بوب وودوارد ينشر محتوى 18 مقابلة مع الرئيس الأمريكي

"الغضب".. تفاصيل صادمة عن ترامب "الذي لا يفرق بين الحقيقة والكذب"

◄ ترامب كان يعلم أن "كورونا" يمثل أكبر تهديد للأمن القومي.. لكنه تعمد "التقليل من خطورته"

◄ ترامب منتقدا مظاهرات "حياة السود مهمة": هؤلاء الأوغاد الفقراء جهلاء

◄ ترامب يصف زعيم كوريا الشمالية بأنَّه "أبعد ما يكون عن الذكاء"

◄ ترامب تفاخر بأنَّ الزعيم كيم عرض عليه "فيديو قتل عمه"

◄ قادة الجيش فوجئوا بإعلان ترامب عن إنتاج أمريكا لسلاح سري جديد

◄ مدير المخابرات الوطنية السابق: ترامب يفتقر للبوصلة الأخلاقية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يبدو أنَّ عام 2020 سيكون الأكثر نشرًا لكتب خاصة تتناول أداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتضمن في مجملها وجهات نظر مُناهضة للرئيس، فضلاً عن كشفها العديد من التفاصيل الدائرة في الغرف المغلقة والاجتماعات غير المعلنة، وآخر هذه الكتب هو كتاب "الغضب" لمؤلفه بوب وودوارد  الصحفي المخضرم في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

بوب وودورد.jpg
 

ويسرد وودوارد العديد من التفاصيل ذات الصلة بإدارة ترامب، من أبرزها حضور الرئيس ترامب إحاطة استخباراتية سرية للغاية في المكتب البيضاوي يوم 28 يناير الماضي عندما تحولت المناقشة نحو تفشي فيروس كورونا في الصين. وذكر الكتاب أن مستشار الأمن القومي روبرت سي أوبراين أبلغ ترامب قائلاً: "سيكون هذا أكبر تهديد للأمن القومي تواجهه في فترة رئاستك... هذا سيكون أصعب أمر تواجهه". واتفق معه ماثيو بوتينجر نائب مستشار الأمن القومي، وأخبر الرئيس أنه بعد التواصل مع الصين، كان من الواضح أن العالم يُواجه حالة طوارئ صحية تساوى في خطورتها جائحة الإنفلونزا عام 1918، والتي قتلت ما يُقدر بنحو 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.

وبعد عشرة أيام، اتصل ترامب بوودوارد وكشف أنه يعتقد أن الوضع أسوأ بكثير مما كان يقوله علنًا. وقال ترامب في مكالمة هاتفية في 7 فبراير متحدثاً إلى بوب وودوارد: "أنت فقط تتنفس الهواء وهذه هي الطريقة التي يمر بها الفيروس.. هذا أمر صعب للغاية.. أمر حساس جدًا. كما إنه أكثر فتكًا من الإنفلونزا". وكرر الرئيس التأكيد على أن "ما يحدث أمر مُميت". لكن في المُقابل، كان ترامب يخبر الأمريكيين أن الفيروس ليس أسوأ من الإنفلونزا الموسمية، وتوقع أنه سيختفي قريبًا، كما أصر على أن الحكومة الأمريكية سيطرت عليه تمامًا. ومرت عدة أسابيع قبل أن يعترف علنًا ​​بأنَّ الفيروس ليس إنفلونزا عادية وأنه يمكن أن ينتقل عن طريق الهواء.

كما اعترف ترامب لوودوارد في 19 مارس أنه تعمد التقليل من خطر الفيروس، وقال الرئيس: "كنت أرغب دائمًا في التقليل من شأنه.... ما زلت أحب التقليل من شأنه، لأنني لا أريد أن أتسبب في حالة من الذعر".

وبصرف النظر عن استكشاف طريقة تعامل ترامب مع الوباء، يغطي كتاب وودوارد، العلاقات العرقية والدبلوماسية مع كوريا الشمالية ومجموعة متنوعة من القضايا الأخرى التي طفت على السطح خلال العامين الماضيين. ويتضمن الكتاب أيضًا تقييمات وحشية لسلوك ترامب على لسان وزير الدفاع السابق جيم ماتيس والمدير السابق للاستخبارات الوطنية الأمريكية دانيال كوتس وآخرين.

ويستند الكتاب جزئيًا إلى 18 مُقابلة مسجلة أجراها وودوارد مع الرئيس ترامب بين ديسمبر ويوليو. وكتب وودوارد أن الاقتباسات الأخرى الواردة في الكتاب حصل عليها من خلال محادثات "الخلفية العميقة" مع عدد من المصادر، والتي يتم فيها الكشف عن المعلومات وتبادلها دون ذكر أسماء الأشخاص.

وكتب وودوارد: "يبدو أن ترامب لم يكن أبدًا مستعدًا لحشد الحكومة الفيدرالية لمواجهة الفيروس، وبدا باستمرار أنَّه يدفع الولايات إلى حل المشاكل.. لم تكن هناك إدارة حقيقية للقضية أو كيفية تنظيم مشروع ضخم للتعامل مع واحدة من أكثر حالات الطوارئ تعقيدًا التي واجهتها الولايات المتحدة على الإطلاق".

واستجوب وودوارد ترامب مرارًا وتكرارًا بشأن مظالم العنصرية، ففي 3 يونيو، وبعد يومين من قيام العملاء الفيدراليين بإخراج المُتظاهرين السلميين بالقوة من ساحة "لافاييت" لإفساح المجال أمام ترامب لالتقاط صور خارج كنيسة سانت جون الأسقفية، هاتف ترامب وودوارد للتفاخر بموقفه من "القانون والنظام". وقال ترامب: "سنستعد لإرسال قوات الحرس الوطني إلى بعض هؤلاء الأوغاد الفقراء الذين لا يعرفون ماذا يفعلون، هؤلاء اليساريون المتطرفون".

بينما ضغط وودوارد على ترامب لفهم محنة الأمريكيين السود بعد عقود من التمييز وعدم المساواة والفظائع الأخرى، استمر الرئيس في الرد بالإشارة إلى الأرقام الاقتصادية مثل مُعدل البطالة بين السود، وادعى- كما كان يفعل في كثير من الأحيان علنًا- أنه اتخذ الكثير من القرارات من أجل السود، أكثر من أي رئيس آخر باستثناء أبراهام لنكولن.

وفي مُحادثة أخرى حول العرق، في 8 يوليو، اشتكى ترامب من عدم دعم الناخبين السود له، وقال لوودوارد: "لقد بذلت قدرًا هائلاً من أجل مُجتمع السود.. وبصراحة، أنا لا أشعر بأي حب من قبلهم".

وفي الوقت الذي حذَّر فيه رؤساء المخابرات الأمريكية من أنه من غير المرجح أن تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية وأن نهج ترامب غير فعَّال، أخبر الرئيس وودوارد أنه مُصمم على الاستمرار في مساره مع كوريا الشمالية، وقال باستخفاف إن "وكالة المخابرات المركزية ليس لديها فكرة عن كيفية التعامل مع كوريا الشمالية".

ويقول خبراء الشؤون الخارجية إن ترامب تخلى عن الكثير من الثوابت الأمريكية، بما في ذلك تأجيل ثم تقليص التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية التي أثارت غضب كوريا الشمالية لفترة طويلة، وكذلك من خلال منح كيم المكانة الدولية والشرعية التي طالما كان النظام الكوري الشمالي يتوق إليها. وأخبر ترامب وودوارد أنه يقيم كيم وترسانته النووية كاستثمار عقاري: "إنه حقًا، كما تعلمون، شخص يحب منزلًا ولا يمكنه بيعه".

ورحب كيم بمبادرات ترامب بخطابات نثرية مبالغ فيها، وكتب كيم أنه يريد "لقاء تاريخي آخر مع فخامة الرئيس يذكرنا بمشهد من فيلم خيالي". وقال إن اجتماعاته مع ترامب كانت "ذكرى ثمينة" أكدت كيف أن "الصداقة العميقة والخاصة بيننا ستعمل كقوة سحرية". وكتب وودوارد أن ترامب افتتن بإطراء كيم، وأخبره (أي وودوارد) بفخر أن كيم خاطبه بـ"فخامة الرئيس". ولاحظ ترامب أنَّه كان مذهولًا من لقاء كيم لأول مرة في عام 2018 في سنغافورة، ووجد أن كيم "أبعد ما يكون عن الذكاء". وتباهى ترامب أيضًا أمام وودورد بأن كيم "يخبرني بكل شيء"، بما في ذلك سرد مصور لقتل عمه.

ولم ينشر ترامب رسائله إلى كيم، والتي قال الرئيس "إنها سرية للغاية"، لكن وودوارد حصل عليها بصورة مستقلة. وكتب أن ترامب أرسل إلى كيم نسخة من صحيفة نيويورك تايمز تظهر صورة الرجلين على الصفحة الأولى. وكتب ترامب بقلمه على الصحيفة: "السيد الرئيس، هذه صورة رائعة لك.. (أتمنى لك) وقتاً سعيدًا". بينما تفاخر ترامب كذباً عندما أخبر وودوارد بأن الزعيم الكوري الشمالي "لم يبتسم من قبل قط. أنا الوحيد الذي يبتسم معه".

أما فيما يخص علاقات ترامب مع القادة المستبدين بشكل عام، بما في ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقول ترامب لوودوارد: "إنِّه أمر مضحك، العلاقات التي أتمتع بها، كلما كانت أقوى وأكثر خبثًا، كان من الأفضل أن أتعايش معها".

وفي خضم التفكير في مدى قرب الولايات المتحدة في عام 2017 من الحرب مع كوريا الشمالية، قال ترامب: "لقد قمت ببناء نظام نووي، نظام أسلحة لم يمتلكه أحد في هذا البلد من قبل. لدينا أسلحة لم ترها أو تسمع عنها حتى. لدينا أسلحة لم يسمع عنها بوتين وشي (الرئيس الصيني شي جين بينج) من قبل. ما لدينا لا يصدق".

وكتب وودوارد أن مصادر- لم يكشف عنها- أكدت لاحقًا أنَّ الجيش الأمريكي يمتلك نظام أسلحة جديدًا سريًا، لكنهم لم يقدموا تفاصيل، وأن المسؤولين وغيرهم فوجئوا بإعلان ترامب عن ذلك.

ولم يغفل المُؤلف الحديث عن وزير الدفاع جيم ماتيس ودانيال كوتس مدير المخابرات الوطنية ووزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون، حيث ذكر أن ماتيس ذهب إلى كاتدرائية واشنطن الوطنية للصلاة تعبيراً عن قلقه على مصير الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، ووفقًا لما ذكره وودوارد، قال كوتس "قد يأتي وقت يتعين علينا فيه اتخاذ إجراء جماعي" لأنَّ ترامب "خطير... إنه غير لائق".

وفي محادثة منفصلة رواها وودوارد، أخبر وزير الدفاع مدير المخابرات الوطنية بأن "الرئيس يفتقر للبوصلة الأخلاقية"، ورد عليه مدير المخابرات الوطنية قائلاً: "هذا صحيح. بالنسبة له، الكذب ليس كذبة. هذا فقط ما يعتقده. إنه لا يعرف الفرق بين الحقيقة والكذب". واستشهد المؤلف بجاريد كوشنر صهر ترامب وكبير مستشاريه، على نطاق واسع في الكتاب. وكتب وودوارد أن كوشنر أخبر مقربين له بأنَّ واحدة من أهم النصوص الإرشادية التي ساعدته على فهم رئاسة ترامب كانت "أليس في بلاد العجائب"، وهي الرواية الشهيرة عن الفتاة الصغيرة التي سقطت في حفرة أرنب.

تعليق عبر الفيس بوك