التعليم عن بعد.. تجربة تحت المجهر

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

بعد إقرار التعليم عن بُعد من قبل وزارة التربية والتعليم للصفوف الدراسية من الصف الخامس إلى الصف العاشر بسبب جائحة كورونا كوفيد19 ضج الجميع وتعالت الأصوات المطالبة بتوفير الدعم لعدم توفر الإمكانيات المادية لدى كثير من المواطنين، كذلك عدم توفر الشبكات الملائمة للإنترنت في كثير من القرى البعيدة عن المدن الرئيسية.

ويواجه البعض صعوبات كثيرة منها المادية ومنها عدم الدراية والإلمام بالتعامل مع الأمور التقنية.

كذلك الاستغلال الظاهر للعيان للوضع من بعض الشركات في رفع أسعار أجهزة الحاسب الآلي والمبالغة في الأسعار، رغم المتابعة المستمرة من هيئة حماية المستهلك، وعلى رأسها رئيس الهيئة شخصياً، من خلال ما تطالعنا به وسائل الإعلام المختلفة من متابعات مستمرة من سعادته على الميدان.

فهناك استغلال كبير من كثير من التجار للوضع في رفع الأسعار بأضعاف مضاعفة، فضج كثير من الناس من هذا الوضع.

فهناك الكثير من المواطنين من ذوي الدخول المتدنية والدخول المتوسطة وأسر الضمان الاجتماعي.

نعم الحكومة الرشيدة قد وفرت الدعم لهذه الأسر، إلا أن المبالغة في الأسعار بعد رفعها قد جعل الدعم مبنياً على أسعار السوق في هذه الأيام.

وتجربة التعليم عن بعد قد كشفت للجميع هشاشة البنية الأساسية لشبكة الاتصالات في بلادنا وتدني جودة الإنترنت في السلطنة.

فجودة الإنترنت وسرعتها كانت تتركز في العاصمة مسقط وأجزاء من أمهات المدن في المحافظات، في حين أنَّ أجزاءً كبيرة من هذه المدن لا تحظى بخدمات جيدة، حيث لم تصلها خدمة الألياف البصرية، هذا الوضع داخل المدن ولم أتطرق بعد إلى القرى الجبلية البعيدة التي تنعدم فيها خدمة الإنترنت تماماً.

ففي مرات عديدة كتبت مقالات عن شبكات الإنترنت في قرانا الجبلية، فبعض القرى تمَّ دعمها بشبكة الجيل الثاني 2G التي لا تصلح إلا للمكالمات الهاتفية، وبعض القرى تنعدم فيها الشبكة نهائياً، حتى الاتصالات الهاتفية غير موجودة، وفي حال الطوارئ لطلب النجدة إثر سقوط أحد من الجبال، أو لدغات الأفاعي أو الولادات المُتعسرة يضطر الأهالي لصعود التلال والجبال للبحث عن شبكة للاتصال بالطوارئ.

هذه حقيقة وليست مُبالغة، والدليل على ذلك توقيع هيئة تنظيم الاتصالات والشركة العمانية للنطاق العريض على اتفاقية لتوفير خدمات الاتصالات والإنترنت لعدد من القرى والتجمعات السكانية عن طريق الأقمار الصناعية في مختلف محافظات السلطنة والتي ستشمل إنشاء أكثر من 320 محطة جديدة لتغطية 450 قرية.

إلا أنَّ هذه الخدمة ستشوبها معوقات، فالمعروف تقنياً أن خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية بطيئة جداً من خلال تجارب سابقة بتحويل خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية عند قطع الكابلات الموصلة للإنترنت في البحار والمحيطات إلى حين الإصلاح.

والملاحظ أنَّ المواطنين هذه الأيام في طوارئ مستمرة، فالبعض يبحث عن الأجهزة البسيطة التي تتماشى مع ظروفهم المالية من خلال شرائهم أجهزة لوحية تعمل بنظام أندرويد وآي أو أس، والبعض الآخر يبحث عن أجهزة حاسب آلي مُستخدمة لعدم توفر الإمكانيات المادية لشراء أجهزة حديثة.

كذلك هناك أسر لديها أكثر من طالب وفي مراحل مختلفة ويتزامن دخولهم الشبكة التعليمية في آن واحد مما يتطلب شراء جهاز لكل طالب، وهذا أمر بالغ الصعوبة.

ومن خلال تواصل كثير من المُواطنين معي للكتابة في هذا الموضوع، فإنَّ هناك أمر ربما غائب عن البعض وهو أنَّه في حال وجود أطفال في الصفين الخامس والسادس ولا يجيدان التعامل مع المنصة التعليمية ووالديهما في العمل، في هذه الحالة كيف يحضر هؤلاء الطلاب الجلسات التعليمية في ظل غياب الوالدين؟ .

إنَّ جائحة كورونا كوفيد19 قد غيرت الكثير من نمط حياتنا المعتاد، وقد تجاوزنا بحمد الله تعالى الكثير من الصعاب رغم فقدان أحبتنا جراء هذه الجائحة، وسوف نتجاوز بإذن الله بقية الصعاب.

فها نحن الآن أمام اختبار كبير، وبعون من الله تعالى ومن ثمَّ الجهود الجبارة التي تقوم بها حكومتنا الرشيدة بقيادة سلطان البلاد الملهم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه، سوف نجتاز كل المحن، وسترسو سفينة عُمان في بر الأمان بحوله تعالى.