طالب المقبالي
أصبحت جائحة كورونا موسمًا سيخلد في الذاكرة توضع الخُطط لما بعد زواله، وتوثق الأجندات وتدون المواعيد لما بعد كورونا؛ حيث باتت هذه الأزمة جزءا من التاريخ الصعب على البشرية والعالم هذا العام.
فهناك مشاريع وخطط ومواعيد قد ألغيت، وبعضها تم تأجيله، وآمال تحطمت بسبب هذه الجائحة.
اليوم تواصلت مع أحد زملاء العمل الذين لم ألتقيهم منذ بضعة أشهر بسبب هذه الجائحة، وكان ختام الحديث بيننا سنزوركم بإذن الله بعد كورونا. كورونا حلَّ علينا بلا موعد، فكان ضيفاً ثقيلاً كئيباً، ترك آثاراً سلبية في نفوس الجميع.
بالأمس توجهت إلى العاصمة مسقط وأنا في لهفة لرؤيتها بعد انقطاع عنها دام أكثر من ثلاثة أشهر، فكنت أمني النفس أن أذهب إلى محلات بيع الهواتف في روي، لكنني صادفت نقطة أمن تمنع الدخول إلا للمصرح لهم بالدخول من سكان المنطقة ومن شاحنات نقل البضائع التموينية رغم فتح مسقط واستثناء منطقة الحمرية.
ومن روي كان الشوق يلازمني لأرى مطرح وأقف على شاطئها الجميل كي استرق نظرة إلى السفن الراسية على شاطئها الجميل، وأتأمل في طيور النورس التي كانت تشكل لوحة جميلة على رصيف الشاطئ.
لكنني وجدت مدينة لم أعرفها ولم أعهدها على هذا الحال منذ أن زرتها لأوَّل مرة وأنا في العاشرة من عمري.
لا سيارات ولا بشر ولا زحام، حتى إشارات مرور عبور المشاة عند السوق مطفية لخلو المكان من البشر، وحتى طيور النورس التي كنت أمني النفس برؤيتها قد هجرت المكان وهاجرت إلى موطنها الأصلي بسبب رحلة العودة من الهجرة إلى الأماكن الدافئة بسبب الصقيع في موطنها فتُغادرنا في شهر أبريل ومايو من كل عام.
حتى مواقف السيارات على الشاطئ مُغلقة بحاجز من الحديد لمنع الوقوف هناك، وأنا كنت بحاجة لأشم نسيم البحر ولو لخمس دقائق، ومن مطرح توجهت إلى شاطئ القرم علني أجد ضالتي هناك، ولكن الحال هو الحال، فما الذي فعلته كورونا بنا وبالعالم والبشرية أجمع؟ .
لقد حان عليَّ موعد الصلاة وأنا في مطرح، وكنت قبل كورونا أصلي في مسجد الرسول الأعظم المُحاذي للطريق البحري، لكنه بسبب هذه الجائحة مغلق، كما مررت بمسجد السيدة أسماء الزواوي في القرم، ثم مسجد أبوبكر الصديق في الوطية وجميعها مُغلقة، وأنا أعلم أنّ جميعها مغلقة.
وأخيراً عدت إلى مدينة الخوض لأداء الصلاة في سكن الأولاد وأخذ قسط من الراحة قبل العودة إلى البلاد. لا أحد يعلم إلى متى سنبقى على هذا الحال؟ فالله وحده هو العالم، وهو اللطيف بعباده.
قبل أيام نشرت تغريدة عبر تويتر ناشدت فيها اللجنة المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد19 بفتح المساجد التي تقع على الطرق السريعة إن لم يتم فتح جميع المساجد قريباً، فمرتادو الطريق يحتاجون إلى أداء الصلاة وهم مسافرون، وهذا مطلب الجميع، فالمسافر تعترضه احتياجات خاصة أيضاً كدورات المياه وهو مسافر، فيجدها المسافر ضمن مرافق المساجد.
ومع غلق المساجد تغلق المرافق، ولا تتوفر حتى الآن دورات مياه عامة على الطريق للأسف.
ومن بين احتياجات المسافرين المطاعم فالغالبية من الناس ولعلي واحد منهم انقطعت عن تناول الأطعمة من المطاعم بسبب الجائحة.
وكواحد من محبي شاي الكرك كلما مررت بمحلات الشاي أنظر إليها ونفسي تهاب الاقتراب منها، وكأن ملك الموت متربص بي في ذلك المكان فأهرب، وإن كان لا مفر من القدر إذا وصل.
