهم يستنكرون منا هذه المقارنات، لأنهم لم يشهدوا الفارق فيما كنَّا فيه وما نحن عليه اليوم من تطور وازدهار في ظل هذه النهضة العظيمة والطفرة التي حدثت، فالذي لم يعايش العصرين لن يحس بالفارق، ففاقد الشيء لا يعطيه.

في جعبتي الكثير من الأحداث التي يجب أن تدون في صفحات من ذهب، وإنني عازم بإذن الله أن أكتب شيئاً في هذا الموضوع إن أمد الله في العمر.

فهناك الكثير من الذكريات المؤلمة التي عشناها وعاشها الآباء والأجداد التي تستحق أن تروى ليطلع عليها جيل النهضة المباركة الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب كما يقال.

جيل مهدت له كل السبل ووفرت له الإمكانيات من تعليم ورعاية صحية وخدمات كثيرة لا تحصى ولا تعد.

بعض الشباب علق على أحد مقالاتي التي كتبتها سابقاً عن الفارق بين ما كنَّا عليه وما هم عليه اليوم من نعمة، قالوا: هذا حقنا، ولا داعي للمُقارنات وتسميعنا بما كنتم فيه وما نحن عليه اليوم.

نعم من حقهم هذا لأنهم وجدوا الأرض مفروشة بالورود، لكن من أوصلنا إلى ما نحن عليه قد أفنى عمره جله من أجل أن يكون الوطن بهذه الصورة الجميلة، وعُمان تسير على نفس النهج وبخطى ورؤى حديثة ومتطورة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله-.

فعمان ماضية بخطى ثابتة ومدروسة من أجل الاستمرار في تحقيق الرفاهية والازدهار للوطن والمواطن.

فهناك رؤى نستبشر بها للمستقبل كرؤية عمان 2040 التي بدأت ترى النور في شتى المجالات، وبدأت تباشير نجاحها مرئية وواضحة المعالم، وسوف تمضي مسيرة النهضة إلى الأفضل بإذن الله رغم الصعاب التي تعترضها، لكن عُمان دأبها منذ قديم الأزل تجاوز المحن التي تمر بها لترسو سفنها على بر الأمان.