الخروج من المندوس

طفول سالم

‏تمر الأيام كرحلة قصيرة في محطات الحياة.. كغفوة طفل في كنف أمه.. ‏في تلك الرحلة من الصغر وحتى الكبر نحلم ونخاف ونحب ونكره ونتذكر وننسى.. ‏والأهم ألا شيء يستمر على الإطلاق مهما بدا عظيماً..كل شيء يمضي ويبقى الزمان سائراً نحو الأمام.

ومن نافلة القول إن أبسط حق من حقوق العقل على حامله أن يرفض أو يقبل عن لا وعي، وأنه يجب أن يأخذ لنفسه مساحة من التفكير الحر بعيدا عن إملاءات الآخرين أو قيود عاداتهم أو موروثهم الفكري، ويجب أن نتحرر من الملوثات السمعية والفكرية والخروج عن السائد والمألوف الخاطئ، وأن نفتح نوافذ التحرر والإبداع، وذلك لا يعني الهروب من الثوابت أو الانسلاخ أو السقوط إلى هاوية الفراغ؛ وإنما أن أفكر بمعزل عن الأطر والحواجز والموانع التي وضعها غيرنا في ظروف وأزمنة ماضية ربما لم يعد بعضها لا يناسبنا حاليا وعلينا أن نلتمس الطريق.

وأسوة بالكثير من المبدعين الذين أبدعوا في الفنون والفلسفة والأدب والعلوم حين فكروا خارج الصندوق؛ ووثبوا خارج المألوف واخترقوا الأطر الفكرية النمطية المتوارثة، ولهذا خلدهم التاريخ، وخلد فكرهم ومن وجهة نظري علينا إعادة هيكلة نمط وأسلوب وطرق التفكير وألا نصدق كل ما نقرأ ولا نثق بكل ما نسمع، و‏هذه ليست مجرد كلمات عابرة، ‏بل مبدأ ومنهج؛ ‏فما نشهده من ترنح للأفكار والقناعات، ناتج عن أفكار جديدة أخذت تجب القديم شئنا أم أبينا. ومن هنا لابد أن نحصن فكرنا بالجديد الذي يناسب العصر وعلينا أن نسد اتباع صدى كل ناعق وأن نحكم عقولنا قبل قلوبنا وأن نتحلى بسعة الأفق والرصانة لنجتاز عباب الوهم.

لا يجب أن تتغير قناعاتنا وفق الأهواء والمصالح الخاصة، وليس لنا أن نتقلب مع أفكار السياسيين "قالبي السترات" ‏كتشبيه بالجنود الذين يفرون من جيوشهم عند الشعور بالهزيمة وينضمون للمعسكر المُعادي.

علينا أن نعلم الناس كيف يقرأون وكيف يتعلمون وعلينا أن ننتزعهم من فقرهم المعرفي، ‏فتعليم القراءة والكتابة ينتج نصف واع ونصف مثقف، يصدق كل ما قرأه، ‏وهنا تكمن قضية اجتماعية نعانيها؛ ‏حيث يكون خطراً على نفسه قبل غيره، ‏ولا يهتم إلا بالقشور في كل شيء.

لذلك عندما تطرح علينا أفكار وأخبار وآراء لابد من تمحيص نقدي وتحرير فكري وهو مهارة لابد من غرسها والعمل بها ‏وإتقانها، ولابد للتربية الأسرية ومناهج التعليم أن تنفتح لحرية النقد والنقاش. وألا تعتبر الطاعة المطلقة دلالة حصرية على الولاء وحسن السلوك والحكمة.

تعليق عبر الفيس بوك