تراجع أسعار النفط يعكس ارتباك سوق الخام وتضارب الرسائل السعودية

ترجمة - رنا عبدالحكيم

تراجعتْ أسعار النفط الأمريكي بنسبة 7%، أمس الأول الثلاثاء، لتصل إلى 36.76 دولار للبرميل، وهو أسوأ يوم للخام الأمريكي وأدنى سعر إغلاق في نحو 3 أشهر، بينما انخفض خام برنت إلى ما دون 40 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ أواخر يونيو.

وذكر تقرير لشبكة "سي.إن.إن بيزنس" الإخبارية أنَّ عمليات البيع المكثف في سوق الطاقة مدفوع بشكل كبير بالقلق المتزايد بشأن كمية النفط الخام التي يحتاجها الاقتصاد العالمي الهش. وما زال الطلب على وقود الطائرات ضعيفًا للغاية لتراجع الرغبة في السفر أثناء الوباء، وسط ضبابية كبيرة بشأن الوقت المستغرق لتحقيق التعافي.

وقال روبرت ياوجر مدير العقود الآجلة للطاقة في ميزوهو سيكيوريتيز: "الطلب ينخفض ​​والعرض يرتفع". وأضاف: "قوانين البقاء الاقتصادية تنتهك على طرفي النطاق".

وجاء البيع بعد أن خفضت السعودية -الزعيم الفعلي لمنظمة "أوبك"- سعر البيع الرسمي لآسيا والولايات المتحدة، حسبما ذكرت وكالة بلومبرج الإخبارية. ولا يمكن اعتبار ذلك بادرة جيدة أبدًا لأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم؛ حيث باتت تشعر أنها مضطرة لخفض الأسعار لجذب المشترين. وأضاف ياوجر "هذه علامة تحذير مزدوجة الوميض". وأضاف "تثير أوبك نوعا من الذعر من خلال إرسال إشارة سيئة إلى مجتمع الطاقة".

وتأتي الاضطرابات الأخيرة في سوق النفط في ظل اضطرابات كبيرة في أسواق الأسهم. وانخفض مؤشر ناسداك يوم الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي، فيما بدا تصحيحًا بنسبة 10% من أعلى المستويات القياسية. وتراجعت بحدة أسهم شركات تسلا وأبل وزووم رغم استفادتها الكبيرة من تداعيات الوباء.

وقال جيف ويل محلل الطاقة في Neuberger Berman: "لم يتغير شيء" في صورة العرض والطلب الأساسية للنفط "لتبرير هذا النوع من التراجع".

ومثلما يصل المستثمرون إلى نقاط الخروج في أسهم التكنولوجيا، فإنهم يتخلصون من رهانات المضاربة على النفط الخام. وعلق ياوجر قائلا: "الجميع يحاول الخروج في الحال. هناك سيل من أوامر البيع".

ويندفع المستثمرون للتخلص من مخزونات النفط؛ مما تسبب في تراجع أسهم أباتشي وأوكسيدنتال ودايموندباك للطاقة، بأكثر من 6%. وتراجعت أسهم شركة إكسون موبيل، التي طُردت الشهر الماضي من مؤشر داو جونز، بنسبة 3%.

وتسبب الوباء -إلى جانب حرب الأسعار بين روسيا والمملكة العربية السعودية- في انهيار أسعار النفط هذا الربيع. وتحولت أسعار النفط الأمريكي لفترة وجيزة إلى السلبية للمرة الأولى على الإطلاق، حيث وصلت إلى مستوى سالب 40 دولارًا للبرميل. لكن تخفيضات الإنتاج غير المسبوقة من أوبك وروسيا ساعدت على إطلاق انتعاش على شكل منحنى "V" في سوق الطاقة. وبعد 7 أسابيع فقط من الوصول إلى القاع، عاد الخام الأمريكي إلى 40 دولارًا للبرميل. وأدى ذلك إلى اتفاق أوبك وروسيا على زيادة الإنتاج ببطء من مستويات منخفضة للغاية.

لكنَّ الخبر السار للمضاربين على ارتفاع أسعار النفط هو أن الطلب على البنزين قد انتعش بحدة؛ حيث تعافت حركة المرور على الطرق تقريبًا. ويتوقع بنك أوف أمريكا أن يصبح الطلب العالمي على النفط من استخدام الطرق إيجابيًا على أساس سنوي في الأشهر القليلة المقبلة. وساعد ذلك في رفع متوسط ​​أسعار البنزين داخل الولايات المتحدة إلى 2.22 دولار للجالون، ارتفاعا من 1.77 دولار في أواخر أبريل.

إلا أنه في المقابل، ثمة أخبار سيئة، وهي أن السفر الجوي ليس قريبًا من مستويات ما قبل الجائحة، الأمر الذي يُبقي الطلب على وقود الطائرات منخفضًا للغاية. ومن المحتمل ألا تتعافى حركة السفر من أجل العمل، حتى يتم التوصل إلى لقاح للفيروس، حسبما قال أوسكار مونوز رئيس شركة يونايتد إيرلاينز الجوية الأمريكية. ولهذا حذر بنك أوف أمريكا في تقرير أواخر الأسبوع الماضي من أن الطلب العالمي على النفط سيستغرق ثلاث سنوات لكي "يصبح طبيعياً".

وحذر مايكل تران العضو المنتدب لإستراتيجية الطاقة العالمية في "آر.بي.سي كابيتال ماركتس" من أن الأساسيات في سوق النفط ستظل على الأرجح ضعيفة خلال الخريف.

إذن.. ما مقدار انخفاض النفط الخام؟

حتى عند أدنى مستويات يوم الثلاثاء، ما زالت أسعار النفط الأمريكي تتداول فوق الأسعار السلبية التي سجلتها في 20 أبريل، لكن محللي الطاقة لا يتوقعون تكرار هذه الرحلة إلى ما دون الصفر. ويتوقع يوجر ألا ينخفض ​​سعر النفط الخام كثيرًا عن 30 دولارًا للبرميل لأنه في تلك المرحلة ستضطر أوبك إلى الإنقاذ مرة أخرى. وقال: "لا أعتقد أننا ذاهبون إلى الهاوية مرة أخرى كما حدث في الربيع".

تعليق عبر الفيس بوك