لحن نوفمبر الحزين

 

سالم بن نجيم البادي

يأتي نوفمبر هذا العام حزيناً كما لحن أغنية قديم يتلو قصائد رثاء وعمان أم ثكلى نوفمبر يسأل وهو يعلم أن الرجل العزيز قد رحل لكنه سؤال المحب الذي يطربه النطق باسم الحبيب ويستعيد الذكريات وفيها بعض السلوى والتسرية ونوفمبر يعزف ألحان الحنين والشجن والأشواق للراحل الكبير من كان ملء السمع والبصر والوجدان الوالد والقائد والقدوة والملهم والقريب والحبيب إلى القلوب.

لم يكن السلطان قابوس سلطاناً للبلاد فقط كان أكبر من ذلك وأكثر كان السلطان الذي تربع على عرش القلوب كان مُؤيدا من الله ومباركاً من السماء وكانت صوره تشي بالاطمئنان والثقة ابتسامته ونظراته الثاقبة والحانية وملامح وجهه الواثقة في نوفمبر كانت حاضرة في الشوارع والطرقات والمدن والقرى.

وهذا العام تغيب وتغيب معها تلك البهجة التي يجلبها نوفمبر احتفالات أمل وبشرى بغد أفضل في بلد جميل وكريم وآمن ومستودع للقيم والأخلاق والمبادئ النبيلة والخيرات التي تزخر بها أرضه المعطاءة ونوفمبر منذ 49 عامًا كان الشهر المحتفى به والمميز بين الشهور في عُمان والراحل ذكراه باقية على مر الشهور ونوفمبر هذا العام صامتاً فلا أهازيج ولا رقصات ولا كرنفالات فرح كانت تضج بها كل عُمان وكل البيوت وكل الشعب.

وفي نوفمبر كانت تصدح حناجر الأطفال في بيوتهم ومدارسهم بابا قابوس والحب قابوس وحينما يطل عبر وسائل الإعلام وحين يسافر وإذا عاد من السفر وإذا تنقل بين أرجاء الوطن وإذا أصدر مرسوما أو أصدر توجيهاته وأوامره وإذا بدأ جولاته وحين مرض وعندما عاد إلى الوطن وإذا ترأس اجتماعات وإن استقبل الضيوف وفي كل أحواله الشعب يحبه ويتابع أخباره ويبتهل إلى الله أن يسدد خطاه دعاء كالغيث يهطل من الكبار والصغار وما ذكر اسمه إلا مقرونا بالاحترام والتوفير والدعاء وحينما اختاره الله إلى جواره كان الحزن والعويل والبكاء شهادة لازيف فيها على صدق الحب والوفاء ورحل كما يرحل العظماء الذين عاشوا حياة ضاجة بالأعمال والإنجازات والسيرة الحسنة وسجلوا أسماءهم في سفر التاريخ المجيد، رحم الله السلطان قابوس وكل نوفمبر وذكراه باقية في القلوب وكل عام وعُمان ماضية تنهل من إرثه العظيم وتواصل نهضتها بقيادة السلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه-.