دراسة: 55% من مرضى "كورونا" عرضة لمشكلات عصبية حتى 3 أشهر من التعافي

 

في بعض حالات العدوى الشديدة عثر على المادة الوراثية للفيروس في السائل الشوكي

تلف دماغي وخلل مؤقت بوظائف المخ وسكتات دماغية.. أسوأ السيناريوهات

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أَمَاطَتْ دراسةٌ حديثة اللثامَ عن أحد التأثيرات الناتجة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"؛ حيث قالتْ إنَّ 55 في المئة من المصابين بالفيروس عُرضة لتوترات عصبية حتى بعد 3 أِشهر من التعافي.

ونَشَر موقع "ماركت ووتش" الدراسة، وتساءل: هل يمكن أن يتسبب فيروس كورونا في مرض مزمن؟ وتشير دراسات إلى أنَّ تليف الرئة وحدوث مشاكل في القلب والكلى من الأعراض الجانبية التي تنجم عن الإصابة بكوفيد 19؛ لذا بدأ الأطباء والباحثون تسجيل التأثير المحتمل طويل المدى للفيروس على الدماغ أيضًا. ويعاني مرضى كوفيد 19 الأصغر سنًا الذين كانوا بصحة جيدة من جلطات دموية وسكتات دماغية.

وشكا العديد من مرضى كوفيد 19 -الذين استمرت الأعراض لديهم لأشهر بعد مرور العدوى الأولية- من مشاكل عصبية؛ مثل: الارتباك وصعوبة التركيز، إضافة إلى الصداع، والتعب الشديد، وتغيرات المزاج والأرق وفقدان حاستي التذوق أو الشم أو كليهما.

وحذَّرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، من أن التعافي من كوفيد 19 يستغرق وقتًا أطول من فترة الحجر الصحي لمدة 10 إلى 14 يومًاـ التي يتمُّ الترويج لها منذ تفشي الوباء. وقال الباحثون في الدراسة إنَّ واحدا من كل 5 شباب دون سن 34 عامًا لم يعد لصحته المعتادة لمدة تصل إلى 3 أسابيع بعد اختباره إيجابيًّا، و35% من البالغين الأمريكيين الذين شملتهم الدراسة لم يعُودوا بشكل عام إلى حالتهم الصحية الطبيعية عند إجراء مقابلات معهم بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الفحص.

ووجدتْ دراسة أُجرِيت على 60 مريضًا بكوفيد 19، ونُشرت في مجلة لانسيت الطبية هذا الأسبوع، أنَّ 55% من المرضى لا تزال تظهر عليهم مثل هذه الأعراض العصبية أثناء زيارات المتابعة بعد ثلاثة أشهر. وعندما قارن الأطباء عمليات مسح الدماغ لـ60 مريضًا من كوفيد 19 مع تلك المرتبطة بمجموعة أخرى لم تُصَب بالعدوى، وجدوا أنَّ أدمغة مرضى كوفيد 19 أظهرت تغيرات هيكلية مرتبطة بفقدان الذاكرة وفقدان حاسة الشم.

الأمر لا يقتصر على البالغين، إذ إنَّ دراسة حالة نُشرت في دورية "جاما نيورولوجي" المختصة بعلم الأعصاب، في يونيو الماضي، سلطت الضوء على 4 أطفال من المملكة المتحدة يعانون من متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة، وهي حالة خطيرة ومميتة يبدو أنها مرتبطة بكوفيد 19. وأصيب هؤلاء الأطفال بأعراض عصبية؛ مثل: الصداع وضعف العضلات والارتباك. وبينما تعافى اثنان من الأطفال، استمرت الأعراض على الطفلين الآخرين، بما في ذلك ضعف العضلات الشديد لدرجة أنهما احتاجا إلى كرسي متحرك.

وحذرت كلية لندن في مجلة "Brain" (المخ) الشهر الماضي من احتمال حدوث تلف دماغي ناجم عن كوفيد 19. وفحصت الدراسة 43 مريضًا تلقوا العلاج في لندن بين أبريل ومايو، ووجدت أن 10 حالات تعاني من "خلل مؤقت في الدماغ" وهذيان، فيما عانت 12 حالة من التهاب في المخ، و8 حالات من السكتات الدماغية، و8 حالات تلف الأعصاب.

وقال كبير معدي الدراسة الدكتور مايكل زاندي -في بيان: "يجب أن نتحلى باليقظة، وأن نبحث عن هذه المضاعفات لدى الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد 19". وأضاف: "لا يزال علينا بحث احتمالية ما إذا كنا سنرى على نطاق واسع، تلف الدماغ المرتبط بالوباء، إذ ربما يكون مشابهًا لتفشي التهاب الدماغ الخامل في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي بعد جائحة إنفلونزا عام 1918".

وقال الدكتور زيجيان تشن المدير الطبي لمركز موانت سايناي المتخصص في رعاية الحالات بعد كوفيد 19 في نيويورك، لموقع ماركت ووتش، إنه التقى مرضى عانوا من التعب الشديد وصعوبة التركيز لعدة أسابيع إلى شهور بعد تعافيهم المزعوم من الفيروس. وقال: "هذا أمر مهم؛ لأنه على الرغم من أن مرضهم انتهى فإنهم يواجهون الكثير من المتاعب في العودة إلى حياتهم الطبيعية".

وثمَّة عدد من الدراسات تحت الدراسة في الوقت الراهن، للوصول إلى فهم أفضل لكيفية وأسباب تأثير كوفيد 19 على الدماغ. وتتضمَّن بعض النظريات المبكرة، وفقا لجامعة جونز هوبكنز، حالات العدوى الشديدة التي تهاجم الدماغ أو النخاع الشوكي؛ حيث عثر في بعض الحالات المبلغ عنها في الصين واليابان، على المادة الوراثية للفيروس في السائل الشوكي، ورصدت حالة في فلوريدا وجود جزيئات فيروسية في خلايا الدماغ. وبدلاً من ذلك، يمكن أن تؤدي الاستجابة المفرطة للجهاز المناعي للعدوى الفيروسية إلى قيام الجسم بمهاجمة نفسه عن غير قص. كما أن بعض الآثار الأخرى للفيروس، مثل الحمى أو فشل الأعضاء في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تسبب أيضًا ضعفًا في الدماغ.

وقال الدكتور تشين: "لا يزال الكثير من التركيز في الوقت الحالي على عدد المرضى، وعدد المتوفين، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى أن البلدان لا تزال في موجة أولى طويلة من الإصابات". غير أنه استدرك بالقول: "الأمر لا يتعلق فقط بأصحاب البشرة البيضاء أو السود، إنه يتعلق إما بتحسن الحالة أو الموت، فهناك تداعيات أخرى يمكن أن تحدث بعد كوفيد 19 لا نعرفها بالكامل حتى الآن".

تعليق عبر الفيس بوك