الاندماجات والاستحواذات.. "طوق النجاة" لشركات "الذهب الأسود"

صناعة النفط "في مهب الريح".. و100 ألف عامل خرجوا من القطاع

◄ صفقتا اندماج 4 شركات أمريكية تتجاوز 12.3 مليار دولار

◄ 50 مليار دولار ديون 50 شركة نفط وغاز في أمريكا الشمالية

◄ إجراءات مكافحة التغير المناخي تقوض آمال ازدهار القطاع

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

تتعثَّر صناعة النفط والغاز يومًا تلو الآخر، من بعد قوَّة تميزت بها خلال العقود الماضية، بينما تبذل الشركات العاملة في القطاع محاولات يائسة للنجاة من جائحة كورونا التي تسبَّبت في انخفاض حاد للطلب على منتجاتها.

ولجأت مُعظم الشركات إلى خفض عمليات الحفر وتسريح العمال وشطب الأصول، فيما يسعى البعض الآخر الآن نحو الاندماج أو الاستحواذ لخفض التكاليف، حسبما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

وأعلنتْ شركة "كونوكو فيلبس"، يوم الإثنين الماضي، أنها اشترت شركة "كونشو ريزورسز" مقابل 9.7 مليار دولار، وهي أكبر صفقة على الإطلاق في قطاع النفط منذ انهيار أسعار الخام في مارس الماضي. وجاء هذا الاستحواذ بعد أيام من استكمال استحواذ شركة "شيفرون" على شركة "نوبل إنرجي"، وهو الاستحواذ الذي سيخلق واحدة من أكبر حفارات النفط الصخري في الولايات المتحدة. ويشير هذا الاستحواذ إلى عمليات الاندماج المتسارعة في الصناعة التي تشهد تراجعا في أسعار النفط عند مستوى 40 دولارًا للبرميل. وكشفت شركة "ديفون إنرجي" إنها ستشتري "دبليو بي إكس إنرجي" مقابل 2.6 مليار دولار.

لكنَّ العديد من المستثمرين ليسوا مُتأكدين من أن مثل هذه الصفقات ستكون كافية لحماية الصناعة من التدهور الحاد. والمشكلة الكبرى تتمثل في أن ثروات شركات النفط مرتبطة بشكل أساسي بأسعار النفط والغاز الطبيعي، والتي ما زالت منخفضة بشكل كبير. ويتوقع قلة من الخبراء انتعاشًا كاملاً للطلب على النفط قبل عام 2022، فيما ذهب بعض المحللين إلى حد التصريح بأن الطلب على النفط قد يكون قد بلغ ذروته عام 2019، ومن المرجح أن ينخفض ​​خلال السنوات المقبلة مع تزايد شعبية السيارات الكهربائية التي لا تعتمد على الوقود الأحفوري.

وقال مايكل لينش رئيس قسم الطاقة الإستراتيجية والبحوث الاقتصادية، الذي يقدم الاستشارات الدورية لمنظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك": "تحاول الشركات الاحتماء والصمود في وجه العاصفة. ومعظم الأشخاص لا يعتقدون أن سعر النفط سيتعافى لبضع سنوات".

وسعت أكثر من 50 شركة نفط وغاز في أمريكا الشمالية ترزح تحت ديون تزيد على 50 مليار دولار، لتفادي الإفلاس هذا العام. ومن بين الضحايا شركة "تشيسابيك للطاقة"، وهي شركة رائدة في مجال النفط الصخري مقرها أوكلاهوما سيتي. وقد يحدث المزيد من الإخفاقات خلال العامين المقبلين؛ حيث يتعين على الشركات سداد ديون تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

وتخشى شركات النفط من مستقبل محفوف بالمخاطر، لا سيما مع تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ وفرض الحكومات لوائح أكثر صرامة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري. وتخشى الشركات الصغيرة من اتخاذ إجراءات صارمة ضد تسرب الميثان وتشديد اللوائح البيئية، خاصة إذا أصبح نائب الرئيس السابق جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة وسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ.

وفي أوروبا، بدأت شركات النفط بالفعل في التحول بعيدًا عن النفط والغاز، والتخطيط لاستثمارات في الطاقة المتجددة؛ مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية لجذب مستثمرين جدد. ورغم تحقيق هذه الشركات نجاحًا محدودًا حتى الآن، إلا أن الشركات الأمريكية ظلت في معظمها متمسكة بأعمالها التقليدية؛ حيث تكيفت مع أسعار النفط والغاز المنخفضة عن طريق خفض الاستثمارات بنسبة 30% أو أكثر. وتراجع عدد منصات الحفر بمقدار 569 منذ الخريف الماضي، ليصل إلى 282 منصة فقط تعمل في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وتعكف شركات النفط على الاحتفاظ بالسيولة النقدية وإعادة التفاوض على العقود مع شركات الخدمات التي تتولى بحفر الآبار واستكمالها. وانخفضت أسعار تأجير الحفارات بنسبة 10% تقريبًا؛ مما ضغط على الشركات التي تنفذ الأعمال الميدانية. وفقد أكثر من 100000 عامل أمريكي وظائفهم في الأشهر الأخيرة بقطاع النفط.

وانخفض إنتاج النفط الأمريكي إلى 11.2 مليون برميل يوميًا في سبتمبر من 13 مليونًا في بداية العام. وتتوقع وزارة الطاقة تراجع الإنتاج بمقدار 200 ألف برميل إضافية يوميًا بحلول منتصف عام 2021؛ حيث تقوم الشركات بحفر عدد أقل من الآبار الجديدة لاستبدال الآبار القديمة.

وفي حالة عدم السيطرة على الوباء في أجزاء كثيرة من العالم، فإن الزيادة الأخيرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى يمكن أن تخفض الطلب على النفط والغاز بصورة أكبر خلال الأشهر المقبلة.

تعليق عبر الفيس بوك