التداعيات تشتد ضرواة مع اتساع دائرة تفشي الفيروس

أضرار كارثية "مُركبة" تطرق بعُنف "أبواب التعليم الموصدة"

 

< القواعد الصارمة لم تنجح في تقليل مخاطر العدوى في "التعليم النظامي"

< "التعليم عن بُعد".. قليل من الاستفادة كثير من التشتيت

< توقعات بأزمة بطالة غير مسبوقة بعد تسريح 400 مليون حول العالم

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

سلَّطتْ مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ضوءًا كاشفًا جديدًا على زوايا مُغايرة، تحاول منها الوصول لإجابة عن السؤال الملح: هل ستُعود الحياة المدرسية والجامعية إلى وضعها الطبيعي مرة أخرى على الأقل في الفترة الحالية؟

وكمدخل ممهِّد للإجابة بدأت المجلة مسارها من نقطة في منتصف الطريق، راصدةً عودة الملايين من طلاب المدارس والجامعات إلى مقاعدهم فعليًّا أو عن بُعد، مع التزاك وصفته بـ"القواعد الصارمة" بشأن فيروس كورونا. متطرقة في ذلك إلى سرد عدة نماذج؛ بدءًا من "فقاعات الفصل" في الدنمارك، مرورًا بتجربة بعض المدارس في أوروبا وشرق آسيا التي نجحت نوعا ما في التخفيف من قواعد التباعد الاجتماعي، أو التعلم عن بُعد بمشكلاته المتراكمة سواءً على الطلاب المشتتين أو أولياء الأمور المرهقين.

وقالت "فورين بوليسي" إنه وفي الوقت الذي تراجعت فيه بعض الدول عن قرارا فتح المدارس مع ارتفاع معدلات العدوى، وبالتالي قررت الغلق مرة أخرى، فإنَّ الجامعات تكافح أكثر من المدارس، ويبدو أن مساكن الطلاب والتواصل الاجتماعي للطلاب هي موائل طبيعية لانتشار الفيروس.. لافتة إلى أنَّ الجامعات الخاصة التي تعتمد على مدفوعات الرسوم الدراسية، ستعاني أيما معاناة إذا تقرَّر التعلم عن بُعد؛ باعتبار ذلك لا يستحق كل هذه التكلفة الباهظة.

المجلة نحت باتجاه المستقبل، مستطلعةً آراء مفكرين بارزين بشأن توقعاتهم لتأثيرات الوباء على المسيرة التعليمية اليوم وما بعد "كورونا"؛ حيث رأى مايكل د. سميث أستاذ تكنولوجيا المعلومات والتسويق في جامعة كارنيجي ميلون، أن التكنولوجيا ستعمل أخيرًا على تعطيل الجامعات بشكلها الحالي والتي كانت بمعزل عن التغيير، فلقد أجبر الوباء الجماعات على تبني التقنيات الرقمية التي ستجعل الموارد وفيرة من خلال السماح للطلاب بالدراسة في أي وقت وفي أي مكان. وفي الوقت نفسه، ستسمح الأدوات الجديدة عبر الإنترنت للطلاب إظهار مهاراتهم بخصوصية ووضوح لا يمكن أن تتطابق معه الشهادات الجامعية.

بينما يعتقد لودجر ويسمان أستاذ الاقتصاد بجامعة ميونيخ ومدير مركز Ifo لاقتصاديات التعليم، أنَّ التعلم عن بُعد ليس بديلاً جيدًا للتعليم الشخصي. فعندما تمَّ مؤخرًا استطلاع آراء أكثر من 1000 من أولياء أمور أطفال المدارس الألمانية، وُجِد أنَّ الوقت الذي يقضيه الطلاب في المدرسة والواجبات المنزلية انخفض إلى النصف من 7.4 إلى 3.6 ساعة فقط في اليوم، بينما زاد الوقت الذي يقضيه الطلاب في مشاهدة التليفزيون أو لعب ألعاب الكمبيوتر أو استخدام الهواتف المحمولة إلى 5.2 ساعات في اليوم، أي أكثر من ثلث الطلاب يدرسون الآن ساعتين فقط أو أقل.

لذا فمن وجهة نظره أنه سيكون لإغلاق المدارس تكاليف حقيقية على المدى الطويل؛ وأنه من المهم جدا العودة لنظام التعليم المعتاد بأسرع ما يمكن.

جينيفر نوزو عالمة الأوبئة في كلية بلومبيرج للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز، أشارت إلى أنه يمكن إعادة فتح المدارس بأمان، ولكن فقط مع بروتوكولات وخطط صارمة داخل وخارج المدارس في المجتمع ككل.

فيما أوضح ديفيش كابور أستاذ دراسات جنوب آسيا ومدير برامج آسيا في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، أن البلدان النامية تعرضت لضربة كبيرة بشكل خاص. ويمثل استبدال التعلم الشخصي بالتعليم عن بُعد تحديًا كبيرًا في البلدان الغنية.

وأجزم سالفاتور بابونيس الباحث المساعد في مركز الدراسات المستقلة والأستاذ المشارك في جامعة سيدني، بأن "كوفيد 19" يمثل خطرا كبيرا على التعليم الدولي.. موضحًا: "لقد أوقف الوباء بشكل مفاجئ تنقل الطلاب الدوليين... وبالنسبة للجامعات الغربية التي تعتمد على تعليمها، يمكن أن يتحول ذلك إلى تحد وجودي".

إلى ذلك، نقلت "فورين بوليسي" عن أندرياس شلايشر مدير التعليم والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، اعتقاده بأن "كوفيد 19" أدى لتفاقم عدم المساواة في التعليم. وعلى الرغم من الجهود المبذولة في التدريس عن بُعد، فقد عانى هؤلاء الطلاب من خسائر كبيرة في التعلم. وقال: "هذا سيئ بما فيه الكفاية، ومع ذلك فإنَّ بعض إستراتيجيات إعادة الفتح التي يتم تنفيذها اليوم ستجعل خسائر التعلم لهؤلاء الطلاب أكبر.. ستتبع هذه الخسائر معًا الطلاب في سوق العمل، وسيشعر كل من الطلاب ومجتمعاتهم بالنتائج الاقتصادية السلبية".

أما منى مرشد الرئيس التنفيذي المؤسس لشركة Generation، فهي تعتقد أن الأولوية الآن في خلق وظائف للخريجين؛ مشيرة إلى آفاق الخريجين ساءت بشكل جذري، بعدما فقد ما يقدر بنحو 400 مليون شخص وظائفهم حول العالم، لينضموا إلى 200 مليون عاطل عن العمل بالفعل.

تعليق عبر الفيس بوك