المقال رقم 250

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

لم أجد هذا الأسبوع موضوعاً للكتابة عنه، رغم زحمة المواضيع والقضايا المهمة في حياتنا اليومية؛ وذلك لسبب واحد، وهو أنه لا يوجد مجال إلا وتطرقنا إليه، وما زالت هناك مطالب لم تتحقق، ولم ترَ النور بَعد.

ونظراً لكون هذا المقال هو المقال رقم 250 من إجمالي المقالات التي كتبتها خلال ست سنوات متواصلة، فإنه من باب التذكير بأنَّ مقالاتي السابقة والبالغ عددها 249 مقالاً قد تركَّزت حول تسليط الضوء على القضايا المجتمعية، والمطالبة بالخدمات وتحسين بعضها.

لا أُنكر أنه توجد استجابة من بعض الجهات، وتمَّ تنفيذ بعض المقترحات التي تطرقنا إليها، لكن الغالبية لم تجد آذاناً صاغية، رُبما للأوضاع المالية التي تمرُّ بها البلاد والعالم بأسره، وربما لأمور نجهلها ويعلمها ذوو الاختصاص.

أذكر في سنوات العقدين الثامن والتاسع من عمر النهضة المباركة، حين كانت لا توجد مواقع للتواصل الاجتماعي ولا هواتف ذكية، وإنما وسيلتنا الوحيدة في المطالبة بالخدمات هي الكتابة في الصحف المحلية، فقد أتاحتْ صحيفتا "عمان" و"الوطن" آنذاك زوايا للقراء، وكُنا نستغل هذه الزوايا للمطالبة ببعض الخدمات التي تحتاجها ولاياتنا.

فبمجرد النشر، تأتي الردود من الجهات التي وجَّهنا إليها النداءات مباشرة بعد أيام قليلة من خلال الجريدة، لطمأنتنا بأنَّ الخدمة المطلوبة قد أدرجت ضمن الخطة أو سوف تُدرج، أو أن التنفيذ سيكون قريباً، وبالفعل يتم تنفيذ المشروع، أو يتم إصلاح الضرر في الخدمة التي تمَّ تقديم الشكوى عنها، حينئذ كان لصوتنا من يسمعه، وكان هناك من المسؤولين من يخشون المحاسبة على التقصير إن وجد، لذلك تكون الاستجابة سريعة.

أما اليوم، وقد تطورت الوسائل، وأصبح لكل كاتب عمود يومي أو أسبوعي في صحيفة من الصحف المحلية، وأصبح لكل كاتب وكل مواطن حسابات في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ويكون التواصل والتحاور مباشرًا ويصل إلى رأس الهرم في كل وزارة في ساعته، إلا أنه ورغم ذلك غالباً لا يتم الرد، وإن تم الرد فسيكون مجرد رد بدون نتيجة تُذكر.

قبل عام أو عامين كتبتُ مقالات بعنوان "برقيات"؛ شملت جميع ولايات السلطنة، سلطت فيها الأضواء عن مطالبات الأهالي بالعديد من الخدمات الضرورية، كالطرق والكهرباء والمياه وشبكات الهاتف، وأذكر أن الجهة التي كانت ترد على جميع المقالات التي تنشر في جريدة "الرؤية" تحديداً هي وزارة النقل والاتصالات سابقاً، كما أنَّ الشركة العمانية للاتصال "عمانتل" تتواصل معنا مباشرة.

فذات مرَّة كتبتُ مقالاً عن ضعف شبكة الهاتف النقال في بعض قرى وأودية الرستاق، وقد تمَّ التواصل معي مباشرة من قبل مسؤولين في الشركة، وتم بالفعل تشكيل فريق لزيارة القرى التي ذكرتها في المقال، وتم التنسيق معي لمرافقة الفريق، إلا أنَّه قد صادف انشغالي في تلك الأيام ورشحت أحد الأخوة لمرافقتهم، وبالفعل تمت زيارة القرى لعدد من الأيام، وتم رفع تصوُّر عن وضع الشبكات في تلك القرى وتمت ترقية بعضها.

مثل هذه الجهات تستحقُّ الثناء على حرصها لتجويد خدماتها، وإن أخفقت في تقديم بعض الخدمات، لا سيما المبالغة في تعرفة المكالمات المحلية، والتي خصصت لها مقالاً الأسبوع الماضي؛ حيث تمَّ التواصل معي من قبل هيئة تنظيم الاتصالات لزيارتهم في مبنى الهيئة؛ لمناقشة النقاط التي تطرقت إليها في المقال، وبما أنَّ الموضوع لا يخصني شخصيًّا، وإنما يخص المواطنين كافة، فقد طلبت من الهيئة مخاطبة جريدة "الرؤية" رسميًّا كما هو معتاد، لتوضيح أسباب تفاوت أسعار المكالمات الهاتفية بين المكالمات المحلية والمكالمات الدولية للهند وبنجلاديش وباكستان، من أجل نشر الرد عبر الصحيفة.

المُحزن في الأمر أننا كتبنا وطالبنا كثيراً بخدمات مهمة وحيوية وحساسة للغاية، فعلى سبيل المثال لا الحصر: تقاطع المسفاة الذي راح ضحيته العشرات، فالمحير في الأمر أن مدخل المسفاة كان يرتاده سعادة المحافظ السابق لستة أعوام باعتبار أن مكتب المحافظة يقع في تلك القرية، ولا ننكر أن سعادته قد قام بجهود في هذا الشأن، فلو حلت مشكلة التقاطع وأنشئ دوار أو جسر أو طريق التفافي منذ بدء المطالبة سيُحسب ذلك الإنجاز للمحافظ من خلال تواجده في المحافظة.

ونأمل أن يتم الإنجاز على يد المحافظ الجديد، خاصة بعد إصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية بموجب المرسوم السلطاني رقم 101/2020، الذي منح المحافظات الاستقلال الإداري، والذي سيتيح للمجالس البلدية دورا رئيسياً في صياغة مسودات احتياجات المحافظات والولايات من الخدمات والمشاريع التنموية من خلال مجلس شؤون المحافظات.

كذلك كتبتُ عن شبكة الألياف البصرية التي حرمت منها مدينة الرستاق الداخل وسط المدينة، بينما تتمتع بعض الأحياء الحديثة بالخدمة، والحجة أنَّ توصيلات كابلات الألياف البصرية داخل المدينة صعبة بسبب التخطيط القديم، فهل معنى ذلك أن يُحرم قرابة 40 ألف نسمة من هذه الخدمة الحيوية التي أصبحت ضرورية كالماء والهواء؟!!

ومن المطالبات الملحَّة التي كتبنا حولها: تأهيل طريق الحزم - الوشيل، هذا الطريق مُتهالك؛ فقد مضى عليه عقود عديدة، وأصبح مليئًا بالحفر التي تؤثر على المركبات وسلامة مرتادي الطريق.

كما أننا كتبنا عن إنارة الطريق السريع وما يشكله الوضع الحالي من خطورة، وقد ذهبت أرواح بسبب الحيوانات السائبة في ظل عدم تشغيل الإنارة.

وهناك قضايا عديدة شملتها هذه المقالات، وقد أصدرت كتابي الأول "رسائل" الذي دشن في معرض مسقط للكتاب 2018، والذي يحوي 100 مقال، و"رسائل 2" جاهز للطباعة، وقد تأخَّرت طباعته بسبب جائحة كورونا التي عطلت العديد من مناحي الحياة، والكتاب أيضاً يحتوي على 100 مقال، وها نحن اليوم نصل إلى المقال رقم 250 من المقالات التي أتمنَّى أن أكون قد أديت رسالتي فيها بأمانة وصدق وحب لهذا الوطن والسلطان.