عُنوان المرحلة

حاتم الطائي

◄ عُمان تحت القيادة الحكيمة تشهد جهودا للتحديث والتطوير لم تعهدها من قبل

◄ إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة تمضي على قدم وساق.. والقادم يحمل الخير للجميع

◄ مفهوم "عُنوان المرحلة" نهج قويم يرتكز على رؤية واضحة لمستقبل عُمان المزدهر

"الانتقال بعُمان إلى مستوى طموحاتكم وآمالكم سيكون عُنوان المرحلة".. مثَّل هذا النُّطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- المنطلقَ الأساسَ للجهودِ السَّامية في تنفيذِ العديد من السياسات والرُّؤى الحكيمة التي تفضي إلى نتيجة واحدة؛ هي: الانتقال بعُمان إلى مستوى الطموح الوطني؛ ذلك الطُّموح الذي يتطلع إليه كل أبناء عُمان البرَرة.

فمُنذ أن تولى جلالة السلطان المعظم -نَصَره الله- مقاليد الحكم، وبلادنا تَشهد تحديثا وتطويرا في فترة زمنية قصيرة لم تعهدها من قبل؛ مما يعكسُ الحرص السامي على إنجاز ما وعد به جلالته شعبَه، بأسرع وقتٍ مُمكن، ومواصلة العمل من أجل الارتقاء ببلادنا نحو مصاف الدول المتقدمة. وعلينا جميعا أن ننظر إلى المرحلة الراهنة بعين قادرة على استشراف المستقبل من منطلق الحاضر المتطوِّر الآن، فما يتم اتخاذه من قرارات، يستهدف في المقام الأول إعادة هيكلة المؤسسات والجهاز الإداري للدولة، وبناء أرضية صلبة لانطلاقة قوية لعُمان المستقبل، عُمان التي رسمتها "رؤية 2040"، تلك الرؤية التي صاغها جميع أبناء عُمان، بمختلف فئاتهم، على مدى عاميْن من الجهود والمناقشات والاجتماعات، التي خرجتْ في نهاية المطاف بهذه الرؤية المستنيرة التي سيتمُّ البدء في تنفيذها بعد أشهر معدودة.

وبنظرةٍ واسعةٍ على ما أنجزته الإرادة السامية خلال الأشهر الخمسة الماضية، نجد أنَّ الشهرين الماضيين شهدا نقلة نوعية في منظومة العمل الإداري؛ فالأوامر والتوجيهات السامية بشأن خفض الإنفاق الحكومي من أجل ترشيد النفقات وتقليل العجز المالي، إلى جانب إحالة عدد من قُدامى الموظفين إلى التقاعد، وإحالة الخبراء والمستشارين للتقاعد، وأيضًا عدم تجديد عقود غير العُمانيين في الحكومة، كلُّ هذه الإجراءات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنَّ عُمان الحديثة المتطورة آخذة في التشكُّل، وأنَّ الاستعدادات تتواصل على قدم وساق لتهيئة البيئة المواتية لتطبيق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

أَضِف إلى ذلك المراسيم السلطانية التي صدرت خلال الشهور الخمسة الأخيرة، والتي شملتْ تعيينات جديدة وتأسيس هيئات وأجهزة ومراكز لم تَكُن قائمة من قبل، وكلُّها تعزز التوجه السامي الحكيم بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة. والمتأمِّل في هذه الكيانات الجديدة يجد أنها تُترجم رؤية شاملة لعملية الإصلاح الإداري، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن النتائج الأخرى؛ المُتمثَّلة في: تعزيز أداء المؤسسات، وتحسين جودة الخدمات، وإدارة أصول الدولة برؤية متطورة وشاملة. وأبرز ما يُجسِّد هذه الرؤية المتطورة هو جهاز الاستثمار العُماني، الذي تحدثنا عنه في المقال السابق؛ فهو بمثابة بوتقة اقتصادية عملاقة، ستعمل على توحيد جهود الاستثمار، وإعادة توجيهها بصورة تتلاءم مع السياسات الاقتصادية الجديدة التي تنتهجها رؤية "عُمان 2040"، خاصة وأنَّ الجهاز سيدير كافة الاستثمارات الحكومية؛ بما فيها الشركات المملوكة للحكومة بما يحقق الترشيد والحوكمة الحقيقية.

ومفهوم "عُنوان المرحلة" يتحقق في كل مرسوم أو توجيه أو أمر سلطانيٍّ سامٍ؛ فمثلا رغم الإجراءات الأخيرة بترشيد النفقات الحكومية، وتقليص الموازنات، إلا أنَّ الإرادة السامية الساعية نحو تحقيق الإنعاش الاقتصادي -في ظل ما تعرضت له السلطنة والعالم من ضغوطات اقتصادية غير مسبوقة؛ بسبب أزمتي كورونا والتراجع الحاد بأسعار النفط- تتجسَّد في التوجيهات السامية التي صدرت قبل أيَّام لتنفيذ مشاريع تنموية بـ300 مليون ريال؛ فعُنوان المرحلة الآن هو إنعاش الاقتصاد، وتفادي تداعيات الرُّكود، لذلك تأتي هذه المشاريع التنموية لتحريك عجلة الإنتاج، وتشغيل القطاعات بعد إغلاقات استمرَّت لنحو شهرين بسبب جائحة "كورونا". لذلك؛ نتوقع من هذه المشاريع النوعية -والتي من بينها: تطوير ميناء الصيد البحري بولاية دبا بمحافظة مسندم بتكلفة 40 مليون ريال- أنْ تُسهِم في تعزيز النشاط الاقتصادي؛ بما يعود على الوطن بالخير والنماء.

لقد أكَّد جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- الحرصَ على مُواصلة مسيرة التنمية والرخاء، وتعهُّد جلالته بتوفير كل ما من شأنه أن يدعم هذه المسيرة، ويعزز جهود الارتقاء بعُمان، وتوفير سبل الاستقرار لشعبها. وفي هذا السياق، يُمكن قراءة المرسوم السلطاني بإنشاء المكتب الخاص، الذي سيعمل على متابعة الكثير من الملفات الإدارية في الدولة، وعلى رأسها تنفيذ برامج ومشاريع رؤية "عُمان 2040"، فضلا عن التواصل مع مجلس الوزراء والمجالس الحكومية المختلفة حول المواضيع التي يأمُر بشأنها جلالة السلطان، إلى جانب مهام أخرى تُترجِم جهودَ إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة.

وتجلَّت انعكاسات تطبيق مفهوم "عُنوان المرحلة" مع صدور المرسوم السلطاني بإنشاء مركز الدفاع الإلكتروني، في خُطوَة تترجم الاهتمام السامي بالمستجدَّات التقنية في إطار التحول الكامل نحو الحكومة الرقمية، خاصة في أعقاب أزمة "كورونا"، التي سرَّعت وتيرة التحول الرقمي، ونجحت الحكومة في الكثير من قطاعاتها أن تُحقق مستويات متقدمة من التحول الإلكتروني؛ الأمر الذي يستلزم إنشاء مركز الدفاع الإلكتروني لحماية البنية الأساسية الرقمية، والدفاع عنها، وتهيئة الظروف الملائمة لها لكي تعمل وتتطور بعيدا عن أي تهديد إلكتروني. وقد كشفت أزمة "كورونا" عن مستوى التهديدات الإلكترونية، لذا؛ سعت الرؤية السامية لاتخاذ خطوة استباقية لدرء أي خطر إلكتروني محتمل على أنظمتنا الوطنية. وعلينا أن نتذكر أنَّ الاهتمام السامي بهذا الجانب تجلَّى أيضا بوضوح في الخطاب التاريخي في 23 فبراير الماضي، عندما أكَّد جلالته على أهمية "المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم؛ للاستفادة من الفرص التي يُتيحها هذا القطاعُ الحيوي؛ ليكون لبنةً أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني"؛ لذا أكد جلالته أن الحكومة الرشيدة "سوف تعمل على متابعة التقدم في هذهِ الجوانب أولاً بأول".

ويبىقى القول.. إنَّ "عُنوان المرحلة" ليس مجرَّد مفهوم أو شعار، بل هو نَهج مستقبلي قويم أَرْسَى دعائمه جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- ورسَّخ له وهيَّأ له المنطلق الصَّلب والمسار الواضح، لكي تنطلق عمان نحو الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار؛ ولكي تتحقق طموحات وآمال المواطن العُماني في كل قطاعات الدولة.