العالم يجر أذيال الخيبة بعد فشل إجراءات مواجهة الجائحة

10 تريليونات دولار خسائر مستقبلية متوقعة بسببت "كورونا"

مجلس مراقبة الاستعداد العالمي يوصي بـ5 إجراءات عاجلة لانتشال النظام العالمي من الكارثة

القيادة والمواطنة والرشاقة المؤسسية وإدارة الأزمات أسلحة ضرورية على خط المواجهة

ترجمة - رنا عبد الحكيم

كشفتْ تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، عن فشل جماعي في التعامل مع الوقاية من الوباء، أو التأهب والاستجابة على محمل الجد، وإعطاء الأولوية لذلك، وذلك وفق تقرير مجلس مراقبة الاستعداد العالمي (GPMB) كهيئة مُراقبة ومساءلة مستقلة لضمان التأهب للأزمات الصحية العالمية أطلقتها كل من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي.

تقرير المجلس أكَّد أنَّ الاستعداد للوباء والوقاية منه يكلف أقل بكثير من الاستجابة لجائحة واحدة، وهي واحدة من بين قائمة الدروس المستفادة من "كوفيد 19"، مشيرًا إلى أنَّ إجمالي تكاليف الاستجابة حتى الآن تقدَّر بـ11 تريليون دولار، مع خسارة مستقبلية قدرها 10 تريليونات دولار من الأرباح.

وفي السياق، دعا المجلس إلى خمسة إجراءات عاجلة "لإخراج النظام العالمي من الكارثة والفوضى":

1- القيادة المسؤولة:

أشاد التقرير ببعض القادة؛ مثل رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، لاستجابتهم السريعة للوباء، وهما ما دعا للتوصية بأن يكون قادة الغد -بدءًا من الرؤساء الحكوميين وحتى المديرين التنفيذيين للمنظمات الدولية- حاسمين عند مواجهة حالة الطوارئ الصحية التالية، وبقيادة العلم.

وأنه من أجل نزع الطابع السياسي عن الأزمات بشكل فعال، يُوصِي المجلس بضرورة تعيين الدول منسقين رفيعي المستوى لقيادة الاستجابات، فضلاً عن إجراء عمليات محاكاة بشكل روتيني للحفاظ على التأهب، كما يجب أن يكون الوصول إلى اللقاحات "عادلًا ومنصفًا"، وأن تحصل كل دولة على حصص أولية من الجرعات الكبيرة بما يكفي لتغطية 2%على الأقل من سكانها.

2- انخراط المواطنة:

يلعب المواطنون دورًا مهمًّا أيضًا؛ لذا فمن الواجب أن يطالبوا حكوماتهم بالمساءلة عن التأهب للطوارئ الصحية؛ الأمر الذي يتطلب أن يقوم القادة بتمكين مواطنيهم وتقوية المجتمع المدني.

وفي محاولة للتصدي لانتشار المعلومات المضللة، فإنه من الواجب على كل فرد تحمل مسؤولية "البحث عن معلومات دقيقة واستخدامها لتثقيف أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم". كما يجب عليهم أيضًا تبني سلوكيات تعزز الصحة، وحماية الفئات الأكثر ضعفًا، وأن يكونوا دعاة لهذه الإجراءات داخل مجتمعاتهم.

3- أنظمة وطنية قوية ورشيقة

ويقول المجلس إنَّ هناك حاجة لمزيد من التنسيق والدعم للبحث والتطوير في حالات الطوارئ الصحية.

وسيشمل ذلك إنشاء آلية مستدامة لضمان تطوير اللقاحات والعلاجات بسرعة، وإتاحتها مبكرًا وتوزيعها بإنصاف وفعالية. وسيتطلب الأمر من قادة العالم العمل على تعزيز منظمة الصحة العالمية كمنظمة محايدة ومستقلة مسؤولة عن تنسيق التأهب والاستجابة للأوبئة.

وفي الوقت نفسه، ينبغي للبلدان أيضًا تعزيز أنظمتها الخاصة بالتأهب.. وهنا تشمل الإجراءات الموصي بها القيام بعمل تحديد مسببات الأمراض التي يمكن أن تؤدي لحدوث جائحة، وبناء القدرات الأساسية للصحة العامة وإنشاء أنظمة لحماية المواطنين المعرضين للخطر.

4- الاستثمار المستدام في الوقاية

فوفق ما تقول به قوانين الإدارة، فإنَّ "الأحداث غير العادية تتطلب تمويلاً غير عادي". لكن السرعة التي يمكن بها تمويل البحث والتطوير في حالات الطوارئ يعوقها الافتقار إلى الآليات اللازمة لتوفير مثل هذا التمويل على المستوى العالمي.

وعلى هذا النحو، فهي تطلب من قادة مجموعة العشرين التأكد من توفير التمويل الكافي للتخفيف من العواقب الحالية والمستقبلية للوباء. وينبغي على رؤساء الحكومات ضمان تمويل قوي لقدراتهم الوطنية للاستعداد للأوبئة والتصدي لها. كما يدعو المجلس الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومؤسسات التمويل الدولية (IFI) إلى تطوير آلية للتمويل المستدام للأمن الصحي العالمي، والذي من شأنه أن يعترف بالاستعداد باعتباره "مصلحة عالمية مشتركة"، ولا يتأثر بالدورات السياسية والاقتصادية.

5- إدارة عالمية قوية للطوارئ الصحية

وقال المجلس إنَّ فيروس كورونا المستجد ألقى الضوء على تعقيدات كيفية التحكم في التأهب؛ حيث إنه في المراحل الأولى من الوباء كان المجتمع العلمي العالمي يشارك البيانات في وقت قياسي ويتعاون في التطوير المبكر للتشخيص. ولكن في الوقت نفسه، لم تدرك العديد من البلدان الخطر؛ مما أدى إلى "تأخير اتخاذ الإجراءات الحاسمة". لذلك، يقول المجلس إنَّ اللوائح الصحية الدولية "IHR" -وهي إطار عالمي موجود لحماية الأشخاص من حالات الطوارئ الصحية- يجب تعديلها. وسيشمل ذلك تعزيز عمليات الإعلان عن المعلومات وتبادلها حول حالات الطوارئ هذه، وتقديم توصيات قائمة على الأدلة بشأن السفر والتجارة على الصعيدين المحلي والدولي، وتطوير آليات لتقييم الامتثال للوائح الصحية الدولية.

ويقول التقرير إنَّه يتعين على قادة العالم، إلى جانب منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، "تطوير آليات تنبؤية لتقييم الاستعداد متعدد القطاعات"، بما في ذلك عمليات المحاكاة والتمارين التي تختبر وتثبت قدرة وسرعة أنظمة التأهب للطوارئ الصحية.

تعليق عبر الفيس بوك