ترجمة- رنا عبدالحكيم
يتسابق المؤلفون في الولايات المُتحدة على إنتاج أعمال أدبية وروائية وسياسية واقتصادية حول أزمة تفشي فيروس كورونا، وتتفق جميعها على طرح الأزمة من منظور مختلف عمَّا نراه اليوم والعالم يُعاني وطأتها.
وصدرت نسخة رقمية من كتاب "مذكرات ووهان" للروائية فانغ فانغ، والذي تروي فيه تجربتها لمدة 60 يومًا تحت الإغلاق في الصين. وهذا الأسبوع سيصدر كتابًا إلكترونيًا بعنوان "لا مخرج.. رسائل كوفيد- 19"، بالتعاون مع مجلة "N+1". ويتضمن مجموعة تقارير من غرف الطوارئ في نيويورك، ومقالات عن الحياة تحت الحجر الصحي، وتفسيرات لكيفية تأثير الوباء على كل شيء من رأس المال العالمي إلى المُراقبة الرقمية.
وبحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ففي نهاية مارس راسلت أليس كوين المديرة التنفيذية السابقة لجمعية الشعر الأمريكية، 125 شاعرًا في أنحاء الولايات المتحدة، متسائلة عما إذا كان أياً منهم قد كتب نصوصا تعكس أوضاع الحياة أثناء الوباء. وانهمرت الردود عليها كالسيل، وبعد 40 يومًا، جمعت كوين كتابًا يحتوي على 85 قصيدة عن العزلة والحزن والملل والشوق والأمل، بما في ذلك عمل لبيلي كولينز وجين هيرشفيلد وكاميلا عائشة مون وجيني شيه وماثيو زابرودر.
ونشرت دار Knopf أمس مجموعة "معًا في مُفاجأة غريبة.. استجابة شعراء أمريكا للوباء"، وهو كتاب إلكتروني، في حين تصدر النسخة المطبوعة في نوفمبر المقبل. وقالت كوين "نحن في لحظة مأساوية، ويعيش الجميع هذه الدراما معًا". وأضافت "بعض هؤلاء الشعراء مصابون بالفيروس، وبعض الشعراء لديهم أقارب في المستشفى وكثير منهم فقدوا أصدقاءهم الأعزاء".
ومجموعة الشعر جزء من حزمة جديدة من الكتب التي تمَّ تجميعها بسرعة حول الوباء. وبعد 3 أشهر من أكبر أزمة صحية وأزمة اقتصادية في العالم، يتسابق المؤلفون والناشرون لإنتاج مؤلفات عن تفشي الفيروس التاجي، مع أعمال تتراوح من السرد باستخدام علم الأوبئة ومؤلفات السيرة الذاتية للحجر الصحي، إلى الأدلة الروحية حول التعامل مع الحزن والخسارة، إلى كتاب عن المعضلات الأخلاقية والفلسفية التي أثارها الوباء، وهذا الأخير من تأليف الفيلسوف السلوفيني سلافوي زيزيك.
وستنظر العديد من الكتب القادمة في العواقب الاقتصادية الوخيمة لهذا الوباء، من بينها كتاب "حلول الظلام" من تأليف ليز هوفمان مراسلة صحيفة وول ستريت جورنال، و"إغلاق" بقلم آدم تووز، الذي يعتزم نشره في عام 2021.
والتقط ناشرون آخرون روايات تمَّ التحدث عنها، مثل رواية إيما جولدبرغ الباحثة في صحيفة نيويورك تايمز، عن طلاب كلية الطب في نيويورك الذين تخرجوا مبكرًا للمساعدة في علاج مرضى فيروس التاجي في المستشفيات المكتظة. إلى جانب كتب واقعية تسرد تجربة شخصية مثل كتاب بعنوان "الحجر الصحي! كيف استطعت النجاة من كورونا"، وهو للروائي جاي كورتر، الذي كان من بين ركاب سفينة سياحية رست قبالة سواحل اليابان، بينما انتشر فيروس كورونا بين الركاب والطاقم. وفي أغسطس المُقبل، ستصدر مجموعة "كيف نعيش الآن" لبيل هايز، وهي مجموعة من الصور المصغرة والصور التي توثق شوارع نيويورك المهجورة.
وتركز الكتب القادمة الأخرى على الفيروس نفسه، من بينها "المريض رقم صفر"، وهو مجموعة من دراسات الحالة والتاريخ الطبي لكيفية انتشار كوفيد-19 وبعض الأمراض المُعدية الأخرى في العالم، وأعدته الطبيبة ليديا كانغ والصحفية نيت بيدرسن، والذي سيُنشر في العام المُقبل. فيما يعتزم الكاتب العلمي ديفيد كوامن إصدار كتاب يستكشف فيه كيف تأصل كوفيد-19 في البشر وانتشر بسرعة كبيرة.
وترى الصحيفة في تقريرها عن هذه الإصدارات، أن نشر كتب عن كارثة لا تزال تتكشف معالمها- في ظل أسباب ونتائج غير مُؤكدة- يحمل الكثير من المخاطر للمؤلفين والناشرين. ومع طرح العديد من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها حول الفيروس، وكيفية انتشاره، ومتى يُنتج اللقاح، فإنَّ الأعمال التي يتم الإعلان عنها وكتابتها على مدى الأشهر القليلة المُقبلة قد تكون- لاحقاً- قديمة أو غير صحيحة بشكل واضح ومؤثر عند نشرها. علاوة على أن شدة التداعيات الاقتصادية والسياسية لا تزال مجهولة إلى حد كبير.
وثمَّة تحد آخر، وهو بيع كتاب عن موضوع من المحتمل أن يتم تغطيته بشكل شامل من كل زاوية يمكن تخيلها. ومن غير الواضح ما هي الرغبة الشديدة التي تتولد لدى القراء للغوص العميق في جائحة لا نزال نعيشها ونقرأ عنها.