برنامج التوازن المالي والمجتمع

 

 

خلفان الطوقي

 

لم يكن يعلم بالبرنامج الوطني للتوازن المالي إلا القليل من المهتمين والمتابعين، وعلم به عدد أكبر من الناس خلال الأسابيع القليلة الماضية عندما تردد هذا المصطلح في قناة التلفزيون الرسمي، وخلال بعض المقابلات التلفزيونية والإذاعية هنا وهناك، وبعد انتشار وثيقة برنامج التوازن في بعض منصات التواصل الاجتماعي، بالرغم من مراهنتي أن انتشارها محدود، واستيعابها محدود، وربما اهتمام الناس بها سيكون محدوَدا أيضًا.

فبالرغم من أن البرنامج الوطني للتوازن المالي قد أكمل أكثر من عام، إلا أنَّ الظروف المتوالية والمستجدة لم تسهم في الإعلان عنه إلى الآن، وبما أن البرنامج قد أعلن عنه بشكل أو بآخر، إلا أنَّ المسؤولين عنه تبقى لهم أهداف معينة وأهمها: "إيصال" أهداف البرنامج إلى المستهدفين، و"الحصول" على دعمهم واستجابتهم، لكي يتم "تنفيذ" البرنامج بسهولة وسلاسة من أطراف العلاقة المختلفة، و"ضمان" تحقيق الأهداف المنشودة والمرسومة سلفا.

يعتبر هذا البرنامج من وجهة نظري من أعقد البرامج الوطنية لأسباب كثيرة أهمها أنه يأتي في ظروف مالية ومعنوية صعبة، وتتطلب محتوياته ونتائجه الكثير من الفهم والتضحيات من الجميع، وقرارته التي صدرت وبعضها - سوف يصدر- تأتي بشكل متسارع لدرجة يصعب استيعابها من كثير من النَّاس. 

ولأنَّ المجتمع المقصود والمستهدف في عنوان المقالة عريض وغير تقليدي، ويضم شرائح كثيرة منها: المواطن والمقيم، والموظف الموجود في وظيفته الحكومية أو الخاصة، والموظف المقبل على التقاعد، والمستثمر المحلي الصغير أو الكبير والمستثمر الخارجي، والمؤسسات الاستثمارية والتمويلية، والمؤسسات التقييمية، والوكالات الإعلامية العالمية وخاصة المهمة بالشؤون الاقتصادية وغيرها من الفئات المستهدفة، عليه فإنَّ الرسائل الإعلامية لجميع هذه الفئات في غاية الأهمية، ويختلف محتواها وباقي تفاصيلها من شريحة إلى شريحة أخرى، والأهم أن العامل الذي يجب أن يلازم هذه الرسائل الإعلامية الصادرة من الحكومة إلى هذه الفئات لابد أن تتسم بالمصداقية والشراكة المستمرة.

الرسالة أو الخطة الإعلامية للمجتمع المحلي تكون عادة في غاية الحساسية لأنها تضم المُتعلم ومتوسط التحصيل التعليمي والمتفهم والغاضب والمتذمر والمشكك وغيرهم الكثير من أفراد المجتمع، فمحتوى وتوقيت الرسالة لابد أن تكون مستوعبة للكثير من الاختلافات كالمستويات التعليمية والفكرية والسلوكية والمالية وغيرها من اختلافات، لذلك تعتبر هي الأصعب والأعقد عن باقي الرسائل الإعلامية، لكن رسالة واحدة لا تكفي، وكما أشرنا فإن المجتمع المستهدف هم شرائح متنوعة ويقصد به أطراف العلاقة المختلفة، وجميعهم في غاية الأهمية.

فالرسالة التي تستهدف الموظف الحكومي هي رسالة هدفها أن تطلب منه استيعاب المتغيرات المتسارعة التي تحدث محلياً وعالمياً، وأنه وبدون خدمة المراجع بشكل مهني وسريع ومن خلال مؤشرات عمل واضحة، ومضاعفة أعداد المعاملات الحكومية اليومية المنجزة، فإنَّ برنامج التوازن المالي لن يستطيع تحقيق أهدافه الخاصة بزيادة الإيرادات لخزينة الدولة، وأيضاً الرسالة الإعلامية إلى المستثمر الخارجي على سبيل المثال لابد أن ترسل رسالة مضمونها أن برنامج التوازن المالي يستهدف قدومك للاستثمار في السلطنة ليس بالشعارات البراقة، ولكن بحزمة اقتصادية تنافسية تشمل حمايتك الشخصية وحماية مالك وتسهيل معاملاتك من خلال هذه القوانين الجديدة التي تم تعديلها لتناسبك وسط بيئة صحية تمتلك كافة البنى التحتية المتقدمة والتي تساهم في استقرارك وتوسع نشاطك التجاري دون منغصات، وستلاحظ ذلك ميدانياً.

وقس على ذلك بقية الفئات المُستهدفة التي يستهدفها برنامج التوازن المالي، ومُراعاة التفاصيل من حيث المحتوى وتوقيتها ونوعية اللغة ومستواها والأسلوب ونوعية المنصات الإعلامية والأدوات المستخدمة، والجهة التي تصرح، والمسؤول الذي يُمثلها، وتوقع ردات الفعل المُختلفة، وكيفية التفاعل معها، فبرنامج التوازن المالي أصبح جزءًا من حياتنا اليومية، وجزءًا من الخطة الخمسية العاشرة ٢٠٢١- ٢٠٢٥، وجزءًا من رؤية عُمان ٢٠٤٠، لذلك الخطة الإعلامية المساندة والمكملة للبرنامج لابد لها أن تكون جزءًا من كل بيت ومدرسة وجامعة وجامع، تصل للجميع في كل قرية ومدينة، وبأساليب مختلفة تتناسب مع اختلافاتنا، وبلغات مُختلفة لتصل إلى بقية الفئات المستهدفة من خارج المحيط المحلي من مؤسسات وأفراد، فكلما وصلت الرسالة الإعلامية لمحيط أوسع بشكل صحيح يتناسب معها، فإن المؤمل أن تكون النتائج أيضًا أكبر وأشمل.