سعيد بن حميد الهطالي
يبدو أنَّ الغيث الصيب الطيب للمراسيم السُّلطانية السامية التي بدأت بالهطول المتدرج ليشمل عميم نفعها وعظيم وقعها العباد والبلاد، ففي خطوات استباقية وتوجهات سديدة، ووعي تام لأهمية تعزيز المنظومة التكاملية الشاملة لمتطلبات النهضة التنموية، وما تمثله هذه الخطوات المدروسة الذكية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- أيده الله- من مهنية وكفاءة عالية ورؤية ثاقبة لوضع الأسس الراسخة للانتقال بالجهاز الإداري للدولة إلى مرحلة جديدة بعد الهيكلة والتطوير قوامه الكفاءة الإنتاجية والابتكار.
إنَّ التنبه للمشكلات، واكتشاف ما يدور حولنا من مُتغيرات توحي لنا بالإتيان بأفكار وحلول جديدة غير مألوفة من قبل تهيئ الاتجاه نحو التجديد والإبداع والتطوير، ودعم منظومة العمل الحالية بحلول وأفكار تساهم في تفعيل أدوات إدارة المستقبل لتهيئة التحول إلى الثورة الصناعية الرابعة، والاستفادة من مخرجاتها، والبحث عن مصادر ملهمة جديدة تجذبنا للانفتاح على المعارف والحلول والتجارب والخبرات المتاحة، وهذا لا يتسنى إلا من خلال بذل الجهد الدائم في البحث والاطلاع والاستفادة من الخبرات والتجارب الإنسانية، وجمع الأفكار من مختلف المصادر محاكاة لعمل النحل الذي ينتقل من زهرة إلى أخرى لجمع الرحيق.
وكان لأجواء أزمة كورونا التي سيطرت على مجريات أحداث العالم الفضل في صناعة الفتيل الاشتعالي لروح الابتكار، ولا نريد لوهج هذه الشعلة أن يبرد أو يخمد بل أن يزداد اشتعالاً وتألقاً ويكون أكثر قدرة على الإبهار الذي سيصنع الغد المشرق المُبهر لعُمان ويُحدد موقفنا المستقبلي من خلال تسخير موارد القوة التي لدينا وتطويعها لمُواجهة التحديات، وفي مقدمتها استنهاض مقوماتنا البشرية من خلال تعظيم الاستفادة من الطاقة الريادية لرأس المال البشري، وتقوية البنى التحتية للمعرفة، والارتقاء بمستوى التعليم والبحث العلمي والابتكار، وتهيئة بيئة ومناخ اقتصادي داعم وحاضن للابتكار، وتنمية وتطوير القطاع الخاص، ودعم المشاريع الناشئة وريادة الأعمال، والاستثمار في اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا، وتطبيق أفضل الممارسات لزيادة إنتاجية العمل، فأكبر القوى التنافسية الاقتصادية في العالم لم تدخل عالم صناعات واقتصادات المعرفة إلا عن طريق التعليم والبحث والابتكار.
إنَّ ما يُحرِّك عجلة الابتكار إلى الأمام ويدفع الإنسان إلى توظيف إمكانياته وقدراته الإبداعية، ويحفز الدول إلى المسارعة في التقدم والمنافسة، والاستجابة للمتغيرات، وتبني الأفكار والمفاهيم والطرق الجديدة التي يأتي بها المبتكرون هي التطلع إلى الريادة والسعي إلى التفوق والتقدم في مجالات العلوم والمعارف والتكنولوجيا والاستثمار في مجالات البحث العلمي والتطوير لبناء نهضة تنموية مستدامة قائمة على تعظيم الإنتاجية وتعزيز التنافسية الاقتصادية العالمية التي تخدم الأهداف المستقبلية.
إننا لسنا بمعزل عن الظروف التي فرضتها الأحداث الإقليمية والعالمية، ولابد من أن يكون لنا دور إيجابي لتعزيز قدراتنا وإمكانياتنا الوطنية للحد من مضاعفة تأثيراتها السلبية، والاستفادة من الأزمات والتحديات التي تتطلب منِّا توسيع الإدراك، وتنوع طرق التفكير، وتعدد زوايا الرؤية، ووضوح الاتجاهات والخيارات والبدائل المتاحة والمتعددة لتخطي الحدود، وتجاوز القصور، واتباع السبيل الأفضل، ومضاعفة الجهد لاستثمار الفرص والتحديات لاتخاذ القرارات الأفضل لمُتطلبات المستقبل التنموي، والقادم أجمل بإذن الله.