فايزة الكلبانية
في أحيان كثيرة نردد مقولة مأثورة عند تأخر أمر ما نترقبه أو طال انتظاره، فنقول: "أن تأتي متأخرا.. خير من أن لا تأتي أبدا"، ونبقى اليوم متفائلين في ظل ما تحقق من إنجازات على أرض هذا البلد الطيب، وما نلمسه من تغييرات نحو الأفضل، كما نظل على ذات التفاؤل، ولاسيما في ظل ما يشهده العالم والسلطنة خاصة من تبعات لانتشار فيروس كورونا.
وقد تلقينا جرعات إيجابية من التفاؤل والثقة من تصريحات المسؤولين على هامش إعلان المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" رسميا بدء العمل لإنشاء مدينة عبري الصناعية في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة، وهي المدينة الصناعية الجديدة التي تدعم مسار النهوض بالقطاع الصناعي وتخلق فرص العمل؛ وهي المدينة التي تعكس "العزم على تحويل السلطنة لمركز إقليمي ريادي في التصنيع والابتكار"، ومن ثم نتوقع "نقلة نوعية للصناعات التحويلية وبرامج القيمة المحلية المضافة في منظومة أعمال المناطق الصناعية بالسلطنة".
هنا تقودني ذاكرتي إلى الإشارة للقاءات صحفية عدة على هامش الفعاليات المختلفة التي جمعتني خلال المرحله الماضية مع الفاضل هلال بن حمد الحسني الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامه للمناطق الصناعية، ففي كل لقاء كنت أنتهز الفرصة لطرح هذا التساؤل: متى سترى المدينة الصناعية بعبري النور؟! ويأتي الجواب كعادته مبتسما قائلا: لا زال موضوعها بالمجلس الأعلى للتخطيط، ولكن قريبا سترى النور بإذن الله.
ومدينة عبري الصناعية تعد امتدادا لتوجهات التوسع في التنمية الاقتصادية بالمحافظات تحقيقها لأهداف رؤية "عمان 2040"، وهنا تأتي الحاجة لضرورة العمل أيضا على تأهيل وتدريب الكفاءات من الموارد البشرية التي من المتوقع أن تعمل على إدارة الأمور والأعمال في هذه المنطقة الصناعية، ولاسيما وأننا اليوم بحاجة لتوجيه هذه الكفاءات وتزويدها بمهارات عالية من الناحية التقنية والابتكارية، بما يضمن تحقيق الانتعاش بالقطاع الصناعي، ولابد من أن تكون الأولوية لأبناء المحافظة في هذه الفرص. وكلنا ثقه من وجود هذه الكفاءات الشابة والعمل على تعزيز مهاراتهم الإدارية والقيادية، جنبا إلى جنب مع جهود التعمير.
والمدن الصناعية رافد حيوي لقطاع الأعمال، لاسيما الصناعي منه، إلى جانب إسهامها في إيجاد حلول للقضايا الاجتماعية والاقتصادية لما توفره من تنوع في مجالات العمل المتاحة، إلى جانب جذبها للاستثمارات بفضل المزايا والبنية الأساسية التي تشجع المستثمرين على التوسع في الأنشطة الصناعية بالمحافظة، وبما يحقق الجدوى الاقتصادية المنشودة من تأسيس هذه المدينة.
نحن اليوم أبناء ولاية عبري بمحافظة الظاهرة نستبشر خيرا بوضع حجر الأساس لمدينة عبري الصناعية والتي ستقام على مساحة إجمالية تقدر بـ10 ملايين متر، وذلك على الطريق المؤدي إلى المنفذ الحدودي بين السلطنة والمملكة العربية السعودية، وسيتخللها إقامة مجموعة من الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية كالصناعات الخفيفة والمتوسطة، ومنطقة تجارية، ومكاتب إدارية، وورش صناعية، ومخازن لوجستية ومركز صحي ومساكن للأيدي العاملة الوافدة، إضافة إلى مركز الخدمات وغيرها من الأنشطة والخدمات المقدمة لأصحاب الأعمال والمستثمرين بصورة خاصة وسكان المحافظة بصورة عامة.
ومدينة عبري الصناعية ستساعد العاملين في قطاع التعدين وخاصة الرخام والكروم وغيره من المعادن، لفتح أنشطة تصنيع في هذه المدينة، ومن ثم تسهيل وتسريع وتيرة أعمالهم. ومن المؤمل أن يكون للمدينة الصناعية دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الوطني، وانعاش الحركة الاقتصادية بالمحافظة.
ووجود مدينة صناعية تضم كافة الأنشطة والخدمات الأساسية في مكان واحد سيساعد على جذب المزيد من الأعمال وتوجيه الشباب نحو العمل بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإنعاش القطاع التجاري والصناعي والحد من تنقلاتهم المتزايدة من عبري إلى مسقط أو المحافظات المجاورة بحثا عن التسهيلات في إنجاز أعمالهم ومعاملاتهم، وهذا من شأنه خلق نوع من الاستقرار والانتعاش في قطاع الأعمال.