علي بن بدر البوسعيدي
مما حبا الله به عماننا الغالية، ذلك التاريخ الموغل في القدم، والذي يعود إلى حضارات العالم القديم، حيث كان العمانيون في مراحل ما قبل الميلاد، ممن ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية، ويشهد على ذلك الكثير من الآثار واللقى الأثرية التي يتم العثور عليها، حتى أن عين حورس الشهيرة في الحضارة المصرية، عثر عليها هنا في عُمان، ما يدل على عمق التواصل الحضاري بين عُمان قديما والحضارة المصرية القديمة (الفرعونية).
ولذلك حرصت الدولة العُمانية الحديثة على تأسيس المتاحف الوطنية لتحتضن بين جنباتها تلك الشواهد الحضارية التاريخية، وتعرض للعالم أجمع التاريخ الممتد لعُمان عبر القرون، وعندما نمعن النظر في هذا الجانب، نجد أنَّ وطننا الغالي يزخر بالعديد من المتاحف، على رأسها متحف عُمان عبر الزمان، والمتحف الوطني ومتحف المدرسة السعيدية، ومتحف قوات السلطان المسلحة ومتحف بيت البرندة، والمتحف البحري، ومتحف التاريخ الطبيعي ومتحف الطفل، وغيرها الكثير، هذا فضلاً عن القلاع والحصون التي تُعد في حد ذاتها متاحف مفتوحة وشاهد عيان على عظمة الإنسان العُماني.
ولهذه المتاحف أدوار ثقافية وتاريخية ومعرفية، فهي من جانب تسهم في تعريف الأجيال المتعاقبة بتاريخ وطنهم على مر العصور، وهنا أود أن أسلط الضوء على متحف عمان عبر الزمان، والذي وضع المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حجر الأساس له في ولاية منح في مثل هذا الشهر (يوليو) من عام 2015، أي قبل 5 سنوات، والذي جاء ترجمة للرؤية السامية للسلطان المؤسس لبناء متحف يبرز تاريخ وطننا في مختلف العصور بالصوت والصورة، ليقدم لزواره تجربة بصرية وسميعة لا مثيل لها، سواء في التاريخ العماني القديم أو مسيرة النهضة العُمانية.
وهناك أيضا المتحف الوطني الذي يقع في ولاية مسقط، ويمثل أيقونة معمارية تستقبل الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم، ويتضمن العديد من الأقسام والمرافق التي تظهر عراقة السلطنة. ولا أنسى- بصفة خاصة- متحف المدرسة السعيدية، التي أفتخر بأني أحد مخرجاتها، تلك المدرسة التاريخية التي خرجت أجيالاً من رجال عُمان في مختلف المجالات، وتقلدوا المناصب وقادوا وطننا نحو العلا والمجد.
إنَّ الاهتمام بالمتاحف لا يجب أن يكون من منطلق إبراز ما نملكه من مقتنيات وآثار، وإنما أيضًا لكي تكون وسيلة تثقيفية وتعليمية للشباب، من أجل أن يشبوا على الفخر بما يزخر به وطنهم من تاريخ تليد وموروث حضاري مشرف، ياتي إليه الجميع من أنحاء العالم للتعرف على تفاصيله واكتشاف أسراره. فحري بنا أن نُواصل الجهود لنشر الثقافة المتحفية، ودعم جميع العاملين في هذه المتاحف لكي يتميزوا في مهمتهم الوطنية، فعُمان الحضارة والتاريخ منارة معرفية لا تنطفئ.