ضيق التنفس وشدة التعب وآلام العضلات.. الأكثر شيوعًا

الأعراض المزمنة لدى المتعافين من "كوفيد 19" تصيب العلماء بالحيرة

ترجمة - رنا عبدالحكيم

رصد تقرير لصحيفة "ذي إندبندنت" آراءً مُتعددة حول مسألة الأعراض المزمنة التي يعاني منها المتعافون من فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، دون التوصل إلى إجابة مقنعة، لكنها أوضحت أنَّ هذه الأعراض المزمنة باتت مؤكدة لدى كثير من المرضى باختلاف ظروف المرض والتاريخ المرضي للمصاب، وتتلخَّص هذه الأعراض في ضيق التنفس، والتعب المفرط وآلام العضلات.

وفي بداية العام 2020، كان "كوفيد 19" لا يزال مرضًا غير متفشٍّ في معظم العالم، لكن الآن هناك 27 مليون حالة مؤكدة مصابة بفيروس كورونا حول العالم؛ منها: 350000 حالة في المملكة المتحدة وحدها، بينما يقترب عدد الوفيات العالمي من 900000.

ولا يزال الكثير غير معروف عن الآثار طويلة المدى للفيروس. وفي فبراير اعتقدت الحكومة البريطانية أنه مشابه لأمراض الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا، ولهذا السبب تبنت نموذجًا لوباء الإنفلونزا تم اختباره جيدًا. لكن من الواضح الآن أنَّ فيروس كورونا يعمل بشكل مختلف. وهناك جانب آخر من الفيروس الذي أصبح موثقًا بشكل أفضل مع اقترابنا من الشهر التاسع من العيش معه، وهو مدته. ففي 25 أغسطس، أنكرت الحكومة البريطانية أن بوريس جونسون قد يستقيل من منصب رئيس الوزراء في غضون ستة أشهر بسبب المشاكل الصحية المستمرة بعد إصابته بفيروس كورونا. ومن غير المؤكد ما إذا كان جونسون لا يزال يعاني أم لا من تداعيات إصابته، لكن الآثار طويلة المدى لفيروس كورونا يلاحظها الخبراء والناجون بشكل متزايد.

ووجدت دراسة صدرت في 20 أغسطس أن ما يقرب من ثلاثة أرباع مرضى الفيروس التاجي الذين دخلوا إلى المستشفى يعانون من أعراض مستمرة بعد 3 أشهر، ولم يتمكن الكثير منهم، من القيام بالمهام اليومية مثل الاستحمام أو ارتداء الملابس أو العودة إلى العمل. وفي 7 سبتمبر، أفادت دراسة أخرى بأنَّ ما يصل إلى 60 ألف شخص في المملكة المتحدة يعانون من مرض كوفيد منذ أكثر من 3 أشهر.

إذن.. ما طبيعة "مرض كوفيد 19 طويل المدى"؟ ولماذا يحدث لبعض المرضى دون غيرهم؟

تقول الصحيفة في تقريرها إن مصطلح كوفيد 19 طويل المدى (المعروف أيضًا باسم طويل الذيل) ليس مصطلحًا طبيًّا رسميًّا، ويستخدم هذا المصطلح من قبل الأشخاص الذين يعانون من أعراض الفيروس لفترة أطول من فترة الأسبوعين الرسمية التي أقرتها منظمة الصحة العالمية، والتي من المفترض أن تكون طويلة بما يكفي منذ الإصابة وحتى زوال الفيروس من جسم المصاب.

وأفاد المصابون بمجموعة كبيرة من المشكلات تتجاوز الأعراض الثلاثة المعتمدة من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (السعال المستمر، والحمى، وفقدان التذوق أو الشم). وتشمل تلك المشكلات التعب وضيق التنفس وآلام العضلات وآلام المفاصل و"ضباب الدماغ" وفقدان الذاكرة وقلة التركيز والاكتئاب. ولا يُعتقد أن المصاب يظل ناقلا للعدوى لفترة طويلة، لكنه يعاني فقط من آثار طويلة المدى.

وعلى الرغم من أن المصطلح لا يزال عاميًّا ولم يُعتمد طبيًّا على مستوى عالمي، فقد شارك العديد من المشاهير بمن في ذلك الممثلين أليسا ميلانو وإيما سامز تجاربهما في قضايا مثل تساقط الشعر، إلا أنَّ هناك أدلة علمية متزايدة تدعم فكرة المرض الطويل.

وفي 20 أغسطس، وجدت دراسة نشرتها مستشفى ساوثميد في بريستول أن نحو 81 مريضًا من أصل 110 مرضى خرجوا من المستشفى، لا يزالون يعانون من أعراض كوفيد 19، بما في ذلك ضيق التنفس، والتعب المفرط وآلام في العضلات، بعد 12 أسبوعًا.

وتشير بيانات منفصلة من تطبيق Covid Symptom Study، الذي تديره كينجز كولدج البريطانية، إلى أن "عددًا كبيرًا" من الأشخاص يبلغون عن الأعراض لمدة شهر. ووجد التطبيق، الذي تم تنزيله أكثر من 3 ملايين مرة، أن واحدًا من كل 20 شخصًا يعاني من أعراض طويلة المدى.

ولوحظ النمط ذاته في أماكن أخرى حول العالم، فوفقا لمجلة الجمعية الطبية الأمريكية، أفاد فريق من الباحثين من إيطاليا بأن ما يقرب من 9 من كل 10 مرضى (87%) خرجوا من مستشفى في روما لا يزالون يعانون من عرض واحد على الأقل بعد 60 يومًا من بداية الإصابة. ووجدوا أن 13% من 143 شخصًا كانوا خالين تمامًا من أي أعراض، في حين أن 32% لديهم عرض أو عرضان، و55% لديهم ثلاثة أعراض أو أكثر.

ولا يقتصر الأمر على إبلاغ المصابين به، فقد عالج الأطباء ثلث المرضى الذين يعانون من أعراض مرض كوفيد 19 طويل المدى، بما في ذلك التعب المزمن وفقدان الشم، وفقًا لمسح أجرته الجمعية الطبية البريطانية.

والسؤال المطرح الآن: لماذا يستمر "كوفيد 19" لفترة أطول مع بعض الأشخاص؟

بحسب تقرير صادر عن كينجز كولدج، فإنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أعراض طويلة المدى؛ فالأمر قد يكون مرتبطا بحدة المرض. لكن في نفس الوقت "تتزايد الأدلة على أن بعض الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض خفيفة نسبيًا في المنزل قد يعانون أيضًا من مرض طويل الأمد" - حسب التقرير.

وأظهرتْ دراسة سابقة عن التعب المزمن بعد المرض أن بعض المرضى قد يكونوا مهيَّئين بيولوجيًّا لمثل هذه الاستجابة. وقالت الدراسة: "عندما أعطيت مادة كيميائية تسمى "إنترفيرون ألفا" للناس كعلاج للالتهاب الكبدي (سي)، تسببت في مرض شبيه بالإنفلونزا لدى كثير من المرضى وإرهاق ما بعد الفيروس في عدد قليل". وأضافت الدراسة أن الباحثين درسوا هذه الاستجابة الاصطناعية للعدوى "كنموذج للإرهاق المزمن"، ووجدوا أن المستويات الأساسية لجزيئين في الجسم يحفزان الالتهاب هما: إنترلوكين 6 وإنترلوكين 10، وتنبأت الدراسة بتطور ذلك لدى الأشخاص لاحقًا ليكون إرهاقا مزمنا.

ما المساعدة المتاحة للأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد طويل المدى؟

أطلقت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا خدمة إعادة تأهيل للأشخاص الذين يعانون من الآثار طويلة المدى للفيروس. وقدمت الحكومة 8.4 مليون جنيه إسترليني كتمويل لدراسة Phosp-Covid، وهو اتحاد على مستوى المملكة المتحدة بقيادة باحثين في جامعة ليستر البريطانية، والذي سيحقق في النتائج الصحية طويلة المدى للمرض، ومن المتوقع أن يشارك حوالي 10000 مريض في ذلك البحث.

تعليق عبر الفيس بوك