شكرا.. الدكتور هلال الهنائي

 

 

سعاد بنت سرور البلوشية

في الربع الثالث من العام 1959، ولد الدكتور هلال بن علي بن زاهر الهنائي بقرية الغافات في ولاية بُهلاء بمحافظة الداخلية، ليشغل بمقتبل العمر وظيفة مهندس صيانة بعد انتهائه من دراسة البكالوريوس في هندسة نظم التصنيع بالمملكة المتحدة، ثم العمل بوظيفة تتيح له الاتصال والتواصل المستمر بطلابه من مختلف المستويات، فشغل منصب مدرس وأستاذ بجامعة السلطان قابوس بعد دراسة الماجستير في الطاقة والمباني بجامعة كرانفيلد، والتدرج في عدد من الوظائف منذ العام 1998 بعد الانتهاء من دراسة الدكتوراه تخصص الطرق الطبيعية لتبريد المباني في المناطق الحارة، والعمل كمسؤول البحث العلمي بمكتب الرئيس، ثم مساعد أكاديمي للابتكار والعلاقات الصناعية بجامعة السلطان قابوس.

ولا شك أنَّ تلك التجربة المبكرة للدكتور هلال في مجال البحث العلمي قد غرست في نفسه بذور الإدمان والسعي نحو البحث عن المعرفة والقيمة المضاعفة خارج حدود الوطن، ليلتحق بالعمل كباحث زائر في قسم البيئة المبنية بجامعة نوتنجهام في المملكة المتحدة، والعودة لإشباع ذلك الشغف بالعمل كأستاذ مشارك بقسم الهندسة الميكانيكية والصناعية، ثم مدير مركز أبحاث المياه بجامعة السلطان قابوس، أجرى خلالها عدة بحوث وقدم مجموعة من الأوراق العلمية، كما ورد اسمه في العديد من الأعمال البحثية التي تحظى بالتقدير والاحترام، ليشغل بعد ذلك منصب أمين عام مجلس البحث العلمي منذ إنشائه في العام 2005، واعداً نفسه بمستقبل باهر وبداية حياة مثمرة، ممزوجة بتجارب لأنماط مختلفة من الحياة داخل وخارج السلطنة.

فبلغ الدكتور هلال ما بلغه باجتهاده وطموحه المستمر، والذي أخذ يزيد على المألوف، وليكبر حب البحث العلمي والشعور بالابتكار يوماً بعد يوم، فكانت مبادراته واجتهاداته لدعم مسيرة البحث العلمي والابتكار بالسلطنة جديدة وهي بلا شك كثيرة جدًّا، مدفوعاً بالرغبة في تحقيق رؤية السلطنة بالتحول نحو الاقتصاد المبني على المعرفة، وجعل السلطنة في مصاف الدول المتقدمة علميًّا.

وعلى درجة كبيرة من التفاؤل الذي نادراً ما تجده في الآخرين، يبدأ الدكتور هلال كل يوم جديد من أيام حياته، والابتسامة مع كثير من المشاعر المتأججة بالسرور لا تفارق مُحياه، قانعاً بأن قدرات الكوادر الوطنية متعددة، وأن هناك الكثير من القصص والأفكار والمشاريع الناجحة والكامنة بين مختلف شرائح المجتمع ينبغي الكشف عنها والوصول إليها لإضاءتها، حتى تستفيد من الدعم والتمويل الذي يقدمه مجلس البحث العلمي، فكنا جميعاً نحبه ونحب العمق واتساع الأفق والثقافة ونفاذ البصيرة التي يتميز بها.

وإذ لم يكن للبحث العلمي والابتكار حضور قبل 15 عاماً من الآن، فقد أضحى حاجة ماسة في مختلف جوانب الحياة، فكان الدكتور هلال يؤمن بجدوى تنويع الوسائل والاستفادة من التقنيات الحديثة في الوصول إلى الجمهور المستهدف من باحثين ومبتكرين، كما كان للدكتور هلال مواقفه الجديرة بالذكر إزاء إيجاد إستراتيجية وطنية للبحث والتطوير والابتكار، توازي في أهدافها وتطلعاتها رؤية عُمان 2040، فكانت نظريته في البحث العلمي والابتكار تتلخص في بناء القدرات وزيادة السعة البحثية ونقل المعرفة، وتوفير البيئة المحفزة من خلال إقامة منطقة علمية باسم "مجمع الابتكار مسقط"، ذات مقومات ومكونات مثل مركز النمذجة "صُناع عُمان" وغيرها من المساعي، لمساعدة المهتمين على تحويل الأفكار إلى منتجات أو خدمات تهم الفرد والمجتمع، وكان حريصاً بعلمه الواسع وعقلا نيته على تركيز الجهود والموارد المادية والبشرية في النهوض بمسيرة البحث العلمي والابتكار.

وبعد كل هذا، لابد من الاعتراف بأن مقالاً كهذا لا يمكن أن يوفي خلاصة التجربة والخبرة العملية للدكتور هلال حقها، ناهيك عن شخصيته هادئة الطباع، فدائماً أجده متحضراً، كريماً في تعامله مع الآخرين، شيقا في حواره وحديثه الذي نأمل ألا ينتهي بانقضاء فترة عمله في مجلس البحث العلمي، وبين سرورنا والرضا والتقدير بما نهلنا به من فيض علمه وعطائه، نأمل للدكتور هلال السعادة والتوفيق في حياته القادمة مع شكر وعميق امتنان.

تعليق عبر الفيس بوك