عُمان الاستعداد والتحوّل

 

د. أحمد بن عبدالكريم بن عبدالله

 

الحياةُ كلها أحداثٌ وتطورات لاتقف عند حدود أو أزمنة ولا تعترف بالجمود أو السكون، هكذا هي سنة الكون المبنية على التغيرات والتحولات التي يصنعها البشر ويسيرها الخالق العظيم سبحانه.

فهناك عهود تمضي وعهود تأتي وكل عهد له ظروفه وأسبابه وقياداته ومفكريه يحملون أهدافاً وطموحات ورؤى وإستراتيجيات ويسعون مخلصين من أجل تحقيقها لخدمة أوطانهم ومصلحة شعوبهم ولبناء مستقبل مزدهر ومتقدم، يؤمنون بعظمة إرثهم وقيمهم وحضارتهم وينظرون إلى أمامهم ولا يعيرون النظر  إلى الخلف أو إلى جوانبهم إلا لتجاوز الصغائر والعثرات التي تدفعهم إلى الأمام بقوة، يسعون إلى مواكبة العالم المتحضر في تقدمه العلمي المتسارع بكافة أصنافه ومعارفه التكنولوجية الحديثة والطفرة الكبيرة في عالم التقنيات والثورات الصناعية المتتالية ونبذ أسباب الفقر والتخلف رغم  تحمل بعض التضحيات الوقتية التي لابد منها من أجل تحقيق الهدف المنشود والتهيئة للتحول نحو أوضاع أفضل من الرفاه الاقتصادي والتقدم التكنولوجي عملاً بالقاعدة العلمية الإدارية التي تقول إن لم تحول نفسك فسيتم تحويلك وإن لم تخطط لها فسيخطط لك وسيكون كل ذلك لأهداف ومصالح آخرين.

لقد مرت بلادنا الغالية عُمان بمرحلة التأسيس والبناء في العهد السابق للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وأما في عهدنا هذا الزاخر بالطموحات والتحولات الإيجابية الذي تواكبه خطة إستراتيجية واضحة تتوافق بجميع معطياتها وأهدافها وضمن رؤية مستقبلية واضحة لغد أفضل بإذن الله تعالى تستهدف أن تكون (عُمان في مصاف الدول المتقدمة) ساهم في إعداد هذه الرؤية (عمان 2040) ووضع بنودها وبياناتها أشخاص أكفاء مؤهلون ومخلصون عملوا معاً بروح الفريق الواحد وبالمشاركة والتنسيق مع مختلف الأجهزة والقطاعات الحكومية والخاصة والأهلية بشتى مجالاتها، بالإضافة إلى مشاركات وآراء مختلف المواطنين من جميع مناطق السلطنة، حيث أنجزت أعمال هذه الرؤية حتى تم الانتهاء من صياغتها كاملةً وإصدارها تحت المتابعة والإشراف المُباشر لباني هذا التحول الشامل والعظيم الذي بدأنا نستشرف غرسه المُثمر على بركة الله تعالى جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم -حفظه الله ورعاه- حيث اكتسبت أهمية ورعاية قصوى حُرِصَ على خروجها بأرقى الضوابط والمعايير المهنية لتكون جاهزة للتنفيذ والمُتابعة.

وفي أوَّل خطاب وجهه جلالة السلطان المُعظم- أيده الله- إلى الشعب العماني بتاريخ ٢٣ فبراير ٢٠٢٠م قال جلالته (إن الانتقال بعُمان إلى مستوى طموحاتكم وآمالكم في شتى المجالات سيكون عنوان المرحلة القادمة بإذن الله)؛ حيث أكد جلالته على بداية مرحلة جديدة من التحول، مرحلة بحاجة إلى نماذج فاعلة من القيادات القادرة على قيادة التغيير مما يستوجب عليها التعامل مع المؤسسات التي تقودها وموظفيها بكل قدرة وكفاءة وفعالية، مراعية في إدارتها تطبيق أحدث النماذج والأساليب الإدارية المتطورة من الإبداع والابتكار والبحث العلمي وتطبيق التكنولوجيا والتقنيات العالمية الحديثة، متوافقة ومنسجمة تماماً مع نهج المرحلة والرؤية المستقبلية عُمان ٢٠٤٠ بجميع معاييرها وتوجهاتها من جودة الأداء المؤسسي وترتيب الأولويات ودعم قيم العمل والإنتاجية والابتكار والبحث العلمي والتنويع الاقتصادي والاهتمام بالشباب والحوكمة والمساءلة.

وفق الله بلادنا الغالية عُمان قيادة وشعباً إلى مزيد من التقدم والرخاء ورفاهية شعبها تحت ظل القائد الملهم والداعم جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وأمده بتوفيقه ونصره.