استثمارات السندات تتخلى عن "الأمان" وتنتقل إلى مستوى المخاطر

 

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

اعتبرَ تقريرٌ نشرته وكالة بلومبرج الإخبارية، أنَّ صعودَ السندات الألمانية خلال تداولات الأسبوع الماضي، لفت انتباه مديري الصناديق إلى أنَّ الرِّهان على الأصول الأكثر أمانًا في أوروبا بات عملا محفوفا بالمخاطر.

وانخفضتْ أدوات الدَّين الشهر الماضي؛ حيث أظهرتْ الاقتصادات علامات على التعافي من ويلات فيروس كورونا؛ مما دفع بعض المحللين للتنبؤ بأنَّ العوائد ستصبح إيجابية قريبا، بعد عام ظلت فيه دون الصفر. وبدلاً من ذلك، دفعت المخاوف بشأن الموجة الثانية المستثمرين إلى التخلص من الأسهم والتوجه إلى الملاذات الآمنة مثل السندات.

لكن الآن، التدفقات النقدية تواجِه مأزقا؛ فالتعافي الاقتصادي وزيادة الاقتراض الألماني والتحفيز الإقليمي كلها عوامل تشير إلى ارتفاع قريب لعائدات السندات. لكن هذه السندات القصيرة الأمد في الماضي، لم تعد مجدية، وبالنسبة للبعض، فإنَّ الدين الألماني لا يستحق المغامرة بالاستثمار فيه. وانخفضت عائدات السندات في يونيو لتنهي الطفرة التي بدأتها الشهر الماضي.

وفي حين أنَّ العوائد السلبية تعني أن المستثمرين يخسرون السيولة في حالة الاحتفاظ بالديون حتى الاستحقاق، يمكن للتجار كسب المال إذا استمر في الارتفاع. وأدى ذلك إلى عودة ارتفاع السندات الألمانية بأكثر من 7% منذ بداية عام 2018، بسبب الاضطرابات في السياسة الإيطالية وأزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" والحروب التجارية ووباء كورونا، وفقًا لمؤشرات بلومبرج باركليز. والسندات بمثابة وكيل للمخاطر الأوروبية، وتميل إلى الارتفاع وسط مخاوف بشأن استقرار منطقة اليورو. لذا فإن عمليات شراء الأصول الضخمة من البنك المركزي الأوروبي وخطة الإصدار المشترك لديون اليورو توفر الاستقرار والمنافسة الجديدة، وهو أمر لم يكن على مديري الصناديق التعامل معه من قبل.

وقال روس هاتشيسون مدير الاستثمار في فريق الدخل الثابت في أبردين ستاندرد إنفستمنتس: "يمكن للمستثمرين استبدال السندات بالإصدار الجديد للمفوضية الأوروبية". وأضاف: "نعتقد أن دعم البنك المركزي سيبقي العائدات منخفضة، لكننا لا نعتقد أن السندات هي مكان جذاب للاحتفاظ بهذه الأوزان الآن".

ومع ذلك، ومع خطر حدوث موجة ثانية من العدوى الفيروسية، وتعهد البنوك المركزية باتخاذ كل ما يتطلبه الأمر من إجراءات، يحصل المستثمرون على عوائد استحقاق أطول كلما استطاعوا. وتجاوز الطلب على مبيعات الديون السيادية الأوروبية عبر البنوك الأسبوع الماضي 300 مليار دولار.

وسحبت ألمانيا في البداية أكثر من 50 مليار دولار من العطاءات لبيعها سندات لمدة 30 عامًا، وهي الفترة الوحيدة التي تقدم عوائد إيجابية، مما يسمح لها بخفض أسعار الصفقة.

وقال ولفجانج باور مدير الصناديق في (M&G Plc): "إنَّ ما يجعل الحزم فريدة من نوعها بين الأصول الدفاعية الأخرى هو أنها تقدم للمستثمرين حماية سلبية على وجه التحديد ضد تفكك منطقة اليورو. وفي حين تراجع الطلب على مثل هذا التحوط، إلا أنه لم يشطب السندات حتى الآن".

ولم يتم تأكيد خطة الإصدار الجديدة، حتى الآن. لكن ثمة دلائل على أن دول شمال أوروبا يمكن أن تعلن عن رفضها، والنمسا أحدث دولة تعلن معارضتها لإصدار سندات، إذ لا تريد أن تكون في مأزق لإعادة بناء دول جنوب القارة التي تضررت بشدة.

وجميع أنواع المخاطر العالمية الداعمة حاضرة في هذا الموقف، ففرص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة هذا العام، وعودة التوتر بين الولايات المتحدة والصين والانتخابات الأمريكية، كلها أمثلة على ما ينتظر الاقتصاد العالمي من مخاطر.

لكنَّ مارك داودينج كبير مسؤولي الاستثمار في BlueBay Asset Management، يرى أن هذه المخاطر "جيدة"، بل يضيف عليها أزمة السندات؛ حيث يتوقع من البنك المركزي الأوروبي أن يخفض العوائد. وقال: "بصراحة، ليس لدينا قناعة قوية... في النهاية نعتقد أن العوائد لا تذهب إلى أي مكان".

تعليق عبر الفيس بوك