أكد أنَّ فصل الملكية عن الإدارة التنفيذية يمثل جوهر الحوكمة

حامد البوسعيدي لـ"الرؤية": ميثاق حوكمة الشركات الحكومية "جاهز" وسيكون ملزمًا

 

◄ اختيار مجلس الإدارة الأكفأ.. أولى خطوات نجاح حوكمة الشركات الحكومية

◄ الإفصاح عن القوائم المالية في الشركات الحكومية من أساسيات الميثاق

 

الرؤية- نجلاء عبدالعال

أكد السيد حامد بن سُّلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عُمان للحوكمة والاستدامة أنَّ ميثاق الحوكمة الخاص بالشركات الحكومية جاهز للتطبيق، مشيدًا بالجهود التي بذلتها الأطراف المعنية في مراجعته وإبداء الملاحظات عليه.

وقال- في حوار لـ"الرؤية"- إنَّ الميثاق يغطي بنسبة كبيرة جوانب عديدة من المُمارسات الجيدة للحوكمة، مشددًا على أنَّ الميثاق سيكون ملزماً. وأبرز البوسعيدي السبل الكفيلة بتطبيق مبدأ فصل الملكية عن الإدارة التنفيذية في الشركات الحكومية، وأكد على أنَّ الشفافية والإفصاح عن القوائم المالية أمر ضروري على الشركات الحكومية أن تتبعه، لأنه من متطلبات الميثاق، وكذلك الجهات الرقابية التي تشرف على هذه الشركات. وأضاف المدير التنفيذي لمركز عُمان للحوكمة والاستدامة أنَّ أبرز أسس ومبادئ الحوكمة التي يجب أن تتبناها الشركات الحكومية كبداية في المرحلة الحالية هو مبدأ "مجلس الإدارة"، باعتباره المبدأ الذي تعتمد عليه بقية المبادئ الخمسة للحوكمة.

وإلى نص الحوار:

 

 

 

** يزداد التركيز على الشركات الحكومية في ظل التغييرات التي جرت مؤخراً، ونود منكم إلقاء الضوء على علاقة ودور مركز عُمان للحوكمة والاستدامة فيما يتعلق بالشركات الحكومية؟

الغرض من تأسيس مركز عُمان للحوكمة والاستدامة يتمثل في نشر الوعي بمفهوم وثقافة الحوكمة والاستدامة إلى كافة الشركات بمختلف أشكالها القانونية في السلطنة، والشركات المملوكة للحكومة تعتبر جزءًا من هذه الشركات، واستطاع المركز بناء علاقات طيبة في السنوات الماضية مع مختلف الشركات ومؤسسات القطاع العام من خلال الخدمات التي نفذها لهم كالاستشارات والتدريب في مجالي الحوكمة والاستدامة وأيضاً من خلال مذكرات التفاهم.

والعلاقة بين المركز والشركات المملوكة للحكومة علاقة عمل حسنة وقوية جداً منذ نشأته؛ حيث كان هناك تواصل مستمر ومشاركة واسعة وأهمها مشاركة بعض هذه الشركات في ورش العمل والاجتماعات المُتعلقة بإعداد مشروع ميثاق الاستدامة الوطني الذي تبناه المركز ليكون مرجعاً لكافة الشركات في تبنيها للاستدامة، وقد تم الإعلان عن صدروه في مؤتمر الاستدامة الأول الذي نظمه المركز عام 2018 بحضور عدد كبير من الشركات من القطاعين العام والخاص، إضافة إلى أنَّ المركز له دور كبير في توعية هذه الشركات وهناك بعض الجوانب التي تدل على العلاقة والدور الذي قام به المركز؛ منها أنَّ المركز قام بإعداد سياسات الحوكمة على شكل ميثاق للشركات المملوكة للحكومة بالتنسيق مع الهيئة العامة لسوق المال كونها الجهة المعنية بإصدار الميثاق حسبما جاء في قانون الشركات التجارية الصادر عام 2019.

ونفذ المركز عدة ورش في مجال الحوكمة لمجالس إدارة بعض هذه الشركات وقام كذلك بعملية تقييم أداء مجالسها سواء كانت هذه الشركات مساهمة عامة أم مقفلة. وهناك عدد لا بأس به من هذه الشركات منتسب كأعضاء في المركز، كما أنَّ هناك أيضاً من يمثلون الشركات في عضوية مجلس إدارة المركز، ونأمل في الحفاظ وتعزيز هذه العلاقة مع جهاز الاستثمار العُماني الذي أصبح الآن مسؤولا عن كافة الشركات الحكومية.

 

 

** هل أعد المركز ميثاقًا لحوكمة الشركات الحكومية؟ وكيف يمكن تطبيقه؟

أستطيع القول إنَّ ميثاق الحوكمة الخاص بالشركات الحكومية جاهز وقد بذلت جميع الأطراف المعنية جهودًا تشكر عليها في مراجعته وإبداء الملاحظات والميثاق يُغطي بنسبة كبيرة جوانب عديدة من الممارسات الجيدة للحوكمة ويعتبر تطبيقه ملزماً، وكما ذكرت فإنَّ الجهة المعنية بإصداره هي الهيئة العامة لسوق المال وهي كذلك الجهة المعنية بإلزامه على الشركات الحكومية المدرجة في سوق الأوراق المالية، وبالنسبة لغير المدرجة فإنَّ جهاز الاستثمار العماني وجهاز الرقابة المالية للدولة معنيان بذلك، أضف إلى ذلك أنَّ مجالس إدارة الشركات ملزمة بتطبيقه.

ونرى أنَّه إذا ما وجد الوعي ووجدت القناعة التامة من قبل جميع الأطراف في الشركة بأهمية وفوائد الحوكمة في نمو ونجاح الشركة وتعظيم أرباحها فسيتم الالتزام به تلقائياً ولن يتأتى ذلك إلا من خلال التدريب المُكثف والرقابة.

 

 

** من قواعد الحوكمة فصل الملكية عن الإدارة التنفيذية، فكيف يمكن تطبيق ذلك في الشركات الحكومية؟

فصل الملكية عن الإدارة يُمثل المبدأ الأساسي الذي نشأت عليه الحوكمة، كما أنَّه حجر الزاوية للحوكمة الجيدة، والهدف منه توزيع الأدوار وتحديد المسؤوليات والصلاحيات، ومن أجل الحفاظ على حقوق جميع الأطراف من ملاك ومساهمين، وسيتم تطبيق هذا المبدأ في الشركات الحكومية بنفس الطريقة التي يُطبق بها على الشركات المساهمة العامة لكون بعض الشركات الحكومية مساهمة عامة، فمن غير الصواب تطبيق المبدأ على البعض فقط وهذا ما تضمنه ميثاق الحوكمة للشركات الحكومية.

ومن المهم توضيح هذا المبدأ؛ إذ إنَّ هناك مستويان؛ الأول: أن يطبق على مستوى الشركة، وهذا في الحقيقة موجود حيث إنَّ هناك فصلاً بين أدوار المجلس والإدارة التنفيذية في الشركة، وكذلك فليس جميع من هم في مجلس الإدارة من الملاك. أما المستوى الثاني فيتمثل في أن ملاك الشركة لهم الحق بممارسة دورهم والتدخل في شؤون الشركة من خلال الجمعية العمومية حيث بإمكانهم مساءلة مجلس الإدارة المكلف من طرفهم بإدارة شؤون الشركة ومحاسبتهم على أي تقصير أو إخفاق.

 

 

** كيف يمكن ضمان عدم تضارب المصالح في ظل وجود أصحاب أعمال في مجالس إدارات الشركات الحكومية؟

يمكن ضمان عدم تضارب المصالح من خلال وضع سياسة داخلية يتم التوقيع عليها واعتمادها من قبل مجلس الإدارة. كذلك هناك قواعد تعامل الأطراف ذات العلاقة نظمها ميثاق الحوكمة لهذه الشركات مستنداً على معايير التقارير الدولية المالية (IFRS) وعلى الجميع الالتزام بها، ووضح الميثاق من هم الأطراف ذوو العلاقة. أضف إلى ذلك أنَّ الحوكمة وما تضمنته من ممارسات تحد من حدوث ذلك وأقصد وجود أنظمة رقابية داخل الشركة كالمُدقق الداخلي ولجنة التدقيق التي اعتبرها خط الأمام حيث إنها تساند المجلس في اكتشاف التلاعبات والمخالفات وكل ما يتعارض من أحكام الميثاق. وما يُعزز ذلك وجود ميثاق قواعد السلوك المهني والأخلاقي في الشركة الذي يحتم على من له علاقة أو مصلحة سواء كان من مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية الإفصاح عن ذلك وتجنب الوقوع في المساءلة والمحاسبة.

 

 

** برأيك.. هل الشفافية متوافرة فيما يخص البيانات المالية للشركات الحكومية؟ وما مدى أهمية نشر بياناتها المالية أسوة بشركات المساهمة العامة؟

بالنسبة للشفافية والإفصاح عن القوائم المالية فهي أمر ضروري على الشركات الحكومية أن تتبعه لأنه من متطلبات الميثاق وكذلك الجهات الرقابية التي تشرف على هذه الشركات، وكما تعلمين فإنَّ هناك شركات تملك غالبية أسهمها الحكومة وهي مساهمة عامة ومدرجة في سوق الأوراق المالية وتفصح بشكل ربعي عن أدائها المالي ومن غير المناسب عدم تطبيق نفس الممارسة على الشركات المقفلة. كما أنه متطلب الجهات الرقابية والجهات المسؤولة عن تطبيق الميثاق.  كما أنَّ الإفصاح عن أدائها بكل شفافية بشكل دوري من خلال التقارير سوف يعزز من ثقة المساهمين والمستثمرين في هذه الشركات وأيضاً من حق المجتمع العماني أن يعرف كيف يتم توظيف هذه الاستثمارات من أجله ومن أجل الأجيال القادمة.  الإفصاح والإعلان عن الأداء المالي لهذه الشركات بكل شفافية من شأنه أن يعزز من اقتصاد السلطنة ويستقطب استثمارات أجنبية وبالتالي سينعكس على مكانة السلطنة في المؤشرات الدولية.  

 

 

** ما أبرز أسس الحوكمة التي ينبغي أن تتوافر في الشركات الحكومية ابتداءً؟

أبرز أسس ومبادئ الحوكمة التي يجب أن تتبناها الشركات الحكومية كبداية في المرحلة الحالية هو مبدأ مجلس الإدارة، ففي الحقيقة هو المبدأ الذي تعتمد عليه باقي المبادئ الخمسة التي أتت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لأهميته كونه على رأس الهرم ونظرًا لدوره الفاعل في إدارة شؤون الشركة ونموها واستدامتها وهو المعني بالحفاظ على أموال المساهمين وتعظيم أرباحهم.

وعليه فإنَّ عملية اختيار الأعضاء في غاية الأهمية ويجب أن تكون هناك معايير جيدة واضحة في اختيارهم وأن يتصفوا بالاستقلالية التامة وبالنزاهة والاستقامة وأن يكون هناك نظام للمساءلة والمحاسبة، كما يجب أن تكون مكافآتهم جيدة حسب مؤشرات الأداء.

 

 

** إلى أي مدى تمثل الشركات الحكومية قطاعا مهما في المنظومة الاقتصادية؟

الشركات المملوكة للحكومة جزء لا يتجزأ من مكونات الاقتصاد الوطني، وأحد أبرز مكونات الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، وقد أولاها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- جل اهتمامه، وهذه الرؤية ترتكز في جوهرها على الحوكمة كركيزة أساسية في نجاحها، ومن ثم فإننا جميعاً مطالبون بالعمل وفق تلك الرؤية وتوجيهات سلطاننا المفدى، وأن نسعى لتطبيق الحوكمة في جميع مؤسساتنا؛ لإيماننا التام بأهميتها وفوائدها كأداة تنموية شاملة داعمة لنجاح الرؤية.

تعليق عبر الفيس بوك