مخاطر مفاوضات "بريكست" تعود للواجهة.. وآفاق غائمة أمام الإسترليني و"فوتسي 100"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

مع بدء العد التنازلي لانقضاء مُهلة إجراء مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، من المرحَّج أن يُسبب عدم إحراز تأثير عميق على الأسواق العالمية، وليس فقط على أصول الجنيه الإسترليني واقتصاد المملكة المتحدة، وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ويرى التقرير أنَّ المفاوضات في وضع مُعلق بسبب نفس القضية التي ألقت بثقلها على المفاوضات خلال السنوات الأربع والنصف الماضية؛ حيث تريد المملكة المتحدة الحفاظ على الوصول للسوق الأوروبية المشتركة، لكنها -في محاولة لاستعادة "السيادة"- لا ترغب في الالتزام بلوائح الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق يبدو من المستحيل التوصل لصفقة. لكن لا يزال هناك مجال للتوصل إلى تسوية والاتفاق على صفقة تجارية محدودة. ففي القطاعات الرئيسية، يمكن أن تختار المملكة المتحدة التوافق مع لوائح الاتحاد الأوروبي لفترة معينة، ويمكن بعد ذلك تشكيل لجان رقابة مشتركة للإشراف على الترتيبات الخاصة بذلك.

أمَّا بالنسبة للقطاعات التي لم يشملها الاتفاق التجاري؛ فمن المتوقع أن تؤدي ترتيبات الانتقال إلى تقليل التأثير الأولي، نظرًا للضعف الحالي لاقتصادات الطرفين؛ بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

وفي حين أنَّ هذا سيؤدي إلى صفقة تجارية أضيق بكثير من تلك التي أبرمتها المملكة المتحدة حاليًا مع الاتحاد الأوروبي؛ فمن المحتمل أن يدعي كلا الجانبين "النصر". ومع ذلك، لا يزال من الممكن أن يختار كلا الجانبين عدم إبرام صفقة.

صفقة أم لا صفقة؟! السيناريوهان لهما آثار مختلفة للغاية بالنسبة للجنيه الإسترليني؛ ففي حالة التوصل إلى صفقة، من المتوقع أن يرتفع الجنيه الإسترليني بنحو 5% من حيث الوزن المرجح للتجارة، لأن الأمر سينطوي على مخاطر حدوث صدمة اقتصادية، في حالة عدم إبرام صفقة. وعلى النقيض من ذلك، فإن أي صفقة حادة لا تؤدي إلى انخفاض الجنيه الإسترليني، سوى بنسبة 10%.

ومن الصعب جدًا تحديد ما ستعنيه نتائج المفاوضات على مؤشر "فوتسي 100" ببورصة لندن؛ فغالبًا ما يُفترض أن هناك علاقة سلبية بين العملة والمؤشر البريطاني. ويبدو هذا بديهيًا؛ نظرًا لأن 77% من عائدات المؤشر تأتي من الخارج، وغالبًا ما يُفترض أن ضعف الجنيه الإسترليني يرفع قيمة العائدات من الأرباح الخارجية، وبالتالي، المؤشر القياسي. ولسوء الحظ، فإن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فالعلاقة بين الجنيه الاسترليني ومؤشر فوتسي بعيدة كل البعد عن الاستقرار، وفي بعض الأحيان يكون الارتباط سلبيا. لكن في أوقات أخرى، كان الارتباط إيجابيا لفترات طويلة.

وعلى مدار السنوات العشر الماضية، كان متوسط ​​الارتباط بين العوائد اليومية لمؤشر فوتسي والجنيه الإسترليني المرجح للتجارة قريبًا -إلى حد ما- من الصفر. وتوضح الفترة التي تلت نتيجة استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي لعام 2016 تلك النقطة بشكل مباشر؛ حيث تراجع المؤشر، ثم ارتفع ثم انخفض. وبعد أسبوعين من الاستفتاء، انخفض الجنيه الإسترليني العملة المرجحة للتبادل التجاري) بنسبة 12%. وارتفع مؤشر فوتسي بنسبة 2%.

ويرى التقرير أنَّ المسألة بحاجة للنظر ليس فقط فيما يحدث بالنسبة للمملكة المتحدة والجنيه الإسترليني، لكن أيضًا في كيفية تأثير هذه التطورات على الأحداث في أماكن أخرى من العالم. وفي حين أنه من المتوقع أن يكون معظم التأثير في الداخل البريطاني، يتوقع لأي فشل في المفاوضات أن يكون له تأثير أوسع على أنشطة الاتحاد الأوروبي؛ نظرا أن عائدات المملكة المتحدة وأوروبا تشكل حوالي 40% من إجمالي عائدات الشركات المدرجة على مؤشر فوتسي. ومن المرجح كذلك أن تتعطل الإيرادات القادمة من أماكن أخرى في العالم، مثل 27% من الإيرادات القادمة من أمريكا الشمالية، أو 30% من الإيرادات المحصلة من دول آسيا المتقدمة والأسواق الناشئة.

وواقع الأمر أن الثقة في إبرام صفقة رابحة باتت هشة، خاصة في ظل أزمة كوفيد-19؛ حيث يمكن أن يؤثر توتر المناقشات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على معنويات المخاطرة العالمية وأسعار الأصول. وقد يُؤدي ذلك بدوره للإضرار بمعنويات الشركات والمستهلكين، وإطالة فترة الضعف الاقتصادي العالمي الناجم عن تداعيات الفيروس، وزيادة تراجع أسعار السلع الأساسية وأسعار الفائدة العالمية. والاحتمال الأكبر أن يتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة، في انخفاض الجنيه الإسترليني.

ويختتم التقرير بالقول إنَّه وفي حالة عدم تحقيق المفاوضات نتيجة مثمرة، يتعين على المستثمرين في المملكة المتحدة البحث عن خيارات بديلة للتحوط من قيمة محافظهم الاستثمارية. وعلى النقيض من ذلك، إذا كانت الأمور تسير سيرا صحيحًا، وأنه يمكن الاتفاق على صفقة، فقد يكون هذا هو الوقت الفعلي لشراء الأسهم البريطانية.

تعليق عبر الفيس بوك