الموجة الارتدادية لكورونا

علي بن بدر البوسعيدي

 

خلال الأسابيع القليلة الماضية، ظنَّ البعضُ خطأً أنَّ فيروس "كورونا" قد تلاشى مع تراجع عدد الإصابات اليومية لمستويات منخفضة، مقارنة مع الأرقام الكبيرة التي رُصدت قبل ذلك؛ فتهاوَن الناس في الإجراءات الاحترازية، وضرب الكثيرون بعُرض الحائط أهمية ارتداء الكمامات، بل والأشد من ذلك عادت التجمعات غير الآمنة صحيًّا سواء في المنازل أو في المطاعم أو المراكز التجارية، فعاد الفيروس مكشِّرا عن أنيابه، لتتزايد الإصابات مجددا، حتى بِتنا مهددين بالعودة للمربع الأول.

الآن.. نحن أمام موجة ارتدادية للإصابات، أو ما يُسميها البعض الموجة الثانية، وإذا ما استمرَّ الحال هكذا دون وعي مجتمعي واسع بضرورة التقيُّد بالضوابط الصحية، فستكون هناك موجات ثالثة ورابعة وخامسة... إلخ.

ونحن في السلطنة لا نختلف عن الكثير من دول العالم، فقد وجدنا هذه الموجة الثانية تعود في بلدان أوروبا، بينما لا تزال الدول المتصدِّرة لعدد الإصابات غارقة في الأرقام اليومية الهائلة من الإصابات؛ مثل: الولايات المتحدة والهند والبرازيل، الثلاثة الأعلى في العالم. وكذلك الحال بالنسبة لدولة مثل المملكة المتحدة، التي ما فتأت تعيد فتح الأنشطة الاقتصادية فيها حتى عاد الفيروس بقوة مُسبِّبا إصابات عديدة.

وأيًّا ما يكن الحديث عن طبيعة الأعراض المصاحبة للإصابة في هذه الموجة الثانية؛ سواء كانت ضعيفة أو متوسطة، إلا أنَّ المؤكد أنَّ هناك عدوى، وتلك العدوى قد تُودي بحياة مصاب، أو حياة من ينقل إليه العدوى دون أن يعلم. لذلك؛ لا بديل عن الالتزام الشديد بالإجراءات الاحترازية، وهي سهلة للغاية وفي استطاعة أي فرد في المجتمع أن يلتزم بها؛ فما الذي يعيق ارتداء الكمامة في بيئة العمل، وقد وفرت الشركات الكمامات للجميع؟ وما المانع من ارتدائها عند زيارة الأهل أو التنزُّه على الشواطئ؟ هل بات غسل اليدين جيدا بالماء والصابون أمرًا معضلا للبعض حتى إنه يتكاسل عن ذلك؟ هل من الصعب ترك مسافة آمنة بينك وبين من تحدثه في العمل أو في مركز التسوق أو في أي مكان تتواجد فيه؟

إنني أوجه نداءً عاجلا لكل فرد في مجتمعنا، بضرورة التقيُّد بهذه الإجراءات البسيطة، خصوصا وأن مؤسسات الدولة -وعلى رأسها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا- تقوم بجهودها على أكمل وجه، وما أدل على ذلك من أن المستشفى الميداني المخصص لمرضى "كوفيد 19" سيفتح أبوابه في غضون أيام قليلة، وهو مُجهَّز على أعلى مستوى، وسيسهم في الحد من الضغوط الملقاة على عاتق المؤسسات الصحية؛ بحيث تعود إلى تقديم خدماتها الصحية الطبيعية على أكمل وجه.